مفاوضات وتهديدات متبادلة: ما التالي لوقف إطلاق النار في غزة؟

يواجه وقف إطلاق النار الهش بين الاحتلال الإسرائيلي وحماس في غزة خطر الانهيار. مما يزيد من تعقيد مصير القطاع الفلسطيني والمحتجزين الذين كان من المقرر إطلاق سراحهم بموجب المرحلة الأولى من الاتفاق. ومع تصاعد التوترات، تبادلت تل أبيب وحماس الاتهامات بانتهاك شروط الهدنة. ما أثار شكوكا حول إمكانية تنفيذ عملية التبادل التالية يوم السبت كما كان مخططا لها.
في تصعيد جديد للأزمة، أعلنت حماس يوم الاثنين تأجيل الإفراج عن المزيد من المحتجزين إلى أجل غير مسمى. وهو ما دفع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى التحذير من أن “الجحيم سوف يندلع” إذا لم يتم إطلاق سراحهم بحلول الساعة 12 ظهرا يوم السبت. رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو تبنى الموقف نفسه. مهددا باستئناف “قتال عنيف” في غزة حال لم يتم الإفراج عنهم في الموعد المحدد.
ورغم هذا التصعيد، ألمح مسؤول في حماس، محمود مرداوي. يوم الأربعاء إلى إمكانية إنقاذ المرحلة الأولى من الاتفاق، موضحًا أن تنفيذ تبادل المحتجزين يوم السبت لا يزال ممكنًا إذا التزمت تل أبيب بتعهداتها. وعلى رأسها السماح بدخول مزيد من المساعدات الإنسانية إلى غزة.
في هذا السياق، دعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أمس الأربعاء إلى الحفاظ على الهدنة. مؤكدة في بيان لها أن “أرواحا لا حصر لها تم إنقاذها” حتى الآن. وأشارت المنظمة إلى أن التهدئة كان لها تأثير ملموس على حياة المدنيين. سواء من تم الإفراج عنهم أو من نجوا من العمليات القتالية، فضلًا عن العائلات التي أعيد لم شملها.
خلفية النزاع وتفاصيل المحتجزين
يعود أصل الأزمة الحالية إلى هجوم “طوفان الأقصى” الذي شنته حماس على دولة الاحتلال في 7 أكتوبر 2023، وأسفر، بحسب الرواية الإسرائيلية، عن مقتل نحو 1200 شخص وأسر نحو 250 آخرين، معظمهم من المدنيين. وردت تل أبيب بشن حرب واسعة على قطاع غزة، خلفت أكثر من 48 ألف شهيد فلسطيني وفقا لوزارة الصحة في غزة.
وعند التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في يناير الماضي. قدر أن نحو 100 محتجز إسرائيلي ما زالوا في قبضة حماس، بعضهم قُتل خلال الحرب، إلى جانب محتجزين أجانب، بينهم واحد من نيبال وثلاثة من تايلاند (يُعتقد أن اثنين منهم ماتا) وآخر من تنزانيا يُفترض أنه قُتل أيضًا.
بنود الصفقة والمرحلة الأولى من الاتفاق
بموجب المرحلة الأولى من الاتفاق، وافقت حماس على إطلاق سراح 33 محتجزًا، شملوا نساءً وأطفالًا ورجالًا فوق سن الخمسين، إضافة إلى المرضى والجرحى، بينما وافقت دولة الاحتلال على الإفراج عن أكثر من 1500 سجين فلسطيني، بينهم من اعتُقلوا قبل الحرب بتهم تتعلق بالعنف ضد جنود ومدنيين إسرائيليين. لكن العديد من الأسرى الفلسطينيين محتجزون دون تهم رسمية بموجب الاعتقال الإداري الذي يتيح لطرف الاحتلال سجنهم دون محاكمة.
وجرت عمليات التبادل على مراحل، حيث أطلقت حماس سراح 16 محتجزا خلال أول خمس عمليات تبادل، فيما أفرج الاحتلال عن دفعات متتالية من الأسرى الفلسطينيين. كما أُفرج عن خمسة مواطنين تايلانديين بموجب ترتيب منفصل.
ومع استمرار تعثر تنفيذ الاتفاق، ينتظر 17 محتجزًا إسرائيليًا الإفراج عنهم ضمن المرحلة الأولى، وفقًا لما أعلنه منتدى المحتجزين والعائلات المفقودة يوم الأربعاء.
موقف واشنطن
على صعيد المحتجزين الأمريكيين. أفادت اللجنة اليهودية الأمريكية بأن ستة مواطنين أمريكيين لا يزالون أسرى لدى حماس. وبحسب صحيفة “نيويورك تايمز”، فإن إسرائيل تعتقد أن أربعة منهم – وهم الجندي إيتاي تشين (19 عاما)، وعمر نيوترا (21 عامًا)، وجوديث وينشتاين (70 عامًا) وزوجها غادي هاجاي (73 عامًا) – قد لقوا حتفهم، وتقول إن حماس لا تزال تحتفظ بجثثهم كورقة مساومة في المفاوضات المستقبلية.
وكان الأمريكي إيدان ألكسندر قد ظهر في مقطع فيديو نشرته حماس في نوفمبر الماضي. بينما يفترض أن مواطنا آخر، ساغي ديكل تشين، لا يزال على قيد الحياة.
مستقبل الاتفاق والمخاطر المحتملة
في ظل التعقيدات المستمرة، تظل التساؤلات قائمة حول مصير المحتجزين، ومدى التزام الأطراف بتنفيذ الاتفاق، وما إذا كان وقف إطلاق النار سيصمد أم سينهار ليعود التصعيد العسكري إلى الواجهة مجددا. وبينما تواصل حماس المطالبة بضمانات لتنفيذ شروط الصفقة. يصر الاحتلال على ضرورة الإفراج عن المحتجزين وفق الجدول الزمني المحدد، ما يجعل الأيام القادمة حاسمة في تحديد اتجاه الأزمة.