أخبارتقارير و تحقيقات

صوت البطون يعلو على صوت الحرب..غزة تقترب من الموت الجماعي

 

“إذا لم تدخل المساعدات خلال 48 ساعة.. فتجهزوا لأكبر جريمة موت جماعي في التاريخ!”. صرخة اختنقت بالضعف، أطلقها أحد سكان غزة عبر مواقع التواصل، في محاولة أخيرة لإنقاذ الأرواح. لم تكن الكلمات مبالغة، بل وصفًا دقيقًا لما يحدث في الشوارع والمخيمات، حيث لا طعام، لا ماء، ولا أمل في وجبة تسدّ الرمق.

 

الصور لا تكذب

في الصورة الأولى، تتدلّى فتاة هزيلة من فوق حاجز خشبي، تمسك بيد مرتجفة قدرًا معدنيًا فارغًا، بينما تحدّق بعينين شاردتين في اتجاه المطبخ الجماعي. حولها عشرات النساء والأطفال، يمدون أيديهم بنفس القدور الفارغة، في مشهد مؤلم يكشف حجم الجوع والقهر.هذه الصورة ليست من مجاعة الأربعينيات، بل من غزة في  2025.

صفوف طويلة من الجياع

في الصورة الثانية، نرى طابورا طويلا من الناس المتدافعين، كل منهم يحمل قدرا أو إناء صدئا، يتمنى أن يملأه بأي شيء. خلفهم، جدران مهدمة، وسقف مفتوح على السماء، لا يدل فقط على الخراب العمراني، بل أيضًا على خراب الأمن الغذائي.

يقول أحد السكان:”نحن نعيش المجاعة منذ أسابيع طويلة. أجسادنا أصلاً هزيلة، أكثر من عام ونصف من الحرمان، وأكثر من شهرين على شبه مجاعة كنا نأكل فيهم الحد الأدنى من الخبز، دون أي عناصر غذائية”.

العيون تذرف البخار

في الصورة الثالثة، شاب يصرخ بلهفة وهو يمد قدره ليملأه بمغرفة طعام ساخنة، بينما يحيط به أطفال ورجال، يتدافعون من خلف الساتر الخشبي. يخيم على الصورة بخار كثيف، لكنه لا يخفي ملامح الخوف والرجاء. وقدور من كل الأشكال، وكلها تتشابه في كونها فارغة.

ويضيف أحدهم بصوت مخنوق:”أنا معي المال، لكنني بحثت طويلا ولم أجد شيئًا يؤكل. أما الأطفال… فقد جهزوا لهم الأكفان!”

 

 كارثة إنسانية كاملة الأركان

المشاهد المتكررة كل يوم لم تعد تحمل طابعًا استثنائيًا. المجاعة لم تعد خطرًا قادمًا، بل واقعًا نعيشه منذ أسابيع. الطفل الذي لا يجد حليبًا، المرأة التي تفقد وعيها من الهزال، والرجل الذي يقضي يومه ليفتش عن رغيف خبز لأسرته — كلهم قصص متكررة في غزة، المحاصَرة، المنسية.

لم يعد أمام سكان غزة شيء ليخسروه. الأفران مغلقة، الأسواق خالية، والمساعدات ممنوعة من الدخول. ما تبقى هو الأمل الأخير أن يسمع العالم هذه الصرخة:”أعلنوا للعالم أن غزة تمرّ بأصعب مراحل الحرب.. لا تطلقوا صفة المجاعة على ما بعد الموت فقط.”

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى