في خطوة لافتة تهدف إلى تعزيز الاستقرار المالي والاقتصادي في لبنان، عين مجلس الوزراء اللبناني يوم الخميس، المصرفي البارز والخبير في مجال إدارة الثروات، كريم سعيد، حاكما جديدا لمصرف لبنان، بعد حصوله على 17 صوتاً من أصل 24 وزيراً. تُعتبر هذه الخطوة بمثابة خطوة حاسمة في سبيل مواجهة التحديات المالية التي تواجه لبنان، وسط سعي جاد لإعادة الثقة في النظام المصرفي الوطني.
من هو كريم سعيد؟
كريم أنطون سعيد، الذي وُلد في عام 1964 في قرطبا، جبل لبنان، هو شقيق النائب السابق فارس سعيد، متزوج ولديه ثلاثة أولاد. أكمل سعيد دراسته في كلية الحقوق بجامعة هارفارد، حيث تخصص في قانون المصارف وأعد أطروحته حول قانون “غلاس-ستيغال” لعام 1933، الذي كان يهدف إلى فصل الخدمات المصرفية التجارية عن الخدمات المصرفية الاستثمارية في الولايات المتحدة.
مسيرته المهنية في القطاع المصرفي
بدأ كريم سعيد مسيرته المهنية في مجال القانون، حيث عمل في مكاتب محاماة مرموقة في نيويورك بين عامي 1989 و1995، حيث تخصص في الأوراق المالية والمعاملات المصرفية. بعد عودته إلى الشرق الأوسط، تولى منصب المدير العام للخدمات المصرفية الاستثمارية في بنك HSBC الشرق الأوسط بين عامي 2000 و2006. خلال تلك الفترة، قاد تنفيذ العديد من الصفقات الرائدة في المنطقة، مثل خصخصة شركات كبرى وعمليات طرح عام أولي.
في عام 2006، أسس كريم سعيد شركة “Growthgate Equity Partners”، حيث شغل منصب الشريك الإداري، وهي شركة متخصصة في إدارة الأصول البديلة، تركز على الاستثمارات في الشركات الخاصة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. من خلال هذه التجربة، عزز سعيد مكانته كأحد الخبراء البارزين في مجال الاستثمارات المالية وإدارة الأصول.
خبرته في التنظيم المصرفي والحوكمة
يحظى كريم سعيد بخبرة متعمقة في مجال اللوائح المصرفية، حيث عمل على نطاق واسع في إصدارات الأسهم والأوراق المالية المصرفية في لبنان. كما عمل بشكل وثيق مع مصرف لبنان وهيئة الأسواق المالية اللبنانية لضمان الامتثال للوائح المحلية. وقد شغل سعيد كذلك منصب رئيس لجنة التدقيق في أحد البنوك الإماراتية العاملة في لبنان، حيث أشرف على ضمان الامتثال التنظيمي وإدارة المخاطر، مما يعكس كفاءته في مجال الحوكمة المصرفية.
مساهماته في القطاع العام والخصخصة
بعيداً عن عمله في القطاع الخاص، لعب كريم سعيد دوراً محورياً في المعاملات المالية المتعلقة بالقطاع العام في منطقة الشرق الأوسط. كان له إسهامات كبيرة في عمليات الخصخصة، حيث عمل على صياغة وتفاوض قوانين الخصخصة مع المشرّعين والهيئات التنظيمية لضمان إنشاء وكالات رقابة مستقلة تضمن الشفافية والمساءلة في القطاعات المخصخصة حديثاً.
التحديات التي تواجهه في المرحلة المقبلة
مع توليه منصب حاكم مصرف لبنان، يواجه كريم سعيد العديد من التحديات الصعبة، أبرزها استعادة الثقة في النظام المصرفي اللبناني وإدارة الأزمة المالية الحادة التي تمر بها البلاد. تتطلب هذه المرحلة إصلاحات جذرية على مختلف الأصعدة، بما في ذلك تعزيز الشفافية واستعادة الاستقرار النقدي. وتُعقد آمال كبيرة على خبرته الواسعة في مجالي القانون والمصرفية لقيادة المصرف المركزي نحو سياسات مالية تهدف إلى تحفيز النمو الاقتصادي واستعادة الثقة في الأسواق المالية اللبنانية.
