
محمود الشوربجي – في الذكرى الـ42 للإحتلال الإيراني لـ جزر الإمارات الثلاث «طنب الكبري – طنب الصغرى – أبوموسى»، يوضح الدكتور هزاع عبد العزيز المجالي، دكتوراه في القانون الدولي متخصص في المنازعات الحدودية والإقليمية الدولية تفاصيل قضية الجزر الثلاث، وإلى التفاصيل..
التعريف بالنزاع الحدودي والإقليمي الدولي
قبل الخوض في موضوع النزاع ما بين دولة الإمارات العربية المتحدة وإيران على الجزر الثلاث لابد لنا البداية من تعريف تعريف مفهوم النزاع الحدودي والإقليمي بين الدول ، وهنا نجد أن الأمم المتحدة نصت في الفقرة (1) من المادة الاولى من ميثاقها على :» حفظ السلم والأمن الدولي وتحقيقاً لهذه الغاية تتخذ الهيئة التدابير المشتركة الفعالة لمنع الأسباب التي تهدد السلم ولإزالتها، وتمنع أعمال العدوان وغيرها من وجوه الاخلال بالسلم ، وتتذرع بالوسائل السلمية، وفقاً لمبادئ العدل والقانون الدولي ، لحل المنازعات الدولية التي قد تؤدي إلى الإخلال بالسلم أو لتسويتها «. على أن ميثاق الأمم المتحدة لم يضع تعريفاً واضحاً يمكن اللجوء إليه لحسم هذا الأمر وبالتالي فإن الأراء الفقهية لفقهاء القانون الدولي هي من تناولت تعريف هذا المفهوم بينما الأمم المتحدة حدد فقط الوسائل التي يمكن من خلالها للدول اللجوء لفض النزاعات فيما بينها. وحيث أن المقام لايتسع هنا إلى الدخول في تفاصيل الأراء الفقهية واختلاف بعضها يمكننا ان نجمل تعريف النزاع الحدودي والإقليمي بتعريف محكمة العدل الدولية – صاحبة الولاية في حل المنازعات الدولية – وفقاً للمادة (24) من الميثاق- على أن المنازعة هي « خلاف على مسألة من القانون او الواقع بين وجهة نظر قانونية او مصلحة بين شخصين» .
السياق التاريخي للنزاع على الجزر الثلاث
صادف في 30 نوفمبر 2013 الذكرى السنوية لاحتلال إيران للجزر الثلاث ، وبعيداً عن تفاصيل السرد التاريخي للنزاع و الاطماع الإيرانية في الجزر الثلاث وغيرها من الجزر العربية التي تم احتلالها تباعاً ، فلم تستطع إيران احتلال الجزر الثلاث إلا بعد صراع وصدام طويل حتى تمكنت في عام 1892م من توقيع معاهدة حماية مع كافة حكام الإمارات العربية اطلقت عليهم تسمية ( الإمارات المتصالحة ) ، وبالمقابل تغاضت بريطانيا عن التمدد الإيراني على كامل الجزر التي كانت تخضع للحكم العربي في لنجة، ومغوة، وهنجام، وصري الموجودة على الساحل الشرقي الفارسي للخليج العربي وفي 30 نوفمبر 1971 اي قبل (42) عاماً وقُبيل الانسحاب البريطاني بيوم واحد من الخليج العربي فيما كانت الإمارات العربية على وشك الأعلان عن اتحادها الذي تم في 2ديسمبر 1972 ، اصدرشاه إيران (محمد رضى بهلوي) امراً لقواته العسكرية باجتياح جزيرتي طنب الكبرى وطنب الصغرى التي كانت تخضع لسيادة إمارة رأس الخيمة بعد رفض حاكمها الشيخ صقر بن سلطان القاسمي قبول كافة العروض الإيرانية بوساطة بريطانية لبيع أو تاجير الجزر لإيران، كما قام الشاه ايضاً بانزال قواته العسكرية إلى الجزء الشمالي من جزيرة أبوموسى بعد تخاذل عربي وضغوطات واكراه وتهديد لحاكم الشارقة الشيخ خالد بن محمد القاسمي نتج عنها قبوله للتوقيع على مذكرة تفاهم يتم بموجبها اقتسام الجزيرة بين الطرفين في بوساطة بريطانية غير نزيهه خالفت فيها بريطانية اتفاقية الحماية 1892م، التي وقعتها مع حكام الإمارات العربية.
