لغز تشغيل التوربينات في سد النهضة.. حقيقة أم استعراض إعلامي؟..خبير يوضح

كتبت: رانيا سمير
كشف الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا بجامعة القاهرة، عن تفاصيل جديدة تتعلق بتشغيل التوربينات الكهربائية في سد النهضة الإثيوبي، وذلك في منشور عبر صفحته على “فيسبوك”، حيث أثار تساؤلات حول ما إذا كان تشغيل توربين جديد يمثل خطوة تشغيلية حقيقية أم مجرد رسالة طمأنة للشعب الإثيوبي.
بحسب التصميم الحالي لسد النهضة، فإنه كان من المقرر تركيب 16 توربينا، لكن تم تقليص العدد إلى 13 بعد إلغاء ثلاثة منها لعدم الجدوى الاقتصادية. الجناح الأيمن (الشرقي) من السد يضم التوربينات من 4 إلى 10، بينما يحتوي الجناح الأيسر (الغربي) على التوربينات من 11 إلى 16. وحتى الآن، تم تركيب أربعة توربينات، اثنان في عام 2022 (فبراير وأغسطس)، واثنان آخران في أغسطس 2024، جميعها في الجانب الأيمن. وكان من المفترض أن يتم تركيب ثلاثة توربينات إضافية في ديسمبر 2024 وفقا لإعلان رئيس الوزراء الإثيوبي، إلا أن ذلك لم يحدث.
لكن مع ظهور تدفق للمياه من حوض التوربينات على الجانب الأيسر من السد، ازدادت التكهنات حول احتمال اختبار تشغيل توربين جديد، خاصة أن إثيوبيا اعتادت إقامة احتفالات رسمية عند كل عملية تشغيل، وهو ما لم يحدث هذه المرة، مما يزيد من الغموض حول حقيقة الوضع.
من ناحية أخرى، انتهى الملء الخامس والأخير للسد في 5 سبتمبر 2024 عند منسوب 638 مترا فوق سطح البحر، بإجمالي 60 مليار متر مكعب. ومن المفترض أنه في حال تشغيل التوربينات، سيتم السحب من هذا المخزون بعد انتهاء موسم الأمطار في أكتوبر، لكن البيانات تشير إلى أن مستوى البحيرة لم يتغير، ما يعني أن المخزون لم يتناقص، وأن تشغيل التوربينات يعتمد فقط على الإيراد اليومي من المياه، الذي يقدر بنحو 20 مليون متر مكعب، وهو لا يكفي لتشغيل توربين واحد بكامل كفاءته.
ويرى شراقي أن خروج المياه من أحواض التوربينات لا يعني بالضرورة إنتاج الكهرباء، بل قد يكون مجرد تشغيل مؤقت لساعات محدودة، بهدف تمرير صورة مضللة عبر الأقمار الصناعية التي تراقب السد كل خمسة أيام، في محاولة لطمأنة الرأي العام الإثيوبي الذي ينتظر الاستفادة من السد منذ 14 عامًا.
أما على مستوى التأثير الإقليمي، فإن تشغيل التوربينات خلال الأشهر القادمة سيؤدي إلى تدفق المياه نحو السودان ومصر، وفي حال عدم التشغيل، ستضطر إثيوبيا إلى فتح بوابات المفيض العلوي لتصريف نحو 20 مليار متر مكعب في أبريل أو مايو، تحسبا لاستقبال نحو 42 مليار متر مكعب خلال موسم الأمطار الممتد من يوليو إلى أكتوبر، مع استمرار فتح المفيض العلوي أثناء هطول الأمطار.
ويبقى السؤال الأهم: هل تشهد المرحلة القادمة تشغيلا فعليا لتوربينات جديدة، أم أن الأمر لا يتعدى كونه رسالة سياسية تهدف إلى طمأنة الداخل الإثيوبي وإظهار تقدم في المشروع أمام المجتمع الدولي؟.