بعد ظهورها في دار رعاية كبار الفنانين ..فاتن الحلو: سيدة السيرك التي اختارت الونس على الأضواء
فاتن الحلو: "اخترت دار كبار الفنانين لأحافظ على بناتي وكرامتي.. وهذا ليس هروبًا بل بحث عن الونس في خريف العمر"

في لحظة اختلطت فيها مشاعر الفخر بالحنين، أثارت الفنانة القديرة فاتن الحلو، المعروفة بلقب “سيدة السيرك”، جدلاً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي، عقب ظهورها المؤثر في المؤتمر الصحفي الخاص بـ”دار كبار الفنانين”، حيث قررت الانتقال للعيش هناك بإرادتها الكاملة. القرار الذي اتخذته الفنانة المخضرمة لم يكن مفاجئًا لمن يعرف عنها قوة شخصيتها وحرصها الدائم على كرامتها وحماية من تحب، بل كان بمثابة رسالة إنسانية مؤثرة تفيض بالحكمة والتجربة.
تحدثت الحلو خلال المؤتمر بصوت مفعم بالشجن والثبات عن تفاصيل رحلتها إلى “دار كبار الفنانين”، المؤسسة التي أسستها نقابة المهن التمثيلية بقيادة النقيب الدكتور أشرف زكي، وبدعم كريم من حاكم الشارقة سمو الشيخ سلطان القاسمي، لتكون مأوى وملاذًا إنسانيًا وفنيًا لكبار نجوم الفن في مصر، الذين قدموا حياتهم على خشبة المسرح وتحت أضواء الشهرة، قبل أن تتراجع الأضواء ويشتد وقع الزمن.
فاتن الحلو، التي لطالما تميزت بعطائها في فن السيرك العربي، لم تخجل من الاعتراف بأنها اختارت هذه الخطوة بملء إرادتها لحماية بناتها وحفيداتها من أعباء المرض وتكاليف الحياة، مؤكدة أن القرار جاء من حرصها على كرامتها وكرامة أسرتها، لا نتيجة إهمال من أبنائها. على العكس تمامًا، أشادت بدور ابنتيها، دهب الحلو وكاميليا الحلو، واصفة إياهما بأنهما كانتا السند الحقيقي في سنوات المرض الثلاثة، وتحملتا معها كل وجع وألم ومصاريف أثقلت كاهلهما وأثرت على مسار حياتهما وحياة أحفادها.
“أنا اخترت الدار بإرادتي، لأنني كنت أحتاج الأمان والونس.. بناتي لم يتركوني لحظة، لكنني فضّلت أن أعيش هذا الفصل من حياتي في مكان يحترم تاريخي ويوفر لي كرامة العيش”، بهذه الكلمات أوجزت الحلو دوافعها، مؤكدة أن قرارها لم يكن تخليًا عن مسؤولياتها بل حفاظًا على من تحب.
وتحدثت “سيدة السيرك” عن رحلة طويلة من الكفاح في عالم السيرك، بدأت مع زوجها الراحل الدكتور إبراهيم الحلو، أحد أبرز مؤسسي فن السيرك في مصر، والذي حصل على الدكتوراه في تدريب الوحوش من ألمانيا، وساهم في تأسيس السيرك القومي بمصر على أسس علمية وفنية. وقالت إن عائلتها حملت لواء هذا الفن على مدار عقود، قبل أن تتراجع مصادر الدخل بسبب المرض والمديونيات المتراكمة، وخاصة بعد أزمة كورونا التي أثرت على فروع السيرك الثلاثة التي كانت تديرها.
رغم الحزن الذي يرافق ذكريات المجد، لم تفقد فاتن الحلو الأمل ولا الامتنان. وجهت شكرها العميق إلى النقيب أشرف زكي، والفنان محمود عبد الغفار، رئيس الدار، وإلى جميع الأطباء والعاملين القائمين على رعاية كبار الفنانين، كما لم تنس الدعم الإنساني الكبير الذي قدمه الشيخ سلطان القاسمي، معتبرة إياه حجر الأساس في هذا المشروع الذي وصفته بـ”الواحة الحانية في صحراء الحياة”.
وفي ختام كلمتها، تركت الحلو رسالة مؤثرة للجمهور والعائلة: “لم أتهرب من الحياة، بل المرض هو من أرغمني.. وأنا اخترت أعيشها في مكان يمنحني كرامتي والونس اللي محتاجاه. شكرًا لكل من سأل عني، وشكرًا لكل من أحبني بصدق. دهب وكاميليا هما سندي، وبدونهم ما كنتش هقدر أكمل”.
بهذا المشهد الإنساني النبيل، تؤكد فاتن الحلو أن النجومية لا تُقاس فقط بحجم التصفيق، بل بقدرة الفنان على الاعتراف بضعفه، وقوته في اتخاذ قرارات تحفظ له كرامته وتمنح لمن حوله الأمان.. وفي خريف العمر، يبدو أن السيرك لم يخفت من قلب “سيدة الوحوش”، بل اختار فقط أن يرتاح.