هل بدأ الدعم الأمريكي لأوكرانيا في التآكل مع قرار ترامب تعليق تسليم الأسلحة؟

في خطوة أثارت جدلاً واسعًا داخل الولايات المتحدة وخارجها، كشفت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية أن إدارة الرئيس دونالد ترامب قررت تعليق تسليم شحنات أسلحة كانت مخصصة لأوكرانيا، وهو ما اعتبرته الصحيفة مؤشرًا واضحًا على تراجع الالتزام الأمريكي تجاه دعم كييف في حربها المستمرة ضد روسيا. القرار يأتي في توقيت بالغ الحساسية، تزامنًا مع تصعيد روسي متواصل واستمرار القصف الجوي العنيف على المدن الأوكرانية.
بحسب التقرير، فإن الشحنات كانت قد وصلت بالفعل إلى بولندا، وكانت تضم منظومات صواريخ باتريوت الاعتراضية وصواريخ جو-جو، وهيلفاير، وصواريخ أرض-أرض، بالإضافة إلى قذائف مدفعية وصواريخ ستينجر أرض-جو، قبل أن يصدر أمر بتحويلها لتعزيز المخزون الاستراتيجي للبنتاغون، في إشارة إلى أولوية ما تعتبره الإدارة الجديدة “التهديدات طويلة المدى” ومصالح أمنية ملحة في مناطق أخرى، على رأسها الشرق الأوسط.
اللافت أن وكيل وزارة الدفاع الأمريكية لشؤون السياسات، إلبريدج كولبي، تجنب التصريح المباشر بشأن قرار الوقف، لكنه أشار إلى أن الوزارة تدرس خيارات تضمن استمرار الدعم العسكري لأوكرانيا بما يتماشى مع رؤية الرئيس ترامب، التي تركز على إنهاء الحرب “بشكل سريع”، مع مراعاة جاهزية القوات الأمريكية.
إلا أن هذا التحول في الأولويات يضع تساؤلات عدة، خاصة بعدما كان ترامب قد ألمح قبل أيام فقط، خلال قمة حلف الناتو، إلى إمكانية بيع صواريخ باتريوت لأوكرانيا. تصريحات بدا أنها منحت كييف أملًا بدفعة دعم جديدة، لكن القرار الأخير باغت الجميع، وأثار حيرة لدى المحللين وصناع القرار، ممن اعتبروا الخطوة تناقضًا صارخًا مع الموقف العلني للرئيس الأمريكي.
أوضحت الصحيفة الأميركية أن هذه ليست المرة الأولى التي تُحول فيها إدارة ترامب أسلحة مخصصة لأوكرانيا إلى الاستخدام الأمريكي الداخلي، إذ جرى الشهر الماضي تخصيص صمامات تفجير لصواريخ مضادة للطائرات الروسية لصالح وحدات أمريكية في الشرق الأوسط، رغم أن تمويلها تم من قبل الكونغرس خصيصًا لصالح كييف. ووفقًا للبنتاغون، فإن القانون يمنحه صلاحية إعادة توجيه هذه الموارد بموجب بند في قانون الإنفاق الطارئ.
في مقابل الصمت الرسمي من بعض الجهات، تعالت أصوات النقد من داخل الكونغرس، لا سيما من كبار الديمقراطيين، الذين وصفوا القرار بأنه يُضعف دفاعات أوكرانيا في وقت حرج. السيناتور جين شاهين، العضو البارز في لجنة العلاقات الخارجية، اعتبرت أن ما يجري يعرّي كييف من أهم أدوات الدفاع الجوي بينما تتعرض لحملة جوية روسية “لا ترحم”.
في المقابل، اعتبر بعض المسؤولين السابقين في إدارة ترامب، مثل دان كالدويل، أن القرار يتماشى مع المصالح الأمريكية العليا، مشددين على أن أولوية واشنطن يجب أن تكون لحماية قواتها وتعزيز جاهزيتها، لا التورط في حرب “لا تمس مصالحها الحيوية بشكل مباشر”، على حد وصفه.
اللافت أن توقيت هذه التطورات يتزامن مع نبرة أكثر تصالحًا من جانب ترامب تجاه روسيا، حيث دعا مؤخرًا لإعادة موسكو إلى مجموعة الدول السبع، ورفض إجراءات تشريعية في الكونغرس تفرض عقوبات جديدة عليها، وهو ما يثير تكهنات حول توجهات السياسة الأمريكية في المرحلة المقبلة إذا استمرت الإدارة الحالية في موقعها أو فازت بولاية جديدة.
وبينما يستمر ترامب في تحميل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مسؤولية إطالة أمد النزاع، يبقى الموقف الأمريكي الرسمي ملتبسًا، بين تصريحات دبلوماسية توحي بالاستمرار في الدعم، وقرارات ميدانية تشير إلى العكس.