أخبارتقارير و تحقيقات

هل يكون نظام البكالوريا بوابة الإنصاف الدراسي؟..تفاصيل

 

في خطوة تُعد من أبرز ملامح الإصلاح الجذري في التعليم الثانوي، أعلنت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني الضوابط العامة المنظمة للمرحلة الثانوية الرئيسية بنظام **البكالوريا الجديد، الذي سيُطبق على طلاب الصفين الثاني والثالث الثانوي، ابتداءً من العام الدراسي الجاري. هذه الخطوة تهدف إلى بناء منظومة تعليمية أكثر عدالة ومرونة وشفافية، بما يحقق طموحات الدولة في تطوير التعليم وفق رؤية مصر 2030.

ويُعد هذا النظام تطورًا نوعيًا في فلسفة التقييم المدرسي، إذ يتحول من تقييم وحيد قائم على امتحان واحد مصيري إلى نموذج تراكمي متعدد الفرص، يتيح للطالب أكثر من محاولة لإثبات تفوقه في المادة الواحدة خلال العام الدراسي، دون أن يتحمل عبء الرسوب أو التكرار بشكل قاطع.

المرة الأولى مجانية

وفقًا للضوابط المعلنة، يؤدي الطلاب امتحانين في كل مادة خلال العام الدراسي. الفرصة الأولى تُعقد في شهري مايو ويونيو، والثانية في يوليو وأغسطس، حسب الصف الدراسي، ويُتاح للطالب اختيار أعلى الدرجات ضمن محاولاته، ليُحتسب له المجموع النهائي بناءً على أفضل أداء أكاديمي.

ويتميز النظام الجديد بأن **الفرصة الأولى في كل مادة مجانية بالكامل، أما في حال رغبة الطالب في تحسين نتيجته في الفرصة الثانية، فيُطلب منه سداد رسوم رمزية لا تتجاوز 200 جنيه للمادة، وهو ما يعكس اهتمام الوزارة بالتوازن بين العدالة في التقييم وتخفيف الأعباء المالية على الأسر.

مرونة دون فوضى

أكدت وزارة التربية والتعليم أن النظام الجديد لا يعني التساهل في الالتزام الدراسي. فالطالب مطالب بأداء الامتحانات في مواعيدها المقررة، ولا يُسمح بتأجيل الفرصة الأولى إلا بعد مرور عام دراسي كامل. كما لا يمكن إعادة السنة إلا بعد انقضاء السنة الأصلية، وذلك حفاظًا على انضباط العملية التعليمية، وضمان عدم الإضرار بحقوق الزملاء أو ضغط الموارد المتاحة.

ويُعد هذا التوازن بين المرونة والانضباط عنصرًا أساسيًا في نجاح النظام، حيث يسمح للطالب بإعادة المحاولة وتحسين نتائجه دون أن يتحول ذلك إلى فوضى تعليمية أو تحميل المدارس واللجان أعباء زائدة.

انفتاح أكاديمي ومسارات متعددة

في خطوة تهدف إلى تنويع الخيارات التعليمية أمام الطلاب، يسمح النظام الجديد بدراسة مواد إضافية خارج المسار الأساسي، بعد استكمال المقررات الإلزامية، ما يفتح الباب أمام الطالب لاكتشاف مجالات جديدة واكتساب مهارات متعددة، تؤهله لمستقبل أكاديمي أكثر اتساعًا ومرونة.

وبحسب الوزارة، فإن الحد الأقصى للدراسة في المرحلة الثانوية بنظام البكالوريا هوأربع سنوات فقط، مع استثناء الصف الأول الثانوي من هذا الحد، نظرًا لكونه عامًا تمهيديًا لا يُحتسب ضمن سنوات الدراسة الأساسية.

 تقييم عادل ومجموع يراعي الجهد التراكمي

أحد أهم ملامح نظام البكالوريا الجديد هو طريقة احتساب الدرجات والمجموع النهائي. فكل مادة تُقيّم من **100 درجة**، ويتم حساب المجموع النهائي للطالب بناءً على أعلى درجة حصل عليها في كل مادة عبر محاولاته المختلفة، وليس فقط على نتيجة الامتحان الأخير.

وهذا التغيير يُكرّس لمبدأ الفرصة الثانية والثالثة، ويمنح كل طالب مساحة لتحسين أدائه دون الخوف من الفشل المفاجئ. كما تلتزم الوزارة بإرسال نتائج التقييم النهائية وقواعد التنسيق الخاصة بكل طالب إلى وزارة التعليم العالي، ليُبنى عليها مسار القبول الجامعي بكل شفافية وموضوعية.

 تحول حقيقي

يأتي نظام البكالوريا في توقيت يشهد فيه التعليم المصري تطورًا لافتًا، بدءًا من رقمنة المناهج، وتحديث طرق التدريس، ووصولًا إلى تبني نماذج تقييم دولية تعتمد على التفكير النقدي والتحليل بدلًا من الحفظ والتلقين.

وأكدت وزارة التربية والتعليم في بيانها الرسمي أن تطبيق هذا النظام يُمثل نقلة نوعية في التعليم الثانوي المصري، من حيث منح الطلاب مرونة أكبر، وعدالة أشمل، وحرية في تطوير الذات، مع الحفاظ في الوقت ذاته على انضباط المسار التعليمي وضمان الشفافية.

كما شددت الوزارة على أن الضوابط الجديدة جاءت بعد مشاورات موسعة مع المعنيين بالشأن التعليمي، ومعلمين وخبراء وأولياء أمور، وتم إعدادها لتكون مرجعًا واضحًا لكل الأطراف، وتؤسس لمستقبل دراسي يُبنى فيه النجاح على الاجتهاد الحقيقي وليس على صدفة الامتحان الواحد.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى