غزة بعد الحرب: 42 مليون طن من الركام وتكلفة إعادة الإعمار تتجاوز 80 مليار دولار
بعد صراع مدمر استمر أكثر من 15 شهرا وأسفر عن مقتل 46 ألف شخص وإصابة أكثر من 110 آلاف آخرين. تدخل غزة مرحلة جديدة مع بدء تنفيذ وقف إطلاق النار. ليضع حدا مؤقتا لواحدة من أكثر الحروب تدميرا في تاريخ القطاع.
تواجه عملية إعادة الإعمار في غزة تحديات غير مسبوقة تعكس حجم الدمار الذي طال كل زاوية في القطاع. وفقا لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تسببت الحرب في تراجع الاقتصاد الفلسطيني بشكل كارثي. إذ انخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 35% منذ بداية الحرب، في حين انحدرت مستويات التنمية إلى ما كانت عليه في الخمسينيات من القرن الماضي.
تقديرات حجم الركام الناتج عن الدمار تشير إلى أرقام صادمة تصل إلى 42 مليون طن. وهو ما يعادل خطا من الشاحنات يمتد من غزة إلى أقصى نقطة في أميركا، أو من نيويورك إلى سنغافورة، حسب تقرير نشرته “بلومبرغ”. تكلفة نقل هذا الركام فقط تبلغ حوالي 700 مليون دولار. وهي عملية قد تستغرق سنوات طويلة لإتمامها. حتى الحلول البديلة، كإلقاء الركام في البحر، تواجه تعقيدات سياسية بسبب احتمال تغيير جغرافية القطاع وتوسيع مساحته، ما يجعل المسألة أكثر تعقيدا.
التكلفة الأولية
أما على مستوى التكلفة الإجمالية لإعادة إعمار غزة. فتشير التقديرات إلى أنها ستتجاوز 80 مليار دولار. تشمل هذه التكاليف بناء المنازل التي دمرت بالكامل، وترميم البنية التحتية، وإعادة تأهيل القطاع الزراعي، بالإضافة إلى إصلاح الأنظمة الصحية والتعليمية التي تأثرت بشكل كبير. تدمير المنازل وحده يمثل الجزء الأكبر من هذه التكاليف، إذ تحتاج إعادة بناء المساكن إلى حوالي 13 مليار دولار، بعد أن أدى الدمار إلى تشريد آلاف العائلات.
الزراعة، أحد الأعمدة الأساسية لاقتصاد غزة، تعرضت لخسائر فادحة، حيث دمر أكثر من 50% من الأراضي الزراعية. هذه الخسائر لا تقتصر على الجانب الاقتصادي. بل تلقي بظلالها على الأمن الغذائي للسكان. مما يزيد من معاناة القطاع الذي يعتمد بشكل كبير على الزراعة لتأمين احتياجاته الأساسية.
إضافة إلى ذلك، تضررت 70% من المدارس، والمستشفيات، والشركات، ما زاد من تعقيد حياة السكان اليومية. ومع ذلك، فإن التحدي الأكبر قد يكمن في النزاعات القانونية حول تحديد الملكيات، والتي قد تؤخر عمليات البناء لسنوات إذا لم يتم وضع إطار قانوني واضح للتعامل معها.
معركة اقتصادية وسياسية
إعادة إعمار غزة ليست مجرد عملية ترميم أو بناء، بل هي معركة اقتصادية وسياسية تتطلب تنسيقا دوليا وجهودا مشتركة من مختلف الأطراف. القطاع بحاجة إلى حلول مبتكرة ومستدامة لا تقتصر على إعادة بناء المباني، بل تمتد إلى إعادة بناء الحياة والأمل لسكانه. وبينما تتراكم التحديات، يبقى السؤال المطروح: هل سيشهد العالم استجابة توازي حجم الكارثة أم ستظل غزة أسيرة دمارها؟