قوانين بالية وتحديات مناخية.. بهاء أبو شقة يدعو لإصلاح تشريعي عاجل لمواجهة التصحر وتطبيق الاقتصاد الأزرق في مصر

وسط تحذيرات متزايدة من تبعات التغيرات المناخية التي تضرب العالم، دعا المستشار بهاء أبو شقة، وكيل مجلس الشيوخ، إلى إصلاح تشريعي جذري يعالج أوجه القصور القانونية التي تعوق قدرة مصر على التصدي لتحديات بيئية متصاعدة تهدد الأمن الغذائي والمائي، وعلى رأسها مشكلات التصحر وتراجع الموارد البحرية. حديثه جاء خلال جلسة عامة للمجلس ترأسها المستشار عبدالوهاب عبدالرازق، حيث شدد أبو شقة على أن الوضع الراهن لم يعد يسمح بالتقاعس، وأن القوانين الحالية أصبحت “بالية وعقيمة” ولا تواكب حجم الأزمة.
أوضح أبو شقة أن المناقشة التي طرحها المجلس بشأن آليات وزارة البيئة في التعامل مع الاقتصاد الأزرق والتصحر ونقص الموارد الغذائية ليست مجرد قضية بيئية، بل هي واحدة من أخطر تبعات التغير المناخي التي تهدد استدامة التنمية في البلاد. وقال إن مناطق مصر الساحلية تحديدًا أصبحت في مرمى خطر مزدوج، حيث تواجه تحديات في التكيف مع ارتفاع مستويات سطح البحر، إلى جانب مشكلات التلوث وفقدان التنوع البيولوجي.
وفي هذا السياق، أشار وكيل مجلس الشيوخ إلى أن قوانين البيئة والمحميات الطبيعية الصادرة قبل عقود، وعلى رأسها القانون رقم 102 لسنة 1983، لم تعد صالحة للتعامل مع طبيعة الكوارث الحالية، مستشهدًا بما حدث في الإسكندرية مؤخرًا من عواصف وسيول أربكت المواطنين في ظل غياب الاستعدادات القانونية واللوجستية اللازمة.
وأكد أن أزمة المناخ ستنعكس مباشرة على المحاصيل الزراعية ما لم تتحرك الدولة بشكل مؤسسي وعاجل، داعيًا إلى تشكيل هيئة قانونية من خبراء ومتخصصين لرسم رؤية تشريعية متكاملة تُترجم إلى نصوص حديثة وملزمة قادرة على خلق مناخ تشريعي يدعم التكيف المناخي ويخفف من المخاطر المستقبلية.
وحذر أبو شقة من أن استمرار العمل بالإطار القانوني الحالي يُعطل جهود مصر في تطبيق الاقتصاد الأزرق، مشيرًا إلى عدد من التحديات التي تتطلب تدخلًا عاجلًا، من بينها التلوث البحري الناتج عن الصرف الصناعي والزراعي غير المعالج، تأثيرات التغير المناخي، وضعف البيانات الدقيقة بشأن الثروات البحرية المصرية. واقترح إصدار قانون موحد للاقتصاد الأزرق يضم تحت مظلته كافة التشريعات المرتبطة بالبيئة البحرية، مع تشديد العقوبات على المخالفات، وتعزيز الشفافية في إدارة الموارد، وتحديث القوانين بما يتماشى مع الاتفاقيات البيئية الدولية.
وفيما يخص المحميات الطبيعية، أوصى أبو شقة بإجراء تعديل تشريعي يغلّظ العقوبات على من يعتدي عليها، بما يشمل الحبس الإلزامي في حالات الضرر الجسيم، وفرض غرامات مضاعفة وفقًا لحجم الأضرار، إلى جانب إصدار لائحة تنفيذية جديدة تكون مرنة وشاملة لكل محمية، مع احترام خصوصية كل منطقة.
واقترح كذلك إنشاء جهاز مستقل لإدارة المحميات يتمتع بسلطة تنفيذية ومالية كاملة، يعمل بالتنسيق مع وزارة البيئة، ويستخدم تقنيات حديثة للمراقبة والرصد والتقييم.
بهذه الدعوات، يوجه أبو شقة الأنظار نحو ضرورة تجاوز الخطاب البيئي التقليدي، والتحرك نحو بناء منظومة قانونية ومؤسسية أكثر صلابة وتقدمًا، قادرة على مواجهة تداعيات تغيُّر المناخ، وتحقيق التنمية المستدامة في وقت لم يعد فيه ترف الانتظار خيارًا.