لم تكتفي إيران في عهد الجمهورية الاسلامية بذلك بل قامت باستكمال ما قام به الشاه باحتلالها عام 1992م لكامل جزيرة أبوموسى ضاربين بعرض الحائط مذكرة التفاهم التي قسمت الجزيرة الى قسمين واعلنتها اراضي خاضعة لها.
الموقع الجغرافي للجزر الثلاث وأهميتها الاستراتيجية
تقع الجزر الثلاث على مشارف مضيق هرمز الممر و الشريان الرئيسي لحركة التجارة البحرية من والى دول الخليج العربي ، ومضيق هرمز يُشبه عنق الزجاجة عند مدخل الخليج العربي بين ضفتية إيران من الشرق والدول العربية في الضفة الغربية للخليج العربي، و قد اعتبر الممر احد أهم الممرات الجيوستراتيجة في العالم واكثرها حركة للسفن التجارية التي تنقل ما يقارب 70 الى 80% من نفط الخليج العربي وغيرها من البضائع من والى المنطقة ، لذا فإن للجزر أهمية سياسية واقتصادية وعسكرية تمكن الدولة التي تسيطر على المضيق من التحكم في حركة الملاحة البحرية من جهة او تهديد الأمن القومي لدول المنطقة اذا ما رغبت في ذلك ، وقد استخدمت إيران تلك الجزر الثلاث فعلياً في هذا السياق حيث قامت بتكديس كافة انواع الاسلحة والصواريخ عليها وقامت وما زالت تجري المناورات العسكرية كلما شعرت بضغوط خارجية تهدد مصالحها للخطر .
الحجج القانونية لاطراف النزاع في اثبات حقها بالسيادية على الجزر و فقاً للقانون الدولي.
الحجج القانونية الإيرانية في أثبات حقوقها السيادية على الجزر الثلاث
سند الحق التاريخي
استندت إيران في اثبات حقها التاريخي على الجزر الثلاث على سند تاريخي قديم يتمثل في حكمها للخليج العربي في الازمنة الغابرة قبل الاف السنيين ، فما زالت مخيلة القادة الايرانيين مشبعة بفلسفة تاريخية تقوم على حتمية بعث الامجاد الغابرة وفخار قديم للامبراطورية الفارسية تؤكد فيها دائماً امتداد سيادتها الى كامل الخليج بضفتيها شرقا وغربا بما فيها من جزر وامتدادها دولتها من شط العرب الى مضيق هرمز و على كل ما يعرف في بنظرهم في قديم الزمان بالخليج الفارسي. فهذا الهاجس مازال يعشعش في اذهان جميع القادة الايرانين العلمانيين منهم أو المتدينين وقد وجدت هذه الادعاءات المرتكزه على الحقوق التاريخية القديمة سبيلها للمطالبه بالجزر الثلاث التي مهدت كثيراً لاحتلالها معتبرة ان ما فعلته هو استعادة لما كان حقاً لها عبر التاريخ ، فقد ارسل مثلاً رئيس الوزراء الإيراني «حاجي ميرزه» في عام 1944م ، رسالة إلى بريطانيا اثناء جدل تم حول ملكية إيران لجزيرة البحرين –مملكة البحرين حالياً – والتي قال فيها « ان الشعور السائد لدى الإيرانيين ، انه من بداية شط العرب إلى مسقط بجميع جزره وموانية بدون استثناء تنتمي الى إيران « بل ان الشاه «محمد رضى بهلوي» وفي تاريخ 29 نوفمبر 1971م صرح رئيس الوزراء الإبراني في زمن الشاه «أمين عباس هويدا» أمام مجلس الشورى الايراني قائلاً « ان جزر طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى الواقعة في مضيق هرمز قد عادت من جديد خاضعة للسلطة الايرانية بعد مضي فترة طويلة على الانفصال».
