هل يفتح الانسحاب الأميركي الباب أمام تركيا للتمدد في سوريا؟
انسحاب مرتقب للقوات الأميركية من سوريا يثير مخاوف إسرائيلية من تنامي النفوذ التركي

في خطوة قد تعيد رسم ملامح التوازنات الإقليمية في الشرق الأوسط، أبلغت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الحكومة الإسرائيلية بنيّتها تنفيذ انسحاب تدريجي للقوات الأميركية من الأراضي السورية خلال شهرين، وفق ما كشفت عنه صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية. وتأتي هذه الأنباء في سياق متقلب تشهده المنطقة، حيث تتقاطع المصالح الدولية والإقليمية على الساحة السورية، وتزداد المخاوف من فراغ أمني قد يتركه الغياب الأميركي.
وبحسب ما نقلته الصحيفة العبرية، فقد أطلع مسؤولون أميركيون نظراءهم الإسرائيليين على تفاصيل الخطة، التي لا تزال في طور الإعداد، إلا أن قرار واشنطن الحاسم بالبدء في تقليص وجودها العسكري في سوريا بات وشيكًا. وذكر مسؤول إسرائيلي كبير للوكالة أن الحكومة في تل أبيب تتوقع أن يكون الانسحاب جزئيًا وليس شاملاً، لكنها رغم ذلك تواصل العمل عبر القنوات الدبلوماسية والعسكرية لإقناع واشنطن بالإبقاء على وجود عسكري رمزي في البلاد.
وتتخوف إسرائيل من أن يشجع انسحاب القوات الأميركية تركيا على توسيع نفوذها داخل الأراضي السورية، خاصة في المناطق الشمالية التي لطالما شكّلت نقطة خلاف بين أنقرة والقوى الكردية المدعومة من واشنطن. كما أشار المصدر الإسرائيلي إلى أن هذا التطور قد يؤدي إلى تفاقم التوترات بين إسرائيل وتركيا، في ظل تزايد المخاوف من إعادة توزيع النفوذ على الأرض دون ضوابط واضحة.
وكانت وزارة الدفاع الأميركية قد أعلنت في وقت سابق، وتحديدًا في ديسمبر، أن عدد القوات الأميركية المنتشرة في سوريا يُقدّر بنحو 2000 جندي، يتوزعون بين مهام تدريبية واستخباراتية وقتالية، ضمن جهود دعم “قوات سوريا الديمقراطية” في مواجهة تنظيم “داعش”. وسبق أن لمح الرئيس ترامب خلال فترته الرئاسية إلى رغبته في إنهاء التورط العسكري الأميركي في “حروب لا نهاية لها”، على حد تعبيره، الأمر الذي أثار جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية والأمنية داخل الولايات المتحدة وخارجها.
القرار الأميركي، إذا ما تم تنفيذه على النحو المعلن، من شأنه أن يغير المعادلة الجيوسياسية في سوريا، ويزيد من تعقيدات المشهد الأمني فيها، حيث تسعى قوى إقليمية مثل إيران وتركيا إلى ملء أي فراغ قد تخلفه واشنطن. ومن جانبها، تبدو إسرائيل في حالة ترقّب وقلق متزايد، خشية أن يفتح الانسحاب الباب أمام تهديدات استراتيجية جديدة على حدودها الشمالية، سواء من خلال تنامي نفوذ المحور الإيراني أو من خلال تقاطع مصالح أنقرة مع أطراف معادية لإسرائيل.
في ظل هذا التبدل في المواقف، تتزايد التساؤلات حول مآلات الدور الأميركي في المنطقة، ومدى تأثير هذه الخطوة على حلفاء واشنطن الإقليميين، وعلى رأسهم إسرائيل، التي كانت تعتمد على الدعم الأميركي العسكري والسياسي كركيزة أساسية في استراتيجيتها تجاه سوريا.