أخبارثقافة و فن

“علشان تبقي تقولي لاء”.. منار خالد تروي كيف تتحوّل كلمة “لا” إلى سبب للإقصاء في بيئة العمل الثقافية

كتبت: رانيا سمير

في منشور مطول كتبته عبر حسابها الشخصي على فيسبوك، روت الكاتبة والناقدة المسرحية منار خالد تجربتها مع أحد المهرجانات المسرحية التابعة للإدارة العامة للمسرح، حيث ظلت تشارك لسنوات طويلة في إعداد النشرات اليومية دون أن تتوانى عن أي مهمة، ملتزمةً بالمواعيد وعدد الكلمات والعروض المخصصة لها دون نقاش، حتى تلك التي لا تبدأ في موعدها أو تقام في أماكن صعبة الوصول.

 

لكن التحول – بحسب روايتها – بدأ عندما قررت الإدارة نقل العروض إلى مسرح القناطر الخيرية، بدلًا من المسارح المعتادة مثل “السامر” و”روض الفرج”، دون توفير وسائل مواصلات كافية أو مكان آمن للإقامة، خصوصًا للعاملات.

 

تقول منار إنها استجابت في البداية، وذهبت كما طُلب منها إلى “مسرح السامر” حيث استقلت باصًا تابعًا للإدارة. لكنها وبعد انتهاء العرض الأول فقط، وجدت نفسها مضطرة لمغادرة المكان وحدها، لأن الباص لن يتحرك إلا بعد العرض الثاني الذي كان متأخرًا بدوره. وتضيف:

“قضيت ساعات في محاولة الرجوع، واقفة في طريق سفر، أتعرض لمضايقات، ومعي ممثلة شابة لا تعرف طريق العودة، إلى أن تدخل أحد أصحاب المحال ووقف بجانبنا حتى تمكّنا من ركوب وسيلة مواصلات”.

 

المشهد الذي وصفته منار يضع علامات استفهام كبيرة حول سلامة العاملات في المهرجانات الفنية، خاصة حين تضطر الواحدة منهن للوقوف في طريق شبه خالٍ للعودة إلى بيتها، دون وجود أي تدبير من إدارة الفعالية.

 

وعندما قررت أن تبلغ رئيس تحرير النشرة – الذي تربطها به علاقة عمل طيبة وسابقة طويلة – أنها لن تستطيع الذهاب مجددًا، تفاجأت برد مقتضب: “براحتك”. وعندما سألته إن كان يرغب في معرفة السبب، جاء رده: “أنا مش بغصب حد على الشغل”.

 

ورغم أن الحوار بينهما عاد إلى الود لاحقًا، إلا أن منار فوجئت بعد انتهاء المهرجان بمنشورات شكر لجميع العاملات، تحديدًا اللواتي حضرن رغم بُعد المسافة، وذكر مناطق سكنهن، في ما بدا – حسب وصفها – تلميحًا لمن تغيّب عن الحضور.

 

“المقلق في رأيي مش بس الإقصاء، لكن فكرة أنك لما تحاول تقول لأ بهدوء وذوق، يتم تصويرك كأنك متدلع، وإن اللي قادرة تمشي فوق التعب كأنها بطلة قومية، واللي قالت لا عشان خايفة على نفسها، تبقى ناكرة للجميل.” تقول منار، متسائلة عن غياب أي نقاش حقيقي حول “بيئة العمل الآمنة”، وفتح الباب أمام العاملين والعاملات لمناقشة تنظيم المهرجانات، والضغط على الإدارات لتوفير الشروط الإنسانية قبل الاحتفاء بما تصفه بـ”التحمل البطولي”.

لكن حكاية منار مع “الرفض” لا تقف عند حدود المهرجان الأخير، بل تعود لعامين مضيا، حين أوفدتها الإدارة العامة للمسرح ضمن لجنة تحكيم لعروض الأقاليم، وهناك اصطدمت بواقع أشد قسوة. فرغم التزامها الكامل بالعمل والمواعيد والمهام، تقول إنها تعرضت لمضايقات متكررة من أحد أعضاء اللجنة، الذي استغل سلطته المهنية وتعامله المباشر ليُمارس عليها وصاية مهنية وتحرّشًا مبطنًا. تضيف أن الأمور بلغت حد الإهانة المباشرة حين قال لها: “أنتي مش متربية… وأنا هربيكي”، مما اضطرها لرفع مذكرة رسمية وتقديم شكوى مفصلة. ورغم الوعود باتخاذ إجراءات حاسمة، تم احتواء الموقف مؤقتًا، فقط لتُفاجأ لاحقًا بتجميدها تمامًا عن أي نشاط لاحق داخل الإدارة، بلا تفسير واضح، وكأن الدفاع عن كرامتها كان جرمًا يستوجب الإقصاء.

في النهاية، تعتبر منار خالد أن ما تعرّضت له ليس “عُشر” ما يمكن أن يُقال في ملف الإقصاء والاستنزاف داخل المؤسسات الثقافية، وتختم منشورها برسالة واضحة:”خدمة الثقافة ربما تكون مهمة، بس مش أولوياتي أبدًا، أولوياتي هي نفسي وأماني”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى