ترامب يقول: “موّلنا سد النهضة بغباء”… وخبير يعلّق: “مغازلة نوبل لا أكثر”
ترامب يعود إلى ملف سد النهضة: مغازلة نوبل أم وساطة جدّية؟

كتبت:رانيا سمير
في توقيت لافت، عاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للتطرق مجددًا إلى أزمة سد النهضة الإثيوبي، مؤكدًا – خلال مؤتمر صحفي في البيت الأبيض يوم الإثنين 14 يوليو – أن بلاده تسعى للتوصل إلى حل للأزمة بين مصر وإثيوبيا، وأضاف: “أعتقد أننا سنتوصل لحل بشأن مسألة سد النهضة ونهر النيل. لا أعلم كيف موّلنا السد قبل أن نحل الأزمة، وسنعمل على الحل. حياة المصريين تعتمد على المياه في النيل.”
تصريحات ترامب جاءت بعد نحو ثلاثة أسابيع من تغريدة كتبها في 21 يونيو الماضي، قال فيها إن “السد الضخم الذي بنته إثيوبيا يقلل من تدفق مياه النيل إلى مصر والسودان”، واصفًا تمويل السد من أموال أمريكية بـ”الغباء”، ومعتبرًا أنه كان يستحق جائزة نوبل للسلام لتدخله في حفظ السلام بين الدول الثلاث، على حد تعبيره.
بين نوبل والسد.. رسائل مزدوجة
الباحث والخبير المائي د. عباس شراقي علّق على تكرار ترامب الحديث عن السد خلال فترة قصيرة، معتبرًا أنه “يغازل جائزة نوبل عن طريق سد النهضة”، مستعيدًا الدور الأمريكي الذي رعاه ترامب خلال مفاوضات سد النهضة بين نوفمبر 2019 وفبراير 2020، والتي انتهت بالفشل بعد امتناع إثيوبيا عن التوقيع على الاتفاق الذي صاغته وزارة الخزانة الأمريكية، فيما وقعت مصر عليه بالأحرف الأولى.
وأشار شراقي إلى أن ترامب في تلك الفترة عبّر عن غضبه من الموقف الإثيوبي، وقرّر تعليق جزء من المساعدات الأمريكية لأديس أبابا، قبل أن يعيدها الرئيس جو بايدن لاحقًا. لكنه – أي ترامب – انشغل لاحقًا بجائحة كورونا ومعركته الانتخابية، ما أدى إلى غياب دوره عن ملف السد طوال الفترة الماضية.
حقيقة التمويل الأمريكي
في تصريحاته الأخيرة، وجّه ترامب اللوم إلى الإدارات الأمريكية السابقة، حين تساءل عن كيفية تمويل مشروع ضخم كسد النهضة قبل التوصل إلى حل سياسي. وفيما لم يُعلن من قبل عن تمويل أمريكي مباشر لبناء السد، فإن الولايات المتحدة قدمت مساعدات عامة لإثيوبيا خلال فترات مختلفة، وصلت إلى نحو مليار دولار سنويًا في مجالات متعددة، يمكن توجيه بعضها – كما يرى محللون – لصالح مشروعات كبرى مثل السد.
ويرى شراقي أن وصف ترامب للتمويل بـ”الغباء” يدخل ضمن خطاب شعبوي يحمّل الإدارات السابقة مسؤولية ما يعتبره “تبديدًا” للموارد الأمريكية، سواء في إفريقيا أو في أوكرانيا أو في الشرق الأوسط، ضمن نبرة لطالما استخدمها في حملاته الانتخابية.
وساطة جديدة؟
رغم الطابع الاستعراضي لتصريحات ترامب، يرى مراقبون أن الملف بات مفتوحًا مجددًا على الطاولة الأمريكية، خاصة وأن ترامب قال صراحة: “سنحل المشكلة بسرعة كبيرة، نحن نبرم صفقات جيدة”.
ويعتقد د. شراقي أن الظروف الحالية قد تكون مهيأة لو عاد الدور الأمريكي بحياد حقيقي، فمرحلة “الملء الأول” – التي كانت محور الخلاف الأساسي – قد انتهت، وإمكانية التوصل إلى اتفاق بشأن الملء المتكرر والتشغيل طويل المدى أصبحت أكثر واقعية. ويضيف أن “الوصول إلى اتفاق حاليًا سيقلل من مخاطر السعة التخزينية الكبيرة، ويضمن التشاور في أي مشروعات مائية مستقبلية”.
السد.. والخلط السياسي
غير أن شراقي حذّر من تضخيم دلالات السد سياسيًا، قائلاً إن سد النهضة ليس “حياة أو موت” بالنسبة لمصر، في إشارة إلى رفض القاهرة لأي ربط بين ملف المياه ومساومات إقليمية مرفوضة، مثل الحديث عن “بدائل” مرتبطة بقطاع غزة أو سيناء.
ويختتم شراقي بالإشارة إلى أن الضرر الحقيقي لمصر حدث في السنوات الخمس الماضية، حين بدأ ملء خزان السد تدريجيًا دون اتفاق، لكن التدابير المصرية والسد العالي جنّبت البلاد كارثة محققة، مشيرًا إلى أن إيراد هذا العام أفضل من سابقيه.