كامل الكيلاني والهراوي وريادة أدب الأطفال في العالم العربي
كامل الكيلاني والهراوي
وريادة أدب الأطفال في العالم العربي
حاتم عبدالهادي السيد
لقد بدأت الخطوة الكبيرة في مسيرة أدب الأطفال في هذا العصر في العقد الثالث من هذا العصر، عندما ظهر اثنان من الرواد لهذا الأدب وهما محمد الهراوى (1885 – 1939 م) و كامل الكيلاني (1897 – 1959م) وعندما بدأ الهراوى بالكتابة للأطفال كان يعلم أن مناخ الأدب والثقافة عامة. ولذلك أصبح موضع سخرية من بعض الأدباء، ولكنه مضى قدما في طريقه لتربية نابتة الجيل وتوجيههم وجهة طيبة صالحة.
وأول ما كتبه الهراوى للأطفال منظومات قصصية بعنوان سمير الأطفال للبنين عام 1922م ، ثم سمير الأطفال للبنات عام 1924م في ثلاثة أجزاء، ثم أغاني الأطفال في أربعة أجزاء. وكتب قصصا نثرية كثيرة، وواضح فيما كتبه بروز الهدف وسهولة العبارة ، ووضوح المعنى وجمال الأسلوب. يقول في إحدى صوره الشعرية عن التلميذ.
أنا في الصبح تلميذ وبعد الظهر نجار
فلي قلم و قرطاس و إزميل و منشار
وعلمي إن يكن شرفا فما في صنعتي عار
فللعلماء مرتبة و للصناع مقدار
ثم جاء كامل الكيلاني الذي يعده أكثر الباحثين الأب الشرعي لأدب الأطفال في اللغة العربية وزعيم مدرسة الكاتبين للناشئة في البلاد العربية كلها.
يقول عنه عبد التواب يوسف وهو كاتب مشهور من كتاب أدب الطفل: وأشهد أنه رائد ورائع بكل المقاييس. وأنه صاحب منهج فيما قدم، ولم يعتمد على أدب الغرب فحسب، بل إن أعماله العربية تشهد له بالوعي، كما كان له فضل السبق في تقديم أعمال أفريقية وهندية لأطفالنا جنبا إلى جنب جاليفر وروبنسون كروزو.
واهتم الكيلاني بتحبيب اللغة العربية للأطفال، وكان يتدرج في الكتابة حسب سنوات العمر، ويحاول إيقاظ مواهبهم واستعداداتهم ويقوي ميولهم وطموحهم وينتهي بهم إلى حب القراءة والمثابرة عليها. وترك سلاسل كثيرة فظهرت ( مكتبة الطفل ) بأكثر من مائتي قصة، وأخذ من التراث العربي والإسلامي، ومن الثقافات الأخرى الغربية والشرقية، وكتب في السيرة النبوية ” مجموعة من حياة الرسول صلى الله عليه وسلم.
وكان يدرك أن الطفل يحتاج لعقله ومشاعره إلى شتى الطعوم – كما يحتاج جسده لأنواع الفيتامينات – فكتب لتغذية العقول والتفكير و لتنشيط الخيال، ولتربية الوجدان والمشاعر، ولتهذيب النفوس، ولإمتاع الصغار.
واهتم بشكل الكلمات واختيار الألفاظ لتزويد الأطفال بثروة لغوية، وتدرج بهم ليصلهم بتراثهم. وكان يسير على منوال المثل الأسباني في قصة حي بن يقظان الذي يقول: بأن إمراة أسبانية كانت تحمل عجلا صغيرا كل يوم وتصعد به السلم وتهبط، وكبر العجل حتى صار ثورا و هي على عادتها، تحمله كل يوم دون أن تتأثر لأنها لم تحس بالزيادة الطفيفة التى كانت تزيد كل يوم للعجل، ولذلك كان يحرص على أن تكون اللغة التى يكتب فيها للطفل أرقى من مستواه قليلا حتى يستفيد بمحاكاتها.
ثم ظهر عدد من الكتاب منهم حامد القصبي الذي كتب في عام (1929م) التربية بالقصص لمطالعات المدرسة والمنزل وهي قصص مترجمة مع شئ من التصرف وكان هدفه تربويا لذلك وزعتها وزارة المعارف في مدارسها آنذاك.
ثم اتسع الاهتمام بهذا الأدب وشارك فيه كثير من الأدباء والشعراء والقصاص مثل الشاعر محمود أبو الوفا و عبد الرحيم الساعاتي والقصاص عبد الحميد جودة السحار وعطية الإبراشي وسيد قطب ومحمد أحمد برانق و عبد اللطيف عاشور و محمد سليم وعطية زهري وأحمد مختار البزرة وإبراهيم عزور ووصفي آل وصفي وأحمد نجيب وأحمد بهجب ونبيلة راشد وجمال أبو رية وإبراهيم شعراوي ونادر أبو الفتوح وغيرهم..
المراجع والمصادر :
علي الحديدى، في أدب الأطفال، ص 241، ط6، مكتبة الأنجلو المصرية القاهرة 1992م
المصدر السابق، ص 243
سعد ظلام، شوقي والطفولة، ص 6، مجلة كلية اللغة العربية، جامعة الأزهر العدد الرابع 1986م
علي الحديدى، في أدب الأطفال ، ص258، ط6، مكتبة الانجلو المصرية القاهرة
المصدر السابق، ص 260
هيفاء شرايحة ، أدب الأطفال ومكتباتهم، ص 26، دارالبشير للنشر والتوزيع عمان
عبد التواب يوسف، الطفل والشعر، ديوان كامل الكيلاني للأطفال، الهئية المصرية القاهرة 1988م
علي الحديدى ، في أدب الأطفال، ص 265 – 266 مكتبة الأنجلو المصرية القاهرة.