مقالات

الكاتب حاتم عبدالهادي السيد يكتب :شعراء أمريكا من أصول إفريقية

الكاتب حاتم عبدالهادي السيد يكتب :شعراء أمريكا من أصول إفريقية

بعد ترجمتها الأعمال الشعرية لجيمس جويس لأول مرة للعربية وترجمة رواية “مكتب بريد” للأميركي تشارلز بوكوفسكي، تواصل المترجمة والشاعرة الفلسطينية ريم غنايم اهتمامها بالأدب الإنجليزي والأميركي خاصة، وتلتفت هذه المرة إلى الشعراء الأميركيين من أصل أفريقي لتقدّم للمكتبة العربية مختارات بعنوان “الموت في أرض حرة: مختارات من الشعر الأفروأميركي- كما يقول الكاتب / كمال الرياحي .”.

ولقد صدر – كما يقول الرياحي – الكتاب مؤخرا عن دار الجمل كفسحة في ثقافة الأقليات السوداء عبر عدد من القصائد لعدد من الأصوات الناطقة بحال تلك الأقلية المؤسسة للمجتمع الأميركي المعاصر.

ولعل هذا الأدب الذي جاء من قلب الظلام ومن قلب الطرق الوعرة والهامشية، قد وقف -مثل كل ثقافة أقلية- أمام فكرتي الهدم من أجل البناء، والإفراغ من أجل الشحن. والهوية، بصفتها القاعدة التي ترتكز عليها الثقافات المهزومة أمام الثقافات الاستعمارية المنتصرة، هي محور جدلي في مجال الأدب، تنبني عليها فرضيات وطروحات ومفاهيم متناقضة تضع المخيال الأبيض الاستعماري النمطي أمام المخيال الأسود المهزوم والذي لا يقل نمطية. وبين هذين المخيالَين تنفتحُ جدليات أيديولوجية وقراءات فكرية ما بعد استعمارية.

محور واحد
تطرح المترجمة، انطلاقًا من مبدأ الانتخاب، أكثر قصائد الشعراء والشاعرات جدلية في عملية مداورة لموضوع الهوية وتفرعاتها (العبودية، والتحرر، والذات، والآخر) حيث الهوية الزنوجية هي محور اللغة التي تُعادُ صياغتها بأساليب مبتكرة عبر الحقب الزمنية المختلفة، معيدةً معها إنتاج معانٍ لها مشحونة تارة ومفرغة تارة أخرى من خلال الصورة الشعرية وتقنياتها الفنية.

تقسم المترجمة في مقدمتها، هذا الشعر إلى أربع مراحل تأريخية كرونولوجية مؤطرة سمات وملامح هذا الشعر. حيث البدايات العائمة مع الشعر الفولكلوري بشقيه: الروحاني الديني، والعلماني الدنيوي، وهو ما يُعرف بالشعر غير المدوّن أدبيا حتى ظهور الشعراء السود من أمثال لوسي تيري وفيليس ويتلي وجوبيتر هامون، وهو عصر تدوين الشعر قبل “نهضة الهارلم”.

الشعراء الأميركيون من أصل أفريقي نظموا الشعر كفعل سياسي اجتماعي، ثم كتبوا الشعر كفعل تحريضي تمردي، ثم عادوا وكتبوا الشعر كفعل انفتاحي حداثي.
ثم يأتي عصر نهضة الهارلم من العام 1919 وحتى أواسط الثلاثينيات، وهي الفترة التي عُرفت بـ”حركة الزنوج الجديدة” وبروز أسماء مثل كلود ماكاي، وجين تومر فرانك، وهورن لانغستون، وهيوز أرنا بونتمبس، وكاونتي كولن، وغيرهم.
أما المرحلة الثالثة فكانت مرحلة ما بعد عصر نهضة الهارلم حتى الستينيات والسبعينيات، وهي تمثل حقبة النضج واكتمال الرؤية المتشظية المتراكمة للهوية وغاياتها وعلاقتها بزمانها ومكانها وماضيها وراهنها الحداثي .
في هذه القصائد، ننفتح على محاور ونزعات أيديولوجية ورؤى متعددة، فتارة نشهد القصائد ذات الطابع الديني المتأثر بحقبة ما قبل التدوين، وتارة نشهد انهيارات في هذه الرؤية إلى جانب الانغلاق على الذات في قصائد هامسة (بريثويت)، وتارة ثالثة نجد قصائد تمجد الغضب الكامن في قلب الأسود.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى