المزيدثقافة و فنمقالات
أخر الأخبار

المقهى هو الحياة رئة العالم ومتنفس الأدباء.. كورونا وأثرها علي مقاهي المثقفين في مصر

كتب: حاتم عبدالهادي السيد
عضو اتحاد كتاب مصر

لا شك بان المقهى يمثل رمزية كبيرة في حياة المثقف والمبدع؛ فأنا شخصياً لا أكتب إلا وأنا جالس على المقهى، الذى أصبح الجلوس فيه طقساً من طقوس الكتابة، بل لا يستقيم الموضوع إلا بعد أن تأخذ ركناً وتنتحى به عن العالم ن لذا قلت :
لقد كان أبى شيخاً يطيع الله ورسوله
ويشعل إن كواه البرد أخشاباً بنارجيلة .

والمقهى في ثقافة المصريين طقس ومكان للقاء، ولدى كمبدع واحة للإفضاء والبوح ، لذا فالمقهى هو العالم والكون والحياةن وهو رئة المبدع التى يتنفس من خلالها مع الأرجيلة طعم الحرية؛ ويؤدى الجلوس هناك إلى شعور المبدع ببراح منفتح للكتابة، ولا شك أن ما لاقيناه من قرار اغلاق المقاهى قد جعلنا في قلق؛ بل اختلف طقس الكتابة تماماً ن ولعل جلوسنا في البيت قد أدى إلى ظهور أدب المنزل / البيت/ أدب السكون والصمت، والضجيج كذلك، فأصبح المبدع يتيماً ، لا يقابل الأصدقاء، ولا يكتب سوى أدب العزلة والسكون كما أسميت ذلك في مقالاتى ؛ واغلاق المقاهى نعمة ونقمة للمبدع ، فأنت ترى العالم من حولك وأنت ترصد حركة الحياة كبندول الساعة وتموسق الزمان عبر المكان في المقهى، بخلاف المنزل الذى ينتج انعزالية عن الواقع والمجتمع؛ وإن كان مفيداً كذلك . وأنا أقول لا إبداع للكاتب في مصر تحديداً دون الجلوس في المقهى الذى يمثل كوناً صغيراً ن وعالماً مملوء بالحيوية والحركة وديمومة الحياة.

لقد أثر اغلاق المقهى على نفسيتنا، وأخرجنا من طقس الكتابة الديمومى إلى براح مغاير، مختلف، له مذاق آخر، لكنه ليس بمذاق نكهة القهوة في المقهى حتى طعم القهوة ونكهتها تختلف في المقهى عن شربها في البيت.

ولكننى مع ذلك لم أركن إلى الصمت والسكون وكانت فرصة وتجربة مغايرة للكتابة بدون نارجيلة وأصداق وتأمل العالم في شوارع الحياة الثقافية، فالمقهى هو بيت المبدع التنويرى، وليس مكاناً للتنزه لديه، ولكنه وسيلة للخروج من شرنقة البيت إلى أفق أكثر براحاً وحضوراً ، لذا كان المقهى له الدور الأغلب والأهم فقد كتبت معظم دواوينى، بل وكتبى النقدية والأنثروبولوجية وكتب التراث وأنا جالس أحتسى القهوة العربية البدوية الأصيلة في أرجاء سيناء أرض القمر والثقافة وشاطى الإبداع الممتد .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى