المال السياسي والأثرياء الجدد: من يسرق الانتخابات ويقود الفوضى الحزبية؟

بقلم/ الكاتب والسياسي سيد حسن الأسيوطي
منسق ائتلاف احنا الشعب ورئيس منتدى السلام العربي
رغم صدور بيانات نادي القضاة ونادي مستشاري النيابة الإدارية، وتأكيد الهيئة الوطنية للانتخابات على نزاهة العملية، إلا أن الواقع على الأرض كشف مشهدًا انتخابيًا عبثيًا شاهده المواطن بعينيه وقرأه في قرارات الهيئة بالإلغاء وإعادة الاقتراع لبعض الدوائر، ومنها محافظة قنا بالكامل.
هذا المشهد لم يخلُ من تجاوزات فجة وفوضى المال السياسي، مع تدخل الأثرياء الجدد في كل تفاصيل العملية الانتخابية. لم يعد الأمر مجرد حملات انتخابية يمولها بعض المرشحين، بل أصبح اختراقًا مباشرًا للعمل الحزبي: شراء ولاءات، تمويل قيادات، والتحكم في قرارات الأحزاب. وهكذا تحولت بعض الكيانات الحزبية من منصات للتعبير عن الشعب إلى أدوات لخدمة مصالح قلة من أصحاب الأموال، وكأن الحزب أصبح مشروعًا تجاريًا بامتياز.
حين يُترك المال بلا ضوابط ويتدخل مباشرة في الحياة السياسية والحزبية، يصبح الحزب واجهة قانونية فارغة، والقرار الحقيقي بيد من يملك الثروة لا من يملك الفكرة أو التاريخ النضالي الوطني. هنا يكمن سر المشهد العبثي الذي شاهدناه: سياسة تُدار بمنطق الصفقة، والمواطن يتحول إلى متفرّج أو ضحية.
الحقيقة الواضحة أن تيارات المال السياسي وبعض اللوبيات المالية أصبحت لاعبًا أساسيًا في إفساد الحياة الحزبية، وتحويل السياسة إلى سلعة، والحزب إلى مشروع استثماري. فالمال حين يتضخم بلا ضابط ولا رقابة، يفسد السياسة كما يفسد الضمير.
وإذا أردنا إصلاح ما أفسده المال السياسي، فلا يكون ذلك بالشعارات ولا بالمجاملات، بل بإرادة قوية وقرارات شجاعة من الجميع: مواطنين وأحزابًا ومؤسسات الدولة المعنية. نحن بحاجة إلى رقابة وتشريعات رادعة، ومؤسسات فعّالة لضمان التطبيق الفعلي ومحاسبة المخالفين دون استثناء، ومعايير صارمة في تشكيل القوائم واختيار المرشحين، تُقدّم الكفاءة والنزاهة على الجاه والثراء.
فإما أن تبقى السياسة بيد أصحاب المبدأ والفكرة والضمير، وإما أن نرضى بعهد تُدار فيه الأوطان بمصالح الأثرياء على حساب الشعب والمصلحة العامة للوطن.
ومصر، بتاريخها العريق وشعبها العظيم، أكبر من أن تُترك أسيرة لتيارات المال السياسي والفوضى الانتخابية التي شوّهت قيمها ومؤسساتها.
لذلك، نناشد كل الجهات المعنية بإعادة النظر فيما حدث، واتخاذ خطوات عملية لتطهير الأحزاب السياسية، من أجل مصر ورفعتها، ومن أجل شعبها العظيم. ومسؤولية كل مواطن أن يرفع صوته ويشارك في حماية مستقبل وطنه.
حفظ الله الوطن، وتحيا مصر بوحدتها دائمًا وابدا.