ان تطبيق مبدأ الحق التاريخي وفقاً لقواعد ومبادئ القانون الدولي يختلف عن غيره من الأدلة المشابهة الأخرى المنشئة لسند الحق ، كالتدعيم التاريخي ، والتقادم ، فلقد عرف» الدكتور محمد طلعت الغنيمي» الحق التاريخي باعتباره «هو الحق الذي يستعمل للدلالة على الحقوق التي تُكتسب،مخالفة لأحكام القانون الدولي العام ، عن طريق ممارسة تاريخية تؤكد بها دولة – الذي هو في الأصل غير مشروع- حقها في اكتساب السيادة وفقاً له ، اذا لم يحدث اعتراض على هذه الممارسة» . كما ان القانون الدولي اكد على أن الحق التاريخي ينشأ بصورة متدرجة ومتنامية عبر حقب متتالية، كما ان أثره القانوني لإلحاق إقليم بدولة من الدول، لاينتج من استمرارية وانقضاء مدة زمنية محددة على نشوئه، وانما من مزيج المصالح والصلات التي يعكسها الاستخدام الطويل المثبت للحيازة. مع التاكيد على ضرورة أن تتم الممارسه بنية السيادة بصورة علنية ومستمرة، ومرور فترة زمنية طويلة لاتعيها الذاكرة على هذه الممارسة بدون اعتراض من الدول الأخرى ، فضلاً على إمكانية تطبيق هذا المبدا على إقليم دولة أخرى، سواء أكان إقليماً مائيا أو برياً. ومثال على النزاعات التي أثير فيها سند الحق التاريخي ، النزاع اليمني – الإرتيري على أرخبيل حنيش ، والنزاع القطري- البحريني على جزيرة حوار ومنطقة الزبارة ، ، والنزاع البريطاني – الفرنسي على جزر مينيكوبرز وإيكرهوس. بل أن القانون الدولي اتجه إلى إهمال نظرية الحقوق القائمة على الحجج المستمدة من التاريخ البعيد عند الفصل في المنازعات الحدودية والإقليمية ، ذلك ان تطبيقها قد يتسبب في إثارة دعاوى وحقوق تجاوزتها ظروف الزمان والمكان ومقتضيات الواقع والقواعد القانونية في القانون الدولي المعاصر.
الجوار الجغرافي والمصالح الأمنية والاستراتيجية
تستند إيران ايضاً في دعوى ملكيتها لجزيرتي طنب الكبرى والصغرى على مبدأ الجوار الجغرافي باعتبارها الاقرب جغرافياً لإيران منها لدولة الإمارات ، ولأن القانون الدولي لايعتد بالجوار بوصفة قرينة على سيادة الدولة على الجزر الواقعة في بحرها الإقليمي حال تمكنت دولة أخرى من تقديم سند حق يؤكد خضوع هذه الجزر لسيادتها ، اذن فإن الجوار الجغرافي لايؤخذ به في القانون الدولي إلا اذا لم تتمكن فيه الدولة المتنازعة على تقديم دليل او سند قانوني يفيد خضوع الجزر لسيادتها.
وحاولت إيران ايضاً أن تبرر احتلالها للجزر بالمصالح الأمنية والاستراتيجية ، وبعض الخرائط القديمة إلا أن تطبيق مثل هذه السندات اضافة الى ما تم ذكره سوف يترتب عليه مخاطر، في حالة اتخذته بعض الدول مطية لتحقيق أطماعها التوسعية.
الحجج القانونية لدولة الإمارات العربية في أثبات حقوقها السيادية على الجزر الثلاث
ممارسة الإمارات للسيادة الفعلية و الولاية القانونية على الجزر الثلاث
قدمت الإمارات العربية العديد من الوثائق والمستندات بما فيها المراسلات والمخاطبات التي تمت ما بينها ومابين الحكومة البريطانية اثناء حكمها للجزر الثلاث، وكذلك المراسلات التي تمت بين شيوخ القواسم في الساحلين الفارسي والعربي التي أكدت على ممارسة الإمارات لأعمال سيادة الدولة الفعلية التشريعية والتنظيمية والقضائية على الجزر وممارستها لكافة وظائف الدولة ، كما أن معاهدة الحماية البريطانية 1892م ،التي أبرمتها الإمارات العربية التي توجب على بريطانية حماية الأراضي العربية تمت اثناء امتلاكها للجزر الثلاث لذا فانها تمثل عنصراً مهما لتأسيس الحق القانوني لدولة الإمارات في الجزرعلى أساس أن أحكامها افضت إلى واقع قوامه عدم تنازل حكام الإمارات عن اي جزء من سيادتها مقابل التزام بريطانيا بتأمين حقوقهم السيادية على جميع اراضيهم، كما أن القضاء الدولي والتحكيم استقرا على إعطاء المعاهدات الدولية الاولوية في إثبات الحقوق القانونية في الحدود أوالأقاليم التي يتنازع عليها، ومثال ذلك ما قضت به محكمة العدل الدولية في النزاع بين بوركينا فاسو- مالي عندما قبلت المحكمة تفوق سند الحيازة الفعلية الذي يحظى بأولوية التطبيق في ظل النظام الاستعماري ويقصد بسند الحيازة هنا ممارسة الاعمال التشريعية والتنظيمية والقضائية.
