المزيد

صدام حسين المجيد: رئيس العراق الذي لن يتكرر

صدام حسين المجيد: رئيس العراق الذي لن يتكرر

بقلم عبدالرحمن محمود

يُعدّ صدام حسين المجيد، الذي تولى رئاسة العراق من عام 1979 حتى 2003، أحد الشخصيات التي لا تزال تثير جدلاً واسعًا في التاريخ العربي والعالمي. حيث كان شخصية محورية في العصر الحديث، سيطرت على أحداث المنطقة لعقود. ورغم التنوع في الآراء حوله، سواء أكانت مؤيدة أو معارضة، لا يمكن إنكار أن صدام حسين كان شخصية استثنائية يصعب تكرارها في تاريخ العراق أو المنطقة بشكل عام.

 

نشأته وصعوده السياسي

 

وُلد صدام حسين في 28 أبريل 1937 في قرية العوجة بمحافظة صلاح الدين، لعائلة فقيرة. بدأ حياته السياسية مبكرًا، حيث انضم إلى حزب البعث العربي الاشتراكي في شبابه، وبفضل طموحه وذكائه السياسي، صعد بسرعة في صفوف الحزب. بعد عدة أحداث معقدة، بما في ذلك محاولة اغتيال فاشلة ضد الرئيس أحمد حسن البكر، أصبح صدام حسين نائبًا للرئيس في عام 1968، ثم تولى رئاسة العراق في عام 1979 بعد استقالة البكر.

 

حكمه وصورة العراق تحت قيادته

 

كان حكم صدام حسين يتميز بالسلطة المركزية المطلقة، حيث تركزت كافة السلطات بيديه، وفرض رقابة صارمة على الدولة والمجتمع. من جهة، شهد العراق في عهده تطورًا ملحوظًا في مجال البنية التحتية والتعليم والصحة، حيث عمل على تنفيذ مشاريع ضخمة لتحسين أوضاع البلاد. كما كان يولي اهتمامًا خاصًا للقطاع الصناعي والزراعي، واحتفظ العراق في عهده باحتياطات ضخمة من النفط، مما جعل الاقتصاد العراقي يشهد نمواً نسبيًا مقارنة ببعض الدول الأخرى في المنطقة.

 

من جهة أخرى، كان حكمه يقوم على القمع الشديد للمعارضة الداخلية، حيث كان يستخدم الأجهزة الأمنية العسكرية لفرض سيطرته على الشعب، بل وحارب أي توجه معارض لنظامه. استعمل صدام حسين القوة العسكرية في العديد من الحروب، كان أبرزها الحرب مع إيران التي دامت من 1980 حتى 1988، والتي أسفرت عن ملايين من القتلى والمصابين، وكذلك غزو الكويت في 1990، الذي أدى إلى تدخل تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة لتحرير الكويت.

 

سياسات صدام حسين وتأثيرها على المنطقة

 

تُعتبر سياسات صدام حسين العسكرية وأيديولوجيته السياسية جزءًا من صورة معقدة أوجدها في المنطقة. كان يروج لنفسه كقائد قومي عربي يعارض الهيمنة الغربية في الشرق الأوسط ويؤمن بوحدة الأمة العربية. وكان العراق في عهده لاعبًا رئيسيًا في السياسة الإقليمية، حيث كان يسعى لتأسيس قوة عراقية قادرة على التأثير في شؤون المنطقة.

 

ولكن تلك السياسات لم تخلُ من الأزمات. غزو الكويت في عام 1990 كان بمثابة نقطة تحول في تاريخ العراق، حيث أدى إلى فرض حصار دولي عليه، وعزل البلاد عن النظام العالمي لفترة طويلة. كما ألقت الحروب المستمرة والدمار على الاقتصاد العراقي بظلالها على الشعب العراقي، وجعلت البلد يعاني من تدهور في أوضاعه المعيشية.

 

النهاية والإرث

 

في عام 2003، وفي ظل الحملة العسكرية الأمريكية التي أُطلق عليها “الحرية للعراق”، تم الإطاحة بصدام حسين من السلطة بعد اجتياح العراق. تم القبض عليه ومحاكمته بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وأدين وأُعدم في 30 ديسمبر 2006.

 

ورغم وفاة صدام حسين، لا يزال إرثه مثار جدل. في نظر البعض، كان صدام حسين رمزًا للقوة الوطنية والدفاع عن سيادة العراق، بينما في نظر آخرين كان دكتاتورًا قاسيًا تسببت سياساته في أزمات مريرة للبلاد. مهما كان الموقف تجاهه، فإن صدام حسين يبقى واحدًا من الشخصيات التاريخية التي لن تتكرر في تاريخ العراق والمنطقة.

 

إن صدام حسين المجيد كان شخصية فريدة في العديد من جوانبها، وحكمه شكل فترة تاريخية فارقة مليئة بالتحديات والصراعات التي ستظل تثير الاهتمام والتحليل في العقود القادمة.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى