الكاتب حاتم عبدالهادي السيد يكتب : الكتابة والرفاهية الإنسانية
عندما قيل بأن الكتابة لا يمكن أن تكون نابعة إلا من رفاهية، ثارت الطبقات البرولتيارية ضد هذه التوجهات لاعتبارات انسانية بحته قد مستها في توجهاتها الفكرية، وفي وضعها، فكان التباهي بالقيمة على المادة، وبالأخلاق على الشيوع الأخلاقي أو الانحلال فيها سمي باختلال النظم والمذهبية أو حتى بالشذوذ في المجتمعات الرأسمالية مقابل المجتمعات الاشتراكية أو حتى الديمقراطية كمذهب وتوجه.
إن النظر الى سيكولوجية الجمهور من منظور اجتماعي في ظل القيم الانسانية والمعتقدات المتعارف عليها قد يجنح بالجمهور الى رفض أو قبول العمل الأدبي أو المنتج القرائي الاستهلاكي وذلك للمحافظة على الكينونة العامة للمجتمعات وتماسكها مقابل موجات التفكك والأفكار التي تحاول النَّيلْ منها لإخضاعها لتوجهات قد تضرب بها في العمق، ومن ثم تنخرط في عالميتها.
لقد سعت أوروبا للحفاظ على مركزيتها المتمثلة في أنظمتها الفكرية ومعتقداتها وبالضرب على أي محاولة للخروج أو الانسلاخ من تلك المركزية فكان رفض التيارية داخل أنظمة الحكم، وخضعت حتى الأعمال الأدبية لمنطق الأيدلوجية للمحافظة على النزوع الفكري من الإنزياح أو التخلخل الفكري، ومن ثم التخبط والانخراط في ثقافة الآخر
لذا حرصت المجتمعات الأوروبية -حتى في اعلانتها- ورسائلها الاعلامية الى المحافظة على الهوية الأوروبية، كما سعي اليهود لإلصاق نزعة السامية بهويتهم والدفاع عنها، مع أن العرب من المجتمعات السامية، إلا أن المصطلح اتجه الى اليهود لتغليبهم الهوية والمركزية للحفاظ على المعتقد والكيان.
.
ولكن هل سعى الجمهور الأدبي العربي، أو الخطاب العربي لمثل تلك المركزيات؟نحن الآن إذن أمام قضية تتعلق بالإبداع من جهة، والتلقي من جهي أخرى، ويصبح الكاتب والقارئ طرفين جريحين للنص، ولا نقول نقيضين.
إن الكاتب يسعي ليصل مضمون نصه الى ذهنيه القارئ، كما يسعي القارئ لقراءة ما أراده الكاتب خلق السطور، وهنا تتداخل الإشارة والايحائية وسيكولوجية القارئ ومزاجيته وحالاته الانفعالية فإما أن تكون لصالح النص، أو ضده، ولكن مع كلٍ يبقي النص هو النص، وتبقي جدلية العلاقة بين الكاتب والقارئ رهينة لخلود النص أو انتفاءه، ولكن مع كل هذه المعطيات تبقي جدلية العلاقة قائمة، وهنا ينطلق الخيال وتتعدد الرؤى في عالم النص الأدبي.