ممارسة الإمارات للسلطة التشريعية والتنظيمية والقضائية على الجزر الثلاث
اكدت عدد من الوثائق البريطانية والمراسلات وما تضمنته من اوامر ونواه، من قبل حكام الإمارات في الشارقة و رأس الخيمة لرعاياها في الجزر والمتعلقة بتسيير المرافق الخدماتية في جزيرة طنب الكبرى وأبوموسى المتعلقه بالأمن ،والصحة ، والتعليم…. الخ من المرافق والتي ما زالت قائمة حتى يومنا هذا والتي تم تشييدها على تلك الجزروتم تنظيم اعمالها وتحديد واجبات القائمين عليها وصلاحياتهم كما تم تأسيس جهازين أمنيين في الجزيرتين لتولي أعمال الضبط القضائي وتولي البلاغات في القضايا المختلفة وتم رفدها بالعناصرالأمنية المتخصصة لذلك، فان هذه الافعال تؤكد ممارسة الإمارات العربية لوظائف الدولة كماهو متعارف عليه في الدول كافة وهذا ما اكد عليه القضاء الدولي في العديد من الاحكام في النزاعات الدولية التي رجحت فيها ادعاء أحدى اطراف النزاع نظرا لممارسته لوظائف الدولة التشريعية والادارية والقضائية ومن تلك القرارات الصادرة عن محكمة العدل الدولية النزاع اليمني- الإرتيري حول جزر زقر – حنيش 1998م ، والنزاع بين هولندا – بلجيكا على احد المناطق الحدودية 1959 و النزاع القطري – البحريني حول مجموعة جزر حوار ومنطقة الزبارة عام 2001، وهذا ما أكده القاضي ماكس هوبر في تحكيم قضية جزر بالماس Palmas بين الولايات المتحدة الأمريكية – هولندا فقد أكدت تلك الاحكام وغيرها على معيار الممارسة الفعلية للسلطة التشريعية والتنظيمية والقضائية كإثبات لحق السيادة على الإقليم المتنازع عليه .
الممارسة الفعلية لمظاهر السيادة دون اعتراض من الدول الأخرى..
يولي القضاء الدولي أهمية كبيرة لممارسة السيادة على الأقليم محل النزاع باستمرارية وهدوء وعدم الانكار والمنازعة من الدول الأخرى أي بدون اعتراض أو احتجاج بمعنى انتفاء وجود دعاوي أخرى بالسيادة عليه وتبعاً لما سبق فان مظاهر السيادة الإماراتية على الجزر الثلاث قد تحققت وفقاً للأحكام الدولية ذلك أن قرنين ونصف من الزمان من الحيازة المستمرة والمتواصلة تسبغ صفة الهدوء على هذه الحيازة ، وقد أكدت إيران ذلك بتصرفاتها عندما تقدمت بطلب شراء او أستئجار تلك الجزر من الإمارات العربية بواسطة بريطانيا وهذا اقرار منها بسيادة الإمارات على الجزر وعدم ادعائها بعكس ذلك الا في مرحلة متقدمة من التاريخ .
*حق السيادة للإمارات على الجزر الثلاث الجزر وفقاً للمبادئ القانونية الحاكمة لتسوية المنازعات الحدودية والاقليمية..
من أهم المبادئ التي يستند اليها القضاء الدولي في تسوية المنازعات الحدودية والاقاليمية بين الدول مبدأ ثبات الحدود الدولية ونهايتها ، ومبدأ السلوك اللاحق ، ومبدأ الاذعان ، ومبدأ الاغلاق . ويقصد مبدأ ثبات الحدود الدولية ونهايتها: تمتع الحدود ونهايتها بقدر من الاستقرار والرسوخ مادام قد تم تعيينها وفقاً لسند حق يقوم على أساس قانوني سليم خال من أساليب العنف والإكراه ويستند هذا الى الحق الذي أنشئت الحدود على أساسة ، وذلك اما بموجب معاهدة دولية او خرائط ، او السلوك اللاحق لأطراف النزاع الذي يشكل دليلاً على اتجاه نواياهم فيما يتصل بحدودهم المشتركة ، وكذلك يمكن اللجوء الى مبدأ اغلاق الحجة الذي يغلق على الدولة المدعية باب الرجوع عما قالت او فعلت بل تصبح حجة عليها. اما مبدأ الاذعان فهو يعني لامبالة الدولة في مواجهة تحد واضح لحقوقها الاقليمية وهذا كان واضحاً في سكوت إيران طوال قرون على ممارسة الامارات لسيادته على الجزر دون احتجاج اواتخاذ مواقف تدل على رفضها لهذه الممارسة . كما يشترط في إثبات الحق الشرعي أن يكون سند الحق المدعي به في أثناء النزاع قد نشأ نتيجة إستخدام القوة أو التهديد ،وهذا مالم يتم من قبل الامارات العربية بل على العكس فإن إيران هي من استخدمت القوة في تحصيل ما تدعيه حقاً تاريخياً وتدعي قانونيته .
