أخبارتقارير و تحقيقاتشئون عالمية

هل تشهد سوريا حربا بالوكالة بين تركيا وإسرائيل؟..تفاصيل

 

في الثاني من إبريل 2025، قامت إسرائيل بشن سلسلة من الهجمات الجوية المكثفة على عمق الأراضي السورية، مستهدفة مناطق حيوية في حمص وحماة وجنوب دمشق، بالإضافة إلى عمليات برية في درعا. الهجمات استهدفت عدداً من المنشآت العسكرية المهمة، بما في ذلك مطارات ومواقع دفاع جوي وقواعد عسكرية، وأبرزها قاعدة “T4” الجوية. تأتي هذه الضربات لتكون واحدة من أعنف الهجمات وأوسعها أهدافًا منذ تولي الرئيس الانتقالي أحمد الشرع الحكم في سوريا في يناير 2025. رغم أن إسرائيل اعتادت شن غارات جوية على سوريا، فإن ضربات إبريل 2025 تميزت بتوقيتها وأهدافها السياسية والعسكرية، ما يثير تساؤلات حول دوافع هذا التصعيد.

أسباب التصعيد ودوافعه العسكرية

تستمر الأحداث في الشرق الأوسط في التعقيد، حيث تسعى إسرائيل إلى تعزيز مصالحها الإقليمية عبر تصعيد الأعمال العسكرية، خاصة بعد عملية “طوفان الأقصى” في أكتوبر 2023. لم تقتصر إسرائيل على الهجمات ضد حزب الله في لبنان وقطاع غزة، بل واصلت توسيع عملياتها في الجنوب السوري، لا سيما في درعا والقنيطرة. الحكومة الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو استفادت من الدعم الأمريكي غير المحدود، مما منح تل أبيب فرصة لزيادة نفوذها الأمني في المنطقة وتعديل معادلات الصراع لصالحها.

الجانب العسكري من الهجمات الإسرائيلية يهدف إلى إبقاء سوريا دولة ضعيفة بلا سيادة حقيقية على أراضيها. من خلال استهداف البنية العسكرية الأساسية، تسعى إسرائيل إلى منع النظام السوري الجديد من استعادة قوته العسكرية وامتلاك أسلحة قد تهدد أمنها. بالإضافة إلى ذلك، تسعى إسرائيل إلى تقليص إمكانية إنشاء نظام قوي في سوريا يعمل على مواجهة مصالحها الاستراتيجية، وذلك بتقسيم الأراضي السورية إلى مناطق نفوذ تتيح لها تعزيز وجودها في الجنوب السوري.

التحديات الإقليمية والتنافس التركي الإسرائيلي

في الوقت ذاته، يشهد الصراع الإقليمي تحولاً كبيرًا مع تعزيز التواجد التركي في سوريا، خاصة بعد توقيع اتفاقات دفاع مشترك بين تركيا وسوريا في يناير 2025. تركيا تسعى إلى زيادة نفوذها العسكري في المنطقة من خلال إعادة تأهيل الجيش السوري، وهو ما يثير قلقًا في تل أبيب. إسرائيل ترى في التوسع التركي تهديدًا مباشرًا لأمنها، خصوصًا في الجنوب السوري، حيث تعتبر تركيا نفسها ضامنة لاستقرار سوريا وتسعى لمواجهة محاولات إسرائيل لفرض هيمنتها على الأراضي السورية.

على الرغم من التصعيد العسكري الإسرائيلي، فإن رد الفعل التركي ظل هادئًا نسبيًا، حيث أكدت أنقرة أنها لا تسعى للصدام مع إسرائيل، لكن في نفس الوقت أعربت عن قلقها من تأثير الهجمات الإسرائيلية على الاستقرار السوري. تواصل إسرائيل تنفيذ عملياتها العسكرية لتحقيق أهدافها الاستراتيجية، بينما تسعى تركيا إلى الحفاظ على التوازن بين دعم الاستقرار في سوريا والتصدي لتوسع إسرائيل.

البعد الاقتصادي والصراع على الموارد

وراء التصعيد العسكري، يتجسد صراع خفي على المصالح الاقتصادية في سوريا، خاصة فيما يتعلق بمصادر الطاقة مثل الغاز والنفط. تركيا تعمل على إعادة ترسيم حدودها البحرية مع سوريا، وهو ما قد يشكل تهديدًا مباشرًا للأمن البحري الإسرائيلي. في المقابل، تسعى إسرائيل إلى بسط نفوذها على المنطقة لضمان سيطرتها على الممرات الاقتصادية الاستراتيجية، خصوصًا بعد سقوط نظام الأسد، مما يعكس التنافس الكبير على موارد المنطقة.

مستقبل التفاعل الإقليمي: الإدارة أم التصعيد؟

المرحلة القادمة قد تشهد محاولة من كل من تركيا وإسرائيل لإدارة الصراع في سوريا، حيث يسعى كل طرف إلى تعزيز مصالحه دون التصعيد نحو مواجهة مباشرة. من جهة، تسعى تركيا لإظهار نفسها كضامن لاستقرار سوريا ومنع تقسيمها، بينما تحاول إسرائيل فرض معادلة أمنية جديدة تضمن مصالحها في حال حدوث مفاوضات مستقبلية مع الحكومة السورية الانتقالية. هذه التفاعلات ستظل رهينة المتغيرات الإقليمية، وقد تقود إلى تفاهمات تحت رعاية أمريكية، ما يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التعاون والتنافس في آن واحد.

تسود المنطقة حالة من التوتر المتصاعد بين تركيا وإسرائيل في سوريا، وهي مسرح جديد للتنافس بين الدولتين في ظل صراع معقد على المصالح الأمنية والاقتصادية. في الوقت الذي يسعى فيه كلا الطرفين لتحقيق مكاسب استراتيجية، تبقى أسئلة عديدة حول تطور هذا الصراع في الأشهر القادمة واحتمالات تحوله إلى مواجهات مفتوحة.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى