أخبارشئون عالمية

من كاليفورنيا إلى تكساس: كيف امتد غضب المهاجرين في أمريكا؟

 

في تصعيد جديد يسلّط الضوء على التوترات المتصاعدة داخل الولايات المتحدة، اجتاحت الاحتجاجات ضد سياسات الهجرة الفيدرالية ولاياتٍ جديدة، كان أبرزها ولاية تكساس، حيث شهدت مدن كبرى مثل دالاس وأوستن تظاهرات حاشدة تُندد بحملات التوقيف والترحيل التي تشنها وكالة الهجرة والجمارك الأمريكية (ICE). وتمثل هذه التحركات امتدادًا لغضب شعبي متزايد تجاه الإجراءات الأمنية التي تطال المهاجرين غير النظاميين، وخصوصًا من الجاليات اللاتينية.

في مدينة دالاس، مساء الاثنين، احتشد نحو 400 متظاهر على جسر مارجريت هنت هيل، حاملين شعارات تطالب بإغلاق وكالة الهجرة الفيدرالية ووقف ما وصفوه بانتهاكات مستمرة لحقوق الإنسان. وقد شهدت التظاهرة تصعيدًا ملحوظًا حين أضرم أحد المحتجين النار في إطارات سيارات، مما دفع شرطة دالاس إلى إغلاق الجسر ونشر حواجز أمنية. سرعان ما اندلعت مواجهات بين المحتجين وقوات الأمن، التي استخدمت الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية لتفريق الحشود، في مشهد يعكس تنامي الاحتقان الشعبي ونفاد صبر قطاعات واسعة من المجتمع تجاه السياسات الفيدرالية الحالية.

الاحتجاجات التي انطلقت أساسًا من ساحات كاليفورنيا، وجدت لنفسها صدى قويًا في جنوب الولايات المتحدة، حيث شكّلت مدينة دالاس نقطة تحول في اتساع رقعة الغضب الجماهيري. وقد اضطرت قوات الشرطة إلى تعطيل حركة المرور في المنطقة لساعات، قبل أن تفضّ التجمع بالقوة وتعتقل عددًا من المتظاهرين، وسط إدانات حقوقية وتحذيرات من تصاعد التوتر.

أما في العاصمة التكساسية أوستن، فقد شهدت المدينة مساء اليوم نفسه مظاهرة طارئة أمام مبنى الكابيتول، نظّمها نشطاء من حزب الاشتراكية والتحرير، تضامنًا مع المحتجين في لوس أنجلوس بعد حملة اعتقالات موسعة استهدفت 118 مهاجرًا، وأسفرت عن وقوع عشرات الإصابات والاعتقالات. وجّه المنظمون عبر وسائل الإعلام المحلية دعوات للمواطنين بالوقوف مع عائلات المحتجزين، ورفض استخدام العنف ضدهم، مؤكدين أن الاحتجاج السلمي هو الوسيلة المثلى لمقاومة الإجراءات الفيدرالية القمعية.

لم تتوقف الدعوات عند حدود التضامن، بل تجاوزتها إلى مطالبات بوقف عمليات الترحيل الجماعي، وتقديم المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان إلى المساءلة القانونية. وقد اتسعت التظاهرات لاحقًا لتشمل مدنًا أخرى مثل هيوستن وسان أنطونيو، حيث شهدت هذه المدن مسيرات ووقفات احتجاجية سلمية، شاركت فيها أعداد كبيرة من أفراد الجاليات اللاتينية وتحالفات حقوق الإنسان، في مشهدٍ يعكس وحدةً نادرة بين مكونات المجتمع المدني الأمريكي في مواجهة السياسات الفيدرالية المثيرة للجدل.

وفيما عبّر المتظاهرون عن رفضهم لتصعيد عمليات الترحيل، جاء موقف الحاكم الجمهوري لتكساس، غريغ أبوت، على النقيض تمامًا؛ إذ أعلن دعمه الكامل لحملات الضغط من أجل تطبيق أكثر صرامة لقوانين الهجرة، مؤكدًا أن حماية القانون “أولوية قصوى”، ما يعكس الشرخ العميق بين السلطات المحلية والمحتجين بشأن ملف الهجرة.

التصعيد لم يتوقف عند حدود المواجهة الميدانية، بل انتقل إلى المستوى السياسي والدستوري، خصوصًا بعد دخول إدارة ترامب على خط الأزمة من خلال نشر قوات الحرس الوطني وتطبيق إجراءات عسكرية-مدنية في مواقع الاحتجاجات بعدة ولايات. وقد أثار ذلك نقاشًا قانونيًّا بين حكومات الولايات والسلطات الفيدرالية حول مدى قانونية هذا التدخل العسكري، في وقت يرى فيه مراقبون أن الإدارة تتجاوز صلاحياتها الدستورية، فيما يدافع آخرون عن حق الحكومة المركزية في حماية منشآتها ومصالحها.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى