حاتم عبدالهادي السيد :
صفاء النجار واحدة من المبدعات المصريات التي دخلت مجال القصة القصيرة من أوسع أبوابه؛ وفي مجموعتها القصصية ” الحور العين تفصص البسلة” نراها تجمع ألوانًا مغايرة من السرد المكتنز الجميل .
وفى قصتيها ” فى انتظار ما قد أتى، في انتظار من قد يأتى ” نلحظ متتالية للقص ، تكاد تكمل بعضها البعض ، فالقضيتان تتحدثان عن ثورة 30 يونيو وما بعدها .
وتتالي مجموعتها لتعبر عن الواقعية الإجتماعية التي تأطر للواقع المصري، بل والواقع العربي الممتد. وأحسب أن الكاتبة تتماهي مع قصص الكًتَّاب الكبار : يحيى حقي، نجيب محفوط، احسان عبدالقدوس في رصد الظواهر الإجتماعية، وفي رسم صورة للواقع في الريف والمدينة معًا ، كما تؤطر ببراعة ورصد واقعي سحري للحياة المصرية القديمة والمعاصرة، وتستدعي أدق التفاصيل لموضوعات قصصها، دون أن يشعر القاريء بأي ملل، بل تماهيه وتجعله أسير قلمها المتدفق .
وتبدو لغة القص أقرب إلي الواقع والبساطة حينًا، لكنها لغة شاعرة – كما وصفها عباس العقاد – أو هي اللغة الثالثة التي تًطوع اللغة لإستراتيجية القص، فيعيش القاريء عبر جماليات التصوير في قلب الحدث، بل ويبدي التعاطف، ويسقط الدموع من أجل المواقف الإنسانية الكثيرة التي تقدمها هذه المجموعة الرائعة .
إن الحديث عن المجموعة يحتاج إلي الكثير من الدرس النقدي، لكنني ألمحت إلي بعض المواقف النفسية والإنسانية البسيطة، وإن كانت المجموعة تحفل بكثير من هذه الصور الرائعة كذلك .
وفي النهاية : يمكن القول بأن المبدعة / صفاء النجار استطاعت اعادة انتاجية التراث الإنساني الواقعي للمجتمع المصري، وعرجت إلي كثير من صور الحياة التي يصعب علينا تخيلها، وكأنها تستعيد الموروث القصصي لجيل العمالقة الكبار، وتضيف إليه أبعادًا زمكانية ممتدة، بل وترفده بأحداث واقعنا المُعاش عبر قصصها التي تتحدث عن الثورة المصرية الحالية وما نتج عنها من أحداث واسستتباعات أثرت – كذلك – في مسيرة الواقع الأدبي ، وفي الحياة بصفة عامة .
تظل المبدعة الجميلة أ./ صفاء النجار مبدعة متمايزة، لا تتكلف الكتابة، بل تنقلها لنا عبر ذاتها التي تمثل النهر الدافق إلي قلوب القراء، وربما كان الصدق الفني هو أحد أسباب تمايزها عن كثير من مبدعات جيلها، لتنضم إلي مسيرة الإبداع المصري والعربي كأحد أهم كتاب القصة الحديثة المعاصرة .
————–
* صفاء النجار ، الحور العين تفصص البسلة ، مجموعة قصصية، دار روافد للنشر،2017 .
حاتم عبدالهادي السيد