موقف الدولتين من المساعي السلمية لحل النزاع بالطرق السلمية أو القانونية..
منذ احتلال الجزر الثلاث لجأت الإمارات العربية بقيادة رئيس الدولة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الى جميع الطرق السلمية لحل النزاع بالطرق الودية والدبلوماسية سواء كان ذلك بدعوتها لإيران للجلوس على طاولة المفاوضات اوعبر الوساطات الدولية ودياً من خلال بعض الدول العربية أو من خلال الجامعة العربية التي لم يختلف واقعها في ذلك الزمان عن واقعها الحالي ، إلا أن جميع تلك الوساطات باءت بالفشل امام التعنت الإيراني ، فلجأت الإمارات العربية الى الأمم المتحدة وعرضت القضية على مجلس الأمن إلا أن مسلسل المؤامرة الإيرانية البريطانية وبالتواطئ مع الولايات المتحدة اكتمل في مجلس الأمن عندما قرر المجلس استناداً للمادة (33) من من ميثاق الأمم المتحدة الذي ينص على أنه « يجب على اطراف نزاع من شأن استمراره أن يعرض حفظ السلم والأمن الدوليين للخطر ان يلتمسوا حله بادىء ذو بدء بطرق المفاوضة والتحقق والوساطة والتوفيق والتحكيم والتسوية القضائية أو ان يلجأوا إلى الوكالات والتنظيمات الإقليمية او غيرها من الوسائل السلمية التي يقع عليها اختيارهم « . و بعد مداولات حاولت فيها الدول العربية الوصول إلى قرار بالادانة وانسحاب القوات الإيرانية من الجزر تم اللجوء إلى المادة سالفة الذكر وقرر المجلس إعطاء مهلة ودعوة الأطراف إلى تسوية النزاع بالطرق السلمية ، فكانت السبب في مزيد من التعنت والمماطلة الإيرانية و رفضها لاي طرح تفاوضي يدعو الى الانسحاب من الجزر الثلاث .
تقدمت الإمارات العربية المتحدة ايضاً امام هذا التعنت الايراني باقتراح بعرض النزاع على التحكيم الدولي بجميع اشكاله سواء كان ذلك عبر محكمة العدل الدولية أو عبر اية جهة قضائية ترتضيها إيران إلا أن إيران كانت تعلم مسبقاً بان اي تحكيم قانوني دولي للنزاع في ظل ضعف اسانيدها القانونية كان سيفضي لامحالة إلى الحكم بمشروعية السيادة الإماراتية على الجزر الثلاث لما يتضمنه الملف الإماراتي من أسانيد وحجج قانونية سوف تؤكد الحق الإمارتي بالجزر الثلاث .
كانت إيران تعلم ان لجوء الإمارات العربية المتحدة الى محكمة العدل الدولية لن يجدي نفعاً في ضوء عدم الزامية القرارات الصادرة عن محكمة العدل الدولية إلا اذا اتفقت الأطراف المتنازعة أصلاًعلى الالتجاء إلى المحكمة المادة (37) من النظام الاساسي لمحكمة العدل الدولية ، وان لجوء الإمارات العربية المتحدة الى المحكمة الدولية منفردة دون حضور الطرف الثاني سوف يفضي إلى رأي استشاري ليس اكثرغير ملزم. مع تحفظي الشخصي على ذلك لان الحصول على مثل ذلك الحكم يعزز الموقف الإمارتي مستقبلاً فيما لو تغيرت الارادة الإيرانية و وافقت على التحكيم الدولي .
وبالخلاصة : يمكننا القول أن إيران اليوم في ظل الجمهورية الاسلامية و رغم العداء الشديد الذي تواجهه من قبل الولايات المتحدة والغرب بسبب برنامجها النووي استطاعت طوال تلك الفترة ان تستفيد من التناقضات الدولية للحصول على مرادها فهي تحسن التعامل مع المتغبرات الدولية وهي مطمئنة ايضاً بأن العرب جميعا برغم اواصر الترابط الديني و العرقي والتاريخي والجغرافي المشتركة غير متفقين على أي رأي سواء تعلق بوحدتهم او في قضاياهم الخارجية او الداخلية فكيف سوف يستغلون تلك القدرات لاجبار إيران على الانصياع للارادة العربية والدولية و اجبارها على الانسحاب من الجزر.






