المرأة العربية في رواية كيميا
المرأة العربية في رواية كيميا
حاتم عبدالهادي السيد :
حكايات كيميا ، حكايات / وليد علاء الدين ، حكاية المرأة العربية المظلومة ،مقابل أسطرة التاريخ للرجل ، لمولانا جلال الدين الرومى عبر القداسة الهائلة ، الا أنها مشوبة بتمييز ، وهى رواية الواقع السحرى،الذى تتبدّى فيه المعادلات الموضوعية، والضمنية، والترميزية،والتراكبية ، والتواترية، والاسقاطية،والتغايرية ،متشابكة ، حيث يندغم ،ويتماهى، ويتشابك،ويتعالق : الموضوعى بالرمزى ، والواقعى بالمتخيل ، العام بالخاص،والحقيقى بالحالم،العقل والجنون،الحلم واليقظة،والمكان عبر الزمان،والزمان المندغم فى الحتميات،واللانهائى الممتد. وكأنها رواية تستنطق مابعد حداثة الواقع،وتأتى كذلك فى قالب تراثى،يعبّرعن الأصالة والمعاصرة معاً، ويفتح الأفق للتخييل ، ولما هو هناك ،خلف ظاهر النص،حيث حديث مولانا فى :”المثنوى” عن الديانات / اليهودية ، المسيحية ، الاسلامية ، وحيث زرادشت يقابل بوذا،ويعبر معهما علاء ولى الدين،الى القارىء ،الى التاريخ ، بعيداً عن الحتميات ، وكأنه يكسر جوقة التاريخ الجامدة ، ليطلعنا الى الماضى، فى صورة الحاضر ، والى المستقبل الكونى للانسانية،للعشق الالهى،للظلم التاريخى، والى السيرة الذاتية ،لكيميا – التى تمثل الشهادة الكبرى ،على التاريخ الانسانى ، على القيم،والمقدس والجميل،الظلم الكبير لشخص البراءة / المرأة / الطفولة / العشق المتمثل فى صورة كيميا النبيلة الرائعة .
انها الرواية التى تعيد لنا ذكرى نشأة المذاهب الاسلامية الكبرى ، وتحكى تاريخ العشق ومسيرة مولانا جلال الدين الرومى ، فى قونية ،عبر المثنوى،وأدب الرحلة،والرسائل ، والسيرة التى جسّدتها : كيميا : فتاة النور والنار ،والحلم والتصوف ، والغياب ،الظلم الانسانى عبر التاريخ ، وغير ذلك .
انها كيميا ،كما يقول علاء الدين : ” طعنة فى جسد الفكرة . باب تأتى منه الريح لتديرالسؤال فى العقول ” .( الرواية ص :206 ) .
انه فى النهاية يشيد بالرومى ، بأشعاره ، يعتذر له ، لأنه أراد اختراق أسطورته ، ليحيلنا الى واقع ذواتنا ، الى الظلم الكبير ،الى المثنوى ، الى كلمات جلال الدين الذى – كأنه يعيش بيننا الآن : (يبدو أن تهييج الشعب،هو رهان السلطة منذ الأزل . ولا يملك السحرة لذلك سوى الكلمات التى يجب أن تقول ولا تقول ،فيتوارى المعنى خلف من بيده الحجاب ” . ( الرواية ص :210 ) .
انها الأصوات المتداخلة ، الحاضر بالماضى ، حكايات آخر الزمان ، حكمة الراوى ، فلسفته ، ، صوت الريح ، ايقاع “التهويدة ” – الأم التى تهدهد طفلتها – يقول :” يخرج فى آخر الزمان رجال يختلون الدنيا بالدين ، يلبسون للناس جلود الضأن من اللين ،ألسنتهم أحلى من السكّر،وقلوبهم قلوب الذئاب ” . الرواية ص :215 ) .
انه أدب الرحلة من دبى الى استنبول ، الى قوطية ، الى العشق الالهى ، الى الشاعر الكبير ، المحب الامام / جلال الدين الرومى ، والى كيميا ، عبر بيزنطة القديمة ،أسطنبول ” – الآن – أو القسطنطينية ،الأستانة ،اسلامبول الرومانية ،البيزنطينية ،اللاتينية،العثمانية،التركية . وهى رحلة عبر مدارج العشق التاريخى، فى معية العاشق الكبير /جلال الدين الرومى ، و ( كيميا ) ابنة النور والحلم ، عاشقة وملهمة الكاتب ، فى هذه الرواية الباذخة .
وكيميا – كما أرى – هى الرواية الأشهى ، الرواية الأهم ، التى تعكس روح الانسان عبر مسيرة العشق ، عبر واقعه بمتناقضاته ،عبر القيم الكبرى للانسانية ،كما أنها الرواية التى تجسّد صرحاً شاهقاً لأدب الرحلات ، أدب الرسائل ، أدب السيرة ، أدب الذات ،عبر رحلة الكاتب الرائع / وليد علاء الدين ، الذى يظهر ويختفى ،خلف ظاهر النص،ليحيلنا الى ذواتنا الانسانية الشاهقة،الى الماهيات والأسئلة الكبرى الأولى : الحياة ، الموت ، الحب ، العشق، الحقيقة ، البرهان ، النور، الانسان بكل تاريخه ، ومسيرته الكونية المهيبة ،عبر الكون ،والعالم ، والحياة .
• كيميا ، وليد علاء الدين ، رواية ، دار الشروق .2020 م .