المزيد

«تراث الأدب القبطى.. تاريخ اللغة القبطية ولهجاتها.. مصادر الأدب القبطى ومبادئه»

«تراث الأدب القبطى.. تاريخ اللغة القبطية ولهجاتها..

مصادر الأدب القبطى ومبادئه»

 

حاتم عبدالهادي السيد :

يقع كتاب تراث الأدب القبطي الصادر عن مؤسسة القديس مرقس لدراسات التاريخ القبطى عام 2003، ويقع فى حوالى ثلاثمائة صفحة من القطع المتوسط، وفيه قائمة ثمينة لمصادر ومراجع بالعربية والأجنبية.. والكتاب يجيب عن سؤال : كيف تنشأ اللهجات داخل أو ضمن اللغة الواحدة، وما الفرق بينها وبين اللكنات التى تميز الناطقين بلغة واحدة عن بعضهم البعض، وهل هناك عوامل جغرافية وثقافية واجتماعية من وراء تعدد اللهجات واللكنات، وما مدى علاقة التداخل بين المجتمعات القديمة أو الدول بذلك، وما دور العقائد الدينية إذا كان لها دور، وهل اللغات الحية المعروفة فى عالمنا المعاصر ستعرف الموت مثل لغات سابقة عبر توزعها للهجات تتعمق الفواصل بينها لتصبح لغات ترقى اللغة الأم؟.

ولعل ما كتبه الدكتور شنودة والدكتور يوحنا، هو أكثر من خدمة جليلة سامية للمعنيين بتلك القضية ، لأنهما تتبعا تاريخيًا وعلميًا تاريخ اللغة القبطية،أصلها وخطوطها والتأثيرات اليونانية فيها، ودور الكنيسة فى تعميمها، وأخبارها فى العصور الإسلامية ثم بدايات الدراسات القبطية فى الغرب وجهود إنعاشها فى مصر.

ويقرر الكتاب أن القبطية ليست لهجة واحدة، وإنما مجموعة لهجات انحدرت كل لهجة منها من لهجة أقدم فى المصرية القديمة، ولدينا على الأقل سبع لهجات قبطية، منها لهجتان رئيسيتان، هما الصعيدية والبحيرية، ثم خمس أو ست لهجات صغرى هى: الفيوميةوالأخميميةوالأخميمية الفرعية التى تعرف بالأسيوطية ثم البهنساوية، والبشمورية، ولهجة P، وهى لهجة طيبة الأولية السابقة على الصعيدية، وبعض اللهجات يمكن تقسيمها إلى لهجات فرعية أصغر.

وكالمعتاد تاريخيًا، بل ثقافيًا وسياسيًا، يؤكد الكتاب أن اللهجة الصعيدية التى يرمز إليها بالحرف S أو صاد، وهى لهجة مصر العليا هى التى سادت على لهجات وادى النيل، وعلى الأقل من القاهرة إلى أسوان، ثم صارت فى القرن التاسع اللهجة الرسمية للكنيسة المصرية، بل إنها قبل ذلك- أى فيما قبل القرن الرابع- كانت لهجة الكتابة الأدبية لكل مصر، وفى قرون تالية حلت محل اللهجات الأخميميةوالأسيوطيةوالبهنساوية كلهجة للكلام، ثم فقدت الصعيدية مكانتها تدريجًا، ليحدث خلال القرن الحادى عشر أن تحتل اللهجة البحيرية مكانها وتأخذ مكانتها، فتصبح لهجة الصلوات الكنسية منذ القرن الحادى عشر فصاعدًا.. ويرمز للهجة البحيرية بالرمز B، أو «ب»، حيث كانت فى المطبوعات القديمة تسمى لهجة «منف»، ولكنها فى الأصل لهجة غرب الدلتا «البحيرة ووادى النطرون»، وبعد الفتح العربى، وكنتيجة مباشرة له امتدت شرقًا وجنوبًا، وفى القرنين الثامن والتاسع كانت منتشرة فى الوجه البحرى ثم صارت الترجمة البحيرية للأسفار هى النص الرسمى للكتاب المقدس، وذلك بسبب اختيار غالبية بطاركة وأساقفة الكرازة المرقسية من دير أبى مقار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى