القاص حاتم عبدالهادي السيد يكتب :التدوين وعصر الكتابة الشعرية الكبرى

القاص حاتم عبدالهادي السيد يكتب :التدوين وعصر الكتابة الشعرية الكبرى
ولعل عدم التدوين – في الغالب – وتناقل الشعر مشافهة عبر الحفظ قد أدى إلى ضياع الكثير من الموروث الشعرى العربى؛ ولكن ذاكرة الشعر العربى مع ذلك حفظت لنا شعر شعراء الخمريات: أبونواس،أبوالعتاهية،بشار بن برد،كما حفظت لنا شعر الشعراء الصعاليك من قبل: السليك بن السلكة، أبوخراش الهذلي، عروة بن الورد، تأبط شرا، الأحيمر السعدى، مالك بن الريب، الشنفرى، وغيرهم، كما حفظت لنا ذاكرة العرب شعر شعراء النقائض: جرير، الفرذدق، الحطيئة وغيرهم .
كما حفظت لنا ذاكرة الشعر كذلك شعر : الخنساء، عمرو بن كلثوم ، وزهير بن أبي سلمي ؛ وعمر بن أبي ربيعة؛ البحتري؛ وغيرهم.
وعبر العصور تناقل الناس الشعر مشافهة، وهذا ما حدا نسبة الشعر العربي – تشويهاً – الى روايات حماد الراوية، عبر قضية الانتحال فيما بعد؛ والتي كانت الإسرائيليات تنتهج ذلك لتشويه الشعر العربي كله، فيما أحسب كذلك .
لقد كانت القصيدة الجاهلية تبدأ بالوقوف على الأطلال ، ووصف الديار والناقة، ثم النسيب- أي التغزل في المحبوبة- ثم الدخول الى الغرض الذى كتبت من أجله، ثم تكون الخاتمة بحكمة، أو موقف عظيم، ولقد اعتمد الشاعر أوزان الخليل بن أحمد، ووحدة القافية كبناء لمعمار الشعرية في القصيدة، وهو ما عرف بعمود الشعر العربي، أو واسط الخيمة الذى ينتصبها، لتظل مُحافظة على وحدة الوزن والقافية، لذا سمى الشعر الجاهلي بالشعر العمودي، ومن أمثلة ذلك قول امرؤ القيس :
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل بسقط اللوى بين الدخول فحومل
وقول الآخر :
قفا نبك من ذكرى حبيب وعرفان وربع خلت آياته منذ أزمان
فالوقوف بالأطلال، ووصف الديار والناقة والمحبوبة، نهج بدأته القصيدة العمودية ، وسار عليه كثير من الشعراء .
ولكن يظل السؤال : هل الشعر العربي كله متشابه ؟ أو بمعنى آخر : هل لم تظهر حركات تجديدية في الشعر الجاهلي لتغاير شعراء الديار والأطلال ؟