هل انتهى عصر الكتب والمكتبات في ظل هيمنة العالم الرقمي؟

كتبت_ منة خلف:
في عصرنا الحالي، تبدو المكتبات مختلفة تمامًا عن تلك التي عرفناها في الماضي. لم يعد المشهد التقليدي للمباني الهادئة الممتلئة بالكتب حاضرًا كما كان، لكن هذا لا يعني أن المكتبات في طريقها إلى الاندثار. بل على العكس، تعمل العديد من المؤسسات على تطوير أدوات واستراتيجيات جديدة لضمان استمرار دور المكتبات في العصر الرقمي.
أمناء المكتبات كمرشدين في محو الأمية الرقمية
في الجامعات، على وجه الخصوص، يعاد تعريف دور أمناء المكتبات ليتجاوز كونه وسيطا لنقل المعلومات من الكتب إلى الطلاب، ليصبحوا مرشدين في مجال محو الأمية الرقمية. كما تعيد المؤسسات النظر في تصميم مباني المكتبات، فتتحول من أماكن هادئة للدراسة الفردية إلى مساحات تعزز الإبداع والتعاون، مما يجعلها مراكز ديناميكية تلبي احتياجات الجيل الرقمي.
قالت ميريديث تينهور، المؤرخة المعمارية والأستاذة المساعدة في معهد برات للهندسة المعمارية لصحيفة “إندبندنت”: “فكرة أن الجميع سيقرأ كل شيء على الشاشات لم تثبت صحتها، سيظل هناك مكان للكتب الورقية القديمة التي شكلت صناعة نشر وطباعة الكتب”. وأضافت أن أكثر تصميمات المكتبات ابتكارًا هي التي لا ترى الكتب كمصادر للمعلومات فقط، بل كوسائل لتعزيز الممارسات المجتمعية والفكرية التي تدفع القارئ للقيام بما هو أبعد من مجرد القراءة، بل التفاعل والبحث.
وأشارت ريسا هونيج، نائب رئيس التخطيط المالي في مكتبة نيويورك العامة، إلى أن الكتب الإلكترونية تشكل حوالي 20% من إجمالي ما يتداوله رواد المكتبة، لكن الطلب على الكتب الورقية لا يزال قائمًا. ورغم ذلك، لا تبدو المكتبات اليوم في نفس الشكل المعماري المرموق كما كان في الماضي، وهو أمر لم يعد ضروريًا.
في إطار هذا التطور، قالت تينهور إنه عندما يتم تصميم المكتبات المستقبلية، قد تكون الميزة الأهم هي ليس فقط العنصر المعماري، بل الموقع نفسه.
تحديات التمويل وتأثيرها على تصميم المكتبات
في السنوات الأخيرة، تعاملت مكتبتا نيويورك العامة وبروكلين العامة مع نقص التمويل من خلال بيع فروعهما في الأحياء الراقية واستبدالها بمكتبات أصغر تحت الأرض، تقع جزئيًا في قاعدة الأبراج التي تحل محلها. ورغم المساحة المحدودة لهذه المكتبات الجديدة، فإنها تظل مجهزة بالعديد من العناصر التكنولوجية الذكية.