مقالات

مَورِد بَشري مُتعِب، ومَورِد بَشري مُتعَب

بقلم :أحمد القاضي

مقالة أكاديمية تخصصية

“القيادة الناجحة ليسَت في إلقاء الخُطب أو الفوز بإعجاب الناس، القيادة هي النتيجة وليست زَهو السِمات” بيتر داكر

إن دور الأسرة عبر العصور ومنذ تكوينها في بدأ الخليقة وحتى اليوم هو تقديم عُنصر بشري مُفيد ومُؤثر في الحياة، حيث أن دور الأب والأُم لهو دورٌ فاعلٌ في تكوين وتقديم مورِد بشري للمُجتمع. ومن بعدها تأتي الأدوار التعليمية للمدرسة والمعهد والجامعة والمراكز التكميلية المتخصصة أيضاً.

وبما أن أهمية الأسرة تكْمُن في أنّها تبني شخصية العُنصر البشري إجتماعياً ونفسياً لكي يكون قادراً على القيام بدُوره في المستقبل، بحيث يُصبح المورد البشري قادراً على تحمّل المسؤولية، فيتمّ تعزيز قيم ومبادئ الإحترام والتقدير لذاته وللآخرين، فإذا ضَعُفَت اللبِنة الأولى في المجتمع وهي الأُسرة ضَعُف أساس الفرد ونقطة إرتكازه ممّا يؤدّي إلى مُعاناة المجتمع ككُل من الإنحطاط الفِكري والإنساني في العلاقات الإنسانية وغياب التكامل الإجتماعي بين مختلف أوساط المجتمع فيما بعد.

ومن خلال دراسات الموارد البشرية التخصصية يتبين لنا نَوعان من الموارد البشرية داخل بيئة العمل فهناك شخصيات مختلفة ومستويات مختلفة، بعضها جيد والآخر غير جيد.

والموظفون الجيدون يميلون إلى أن يكونوا واثقين من أنفسهم بدرجة كبيرة، وفي الغالب يرغبون في السيطرة على أنشطتهم الخاصة. ومن ثم يظهر لنا كمقدمي خدمات الإدارة البشرية في الشركات هاتين الفئتين من الموارد البشرية:

  • مَورِد بَشري مُتعِب: وهو المورد البشري الأكثر إستفزازا ًوإرهاقاً

أحد الموظفين في الشركات أو في الأعمال الحرة قد يكون غير مؤهل لسد إحتياجات الوظيفة أو يكون لديه من القُدرات ما يُمكنه من القيام بتلك المهام ولكنه مُتمرد بطبعُه أو يتعامل بأسلوب لا يليق مع أقرانه وحتى مُديريه في بعض الأحيان، ومن هنا يندرج تحت كَونه مورداً بشرياً مرهقاً لمن يقوده فتظهر من خلفه العديد من المشكلات ويُصدر دائماً الأزمات لرؤساؤه في العمل وهو بذلك بحاجة لبعض الخطوات التي من واجبنا كقائمين على ادارة الموارد البشرية القيام بها لإصلاح هذا العُنصر إن تُمكنا من ذلك فنعم الإدارة هي وذلك من خلال النقاط التالية:

 

  1. لابد ألا نتجاهل المشكلة ويجب مواجهتها سريعاً فإذا تسبب الموظف في حُدوث مشكلات داخل بيئة العمل (حتى لو لم يُدرك هو ذلك)، فمن المهم جداً معالجة المشكلة بسرعة، فتجاهل المشكلة على أمل أن تحل المشكلة نفسها مع مرور الوقت يبدو حلا غير واقعي ومن قد يضع ثم المدير نفسه في موقف صعب للغاية.
  2. التحدث مع ذلك الموظف المتعب على انفراد حيث انه يمكن حل معظم المشكلات فقط من خلال مُحادثة بسيطة على إنفراد. ففي هذه المحادثة، يمكن أن تكتشف ما الذي يُزعج موظفيك بالضبط، وتستطيعون سوياً إيجاد حلول لهذه المشكلة، والأهم من هذا أنك ستثبت أنك قائد حكيم يهتم بموظفيه. مع وجوب إختيار نغمة حديث متناسقة تجمع بين قائد رحيم وعطوف وأيضا قائد لا يسمح أبداً بالتمرد والعِناد.
  3. جعل الموظف المتعب يفهم تأثير سُلوكه على من حوله ففي بعض الأحيان، لا يفهم الموظف العنيد المتعب أن ما يفعله خطأ، لأنه لا يعرف كيف يتصرف في العمل وأحيانا يكون على دراية بتصرفاته لكنه غير مهتم. وفي حالة إستمر تمرد الموظف وعصيانه للأوامر والتعليمات فقد حان وقت الخطوة الرابع وهي..
  4. وضع الحدود وفرض العواقب فلا ننسى أن المدير له كامل الصلاحيات والإحترام، لذلك فلابد من القيام بوضع الحدود للسيطرة على تلك النوعية من الموظفين والبدأ الفوري في فرض العقوبات أمر حتمي .فإذا كانت العواقب مؤلمة فبالتأكيد سيرغب الموظف المتعب المتمرد في تجنبها قدر الإمكان، لكن إذا إستمر المدير في التحذيرات فقط فستفقد تلك العقوبات فعاليتها مع مرور الوقت. وقد تلجأ كمدير أحيانا للخطوة الخامسة وهي..

5. طلب المساعدة من الإدارة العليا ففي بعض الأحيان قد يواجه الموظف المتمرد المشاكس تعليمات قائده (خصوصا إن كان قائداً جديداً) بعدائية. ويحدث هذا الأمر كثيراً في حالة كان القائد الجديد قد إرتقى من الزملاء ضمن السلم الوظيفي أو ضمن نفس الفريق بالذات. وأسهل طريقة للتعامل مع هذا النوع من الموظف المتمرد هو طلب المساعدة والنصيحة من الإدارة العليا. وفي الغالب ما يحدث هو أن فرداً من الإدارة العليا يعيد تقديمك وبحزم للموظفين من أجل السيطرة على الوضع بشكل مباشر وذلك قبل اللوجوء للخطوة الأخيرة إجباراً في بعض الحالات للأسف وهي..

6.  طرد الموظف المتعب المتمرد المشاكس في الأخير يبقى هذا الخيار متاحاً، بالرغم من أنه ليس دائما الأكثر فعالية. فيجب أن تترك تلك النوعية من القرار للحالات القصوى فقط، عندما يكون الموظف قد إستنفذ كل المحاولات وفقد الإتصال بالواقع ولا يمكن لأي شيء آخر التأثير عليه.

 

  • مَورِد بَشري متعَب: وهو المورد البشري الأكثر إحتياجاً للمُساعدة والشفقة أحياناً

دون أدنى شك هذا المورد البشري هو الكَنز الحقيقي في كل عمل، وبه ترتقي المؤسسة أو تنهار، لكنه في المقابل وتحت الضغط الذي دائماً ما يتعرض له من هؤلاء المديرين الغير محترفين وغير المؤهلين للإدارة، فهو مُعرضٌ في كل لحظة أن يُصبح عنصرًا خاملًا كسولًا أو قل “واقعيًّا” يعمل فقط من أجل الحصول على الراتب الشهري دون أي اضافات ويبتعد عن أضواء العمل رويداً رويداً مع العلم بأنه يستحق الكثير والكثير، فتصبح كل انتاجيته منزوعة الدسم خالية من الابداع والتطوير.

في بعض الشركات وخصوصا الشركات الفردية أو الشركات الأسرية إلا القليل منها يكون الموظف المجتهد “فقط” بعيداً عن دائرة القرار والترقي وآخر ما قد يتحصل عليه هو ثناء مُغلف بإبتسامة صفراء اللون عند مداخل الأسانسيرات أو في الطُرقات بينما لاعِقي النِعال وقارعي الدفوف كذابي الزفاف هم من يتصدرون المشهد ويتحصلون على كل المميزات سواء نقدية أو عينية، وهنا يبرُز دور المدير القائد الذي يحاول ريثما كان وبقدر المستطاع أن يُحافظ على هذا العنصر الذبلان ويبذل مجهوداً مضاعفاً من أجل تلميع دوره وتوصيل مردود أكبر لإمكاناته لدى من هُم على طاولة الإدارة العُليا بطريقة مُهذبة ومحترفة في ذات الوقت.

من اليسير أن يحمل المرء أطناناً بالإحترام والتقدير، ولكن من العسير حمل حَبة أرز بالإجبار والتكدير.”

وأخيراً.. نؤكد على معنى الحديث الشريف للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم..

(أَلَا إن كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ، وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ، أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ)

أي أن كل مدير راعٍ ومسئولٌ تماماً عن الحفاظ على جناحي العدالة مفردوين قد امكانه فيستظل بهما كل أفراد طاقم العمل دُون مُواربة أو مُجاملة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى