أخبارتقارير و تحقيقات

هدنة غزة: تحركات مصرية مكثفة وانسحاب إسرائيلي جزئي من رفح

 

بعد أيام من التصعيد العسكري، دخلت هدنة غزة حيز التنفيذ وسط تحركات دبلوماسية وإنسانية مكثفة، وخاصة من الجانب المصري. وأكدت وكالة “رويترز” أن قوات الاحتلال الإسرائيلي بدأت انسحابها التدريجي من مدينة رفح جنوب قطاع غزة. تمهيدا لإعادة فتح معبر رفح الحدودي مع مصر. هذه الخطوة جاءت بعد صدور أوامر رسمية من القيادة الإسرائيلية بوقف إطلاق النار، ضمن الاتفاق الذي تم التوصل إليه بوساطة دولية وإقليمية.

من جهتها، سلطت صحيفة “وول ستريت جورنال” الضوء على استعدادات جماعات الإغاثة لاستغلال فترة الهدنة لتكثيف عمليات تسليم المساعدات إلى القطاع. وأوضحت الصحيفة أن الاتفاق ينص على دخول 600 شاحنة مساعدات يوميًا إلى غزة، بالإضافة إلى تسهيل حركة عمال الإغاثة، مما يشير إلى محاولة لتخفيف حدة الأزمة الإنسانية التي تفاقمت بفعل النزوح والجوع والأمراض.

ووفقًا لتقديرات الأمم المتحدة، فإن هناك نحو 80 ألف طن من المساعدات الغذائية جاهزة للدخول إلى القطاع، وهي كمية تكفي لإطعام مليون شخص لمدة ثلاثة أشهر. وعلى الجانب المصري من الحدود، اصطفّت مئات الشاحنات وعشرات سيارات الإسعاف استعدادًا لدخول القطاع المحاصر، فيما باشرت مصر تجهيز مرافقها لاستقبال الجرحى والمصابين الفلسطينيين.

التحركات المصرية شملت إرسال وزراء ومسؤولين إلى العريش ورفح للإشراف على عمليات المساعدة، بما في ذلك إصلاح معبر رفح من الجانب الفلسطيني لتسهيل دخول المساعدات بشكل سلس. ويُتوقع أن يسمح للفلسطينيين الجرحى بمغادرة القطاع عبر المعبر اعتبارًا من الأسبوع الثاني للاتفاق، مع ترتيبات لاحقة لعودة سكان غزة المتواجدين في الخارج.

كما أفادت وسائل إعلام مصرية اليوم الأحد بوصول 160 شاحنة مساعدات إلى معبري كرم أبو سالم والعوجة على الحدود مع قطاع غزة مع بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار.
ودخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في قطاع غزة في الساعة 11:15 بالتوقيت المحلي.

وذكرت قناة «القاهرة الإخبارية» على حسابها بموقع «فيسبوك»، أن 2000 شاحنة تحمل مساعدات إنسانية وبضائع على الجانب المصري من معبر رفح تستعد للدخول إلى أهالي غزة.

وأضافت أن الشاحنات تحمل مواد غذائية وملابس وإمدادات طبية وخياماً ومستلزمات نظافة ومواد إغاثة أخرى، مشيرة إلى استعدادات مصرية ضخمة لدخول مساعدات إنسانية إلى غزة.

إسرائيل تفرض شروطًا وتحذيرات وسط أجواء الهدنة

رغم تنفيذ بعض بنود الاتفاق، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في خطابه الأخير أن إسرائيل ستحتفظ بالسيطرة الكاملة على ممر فيلادلفيا الحدودي بين مصر وغزة. كما أشار إلى تعهد الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب بدعم إسرائيل من خلال رفع القيود على توريد الأسلحة، مما يبرز استمرار التنسيق العسكري والسياسي بين البلدين.

على الأرض، أوضحت وزارة الداخلية في غزة أن فرقها الأمنية جاهزة للانتشار في المناطق المدنية بمجرد دخول الهدنة حيز التنفيذ. وعلى الرغم من تدهور القدرات الإدارية لحكومة حماس بفعل الهجمات الإسرائيلية، فإنها تواصل إعادة تنظيم صفوفها واستئناف بعض الأنشطة الداخلية.

وفي الوقت ذاته، وضعت إسرائيل شروطا صارمة خلال فترة الهدنة. فوفقا للوسطاء، سيسمح لعدد محدود من عناصر الشرطة الفلسطينية باستئناف العمل داخليا، مع قيود تمنعهم من الاقتراب من المواقع العسكرية الإسرائيلية أو حمل السلاح إلا في ظروف محددة. كما أصدر المتحدث باسم جيش الاحتلال تحذيرات باللغة العربية لسكان غزة من الاقتراب من المناطق العازلة أو المواقع الإسرائيلية، في إشارة إلى استمرار حالة التأهب على الجانبين.

 

بينما تقدم الهدنة بصيص أمل لسكان القطاع المحاصر، تبقى العديد من الأسئلة معلقة حول مستقبل غزة في ظل الظروف الراهنة. فمع استمرار التحركات المصرية لتخفيف معاناة السكان، وفرض إسرائيل لشروطها الأمنية، يترقب الفلسطينيون بحذر ما ستؤول إليه الأوضاع في المرحلة المقبلة، وسط تحديات كبيرة لإعادة الإعمار واستعادة الحياة الطبيعية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى