تقارير و تحقيقات

المعاهد القومية بين رسالة التعليم ومصالح المنتفعين

 

 

حسام حفني

 

لم تنشأ مدارس المعاهد القومية لتكون وسيلة للنفوذ أو بابا لتحقيق مكاسب شخصية بل لتقديم خدمة تعليمية راقية تخضع للقانون والرقابة والمساءلة غير أن الواقع داخل بعض هذه المؤسسات يكشف عن ممارسات تثير تساؤلات خطيرة حول إدارة المال العام وآليات تداول السلطة

 

ينص الإطار القانوني المنظم لعمل المعاهد القومية على أن عضوية مجلس إدارة المدرسة أو رئاستها تنتهي بتخرج الابن أو الابنة وذلك حفاظا على النزاهة ومنعا لتضارب المصالح إلا أن هذا المبدأ يتم التحايل عليه بوسائل متعددة من بينها التلاعب بالولاية التعليمية وعضوية الجمعية العمومية بما يخالف روح القانون

 

تشير شكاوى عاملين وأولياء أمور إلى تمرير تنازلات شكلية عن الولاية التعليمية وعضوية الجمعية العمومية لأشخاص لا تربطهم صلة قرابة بالطالب في ممارسات توصف بأنها قائمة على المصالح والمال بهدف الإبقاء على أشخاص بعينهم في مواقعهم الإدارية لسنوات طويلة

 

وتبرز مدرسة المنار القومية بالإسكندرية كنموذج مثير للجدل حيث تفيد الوقائع بأن رئيس مجلس إدارتها أحمد فتحي عليوه ما زال يشغل المنصب رغم تخرج ابنته منذ سنوات وذلك اعتمادا على منظومة تزكية مغلقة لا تتيح انتخابات حقيقية أو منافسة عادلة

 

وتوضح المتابعات أن الإعلانات الخاصة بالانتخابات إن وجدت لا تنشر بالوسائل التي تكفل تكافؤ الفرص لتخرج النتائج في صورة تزكية بلا منافس وهو مشهد يتكرر داخل نقابة المعاهد القومية والبحث العلمي التي يترأسها الشخص نفسه منذ سنوات

 

كما تشير المعلومات إلى أن النقابة لا تمتلك مقرا فعليا يمكن للمرشحين التوجه إليه بينما يدرج عنوانها الرسمي داخل كلية فيكتوريا القومية بالإسكندرية وفي المواعيد المحددة لتقديم أوراق الترشح يؤكد متابعون عدم وجود ممثل فعلي للنقابة لتسلم الطلبات رغم أن رئيس النقابة يشغل في الوقت نفسه منصب نائب مدير الكلية

 

وبذلك تجتمع في يد شخص واحد عدة مواقع مؤثرة تشمل رئاسة مجلس إدارة مدرسة ومنصبا إداريا رفيعا بكلية قومية ورئاسة نقابة يفترض أنها تمثل العاملين وهو وضع يثير تساؤلات مشروعة حول تضارب المصالح وحدود النفوذ في ظل غياب رقابة واضحة وفعالة

 

ولا تقتصر الإشكاليات على الجوانب الإدارية بل تمتد إلى إهدار المال العام حيث يشكو عاملون من حالات فصل تعسفي طالت عددا منهم بسبب خلافات في الرأي وانتهت بأحكام قضائية بالتعويض تسدد من أموال المدارس نفسها وليس من أموال متخذي القرارات ما تسبب في خسائر تقدر بملايين الجنيهات

 

وفي ضوء هذه الوقائع يطالب العاملون وأولياء الأمور بتدخل عاجل من وزير التربية والتعليم وفتح تحقيق شفاف وإعادة هذه المؤسسات إلى مسارها الطبيعي بحيث تكون الإدارة تكليفا مؤقتا لا سلطة دائمة ويصان المال العام باعتباره أمانة

 

فالمعاهد القومية أنشئت لخدمة التعليم ولا يجوز أن تدار بمنطق الغنيمة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى