سيناء بين البداوة والمعاصرة
الشاعر حاتم عبدالهادى السيد لصوت الأمة العربية: الرواية هي تاريخ العرب الحقيقي
سيناء بين البداوة والمعاصرة
الشاعر حاتم عبدالهادى السيد لصوت الأمة العربية: الرواية هي تاريخ العرب الحقيقي
جمعتُ الكثير من التراث الشعبي السيناوي في البادية والحضر، بل إنني أول من جمع الشعر البدوي
عبدالهادي : البدويات ماهرات في العزف على الشبابة والأرغول والربابة والمقرون
عشقت النقد واستفدت من الشعر لصالح النقد
رسالة التنوير في المجتمع السيناوي استغرقت من عمري ثلاثين عامًا
لا يجب على الشاعر أن يضع الجمهور في المرجعية وهو يكتب نصه الكوني
حوار : أشرف قاسم
حاتم عبد الهادي ، عضو اتحاد كتاب مصر وعضو منظمة كتاب بلاحدود وعضو الاتحاد الدولي للصحافة الاليكترونية وعضو منظمة كتاب آسيا وأفريقيا وعضو منظمة الأدب الأفروأسيويوعضو اتحاد كتاب الانترنت العرب ورئيس مجلس إدارة المنتدى الأدبي بوزارة الثقافة بالعريش ورئيس مجلس إدارة جمعية سيناء الثقافية وعضو الجمعية العربية للثقافة والفنون والإعلام وعضو الأمانة العامة لمؤتمر أدباء مصر .
حصل على جائزة الدولة للتفرغ في مجال التراث 1999 وجائزة الدولة للتفرغ في مجال الشعر 2001م وجائزة التليفزيون المصري لأفضل قصيدة شعرية عام 2002م وجائزة المجلس الأعلى للشباب والرياضة في مجال الشعر عام 1988- 2005 .
تم تكريمه من قبل وزارة الثقافة بمؤتمر أدباء مصر عام 1991م ، وتم تكريمه من قبل وزارة الثقافة المصرية بمؤتمر أدباء القناة وسيناء عام 1993م ، وكرمته وزارة الإعلام عام 1978م ، والنقابة العامة للتعليم والبحث العلمي في مجال الشعر عام 2006م .
صدر له أكثر من ثلاثين مؤلفًا في المكتبة العربية تنوعت بين الشعر والنقد والإنثروبولوجيا والرواية والتراث السيناوي منها :
” أرض القمر -عبير الوردة المقدسة – اشتعال الجسد 2004م وقد تمت مصادرته أثناء أزمة رواية وليمة لأعشاب البحر – سهوب العذاب – أشواق العشاق – الشعر النبطي – التراث القصصي عند بدو سيناء – موسوعة أعلام سيناء – الصوم في التراث الإنساني – القدس أرض السلام والزيتون – موسوعة معالم من التراث السيناوى – الشعر البدوي – لأى سوف تنتسب – كونشيرتو الحب – دماء على جسر التايمز- عذراء إيلات – ثعلب الصحراء – السيمولوجيا والطاب الأدبي – السيموطيقا شعراء سيناء أنموذجًا – سأحرث الهدير في صحراء البحر – جيهان والبحر وأنا – الحب الأول وقصص أخرى مجموعة قصصية ”
إلى جانب عدة كتب عن القبائل العربية منها كتاب عن قبيلة المساعيد وآخر عن قبيلة بني سليم وثالث عن قبيلة العقايلة ورابع عن قبيلة بنى عقبة وخامس عن الأشراف .
– الشاعر والروائي والناقد والباحث حاتم عبدالهادي السيد يهمنا في بداية حوارنا معك أن تطلعنا على بداية تلك الرحلة الممتدة مع الكلمة .. كيف بدأت ؟ وما أهم ملامح تلك البدايات ؟
كانت بدايتي منذ أن كنت في الثانوية العامة حيث كان والدى الشاعر عبدالهادى محمد السيد هو أول من وضعني على طريق الشعر فكتبت القصيدة العمودية مثله، وكان قدوتي وأبى وصديقي، يأخذني كل عام الى معرض القاهرة الدولي للكتاب لنتخير الكتب، وكان يترك لي حرية الاختيار وكنت أميل لقراءة الروايات المترجمة فتعرفت الى شكسبير وموليير وبال فاليري ، وقرأت تولستوي وبريخت، ثم استهوتني كتب الفلسفة والأساطير فقرأت اسخليوس وهوميروس وعرجت الى دانتي ، ثم الى جبران خليل جبران وشعراء المهجر ، وكتبت أول قصيدة عن الوطن، ثم كتبت مقالة نقدية عن القصيدة الضوئية في الشعر الحديث وكانت حركة شعر التفعيلة في بداياتها فاستهوتني القصيدة وشرعت الى كتابتها ، وفى نفس الوقت كنت أكتب القصة القصيرة أثناء فترة الجامعة عام 1983م، قبل كتابة الشعر، وكان يراجعها ليأساتذتي د. عبدالرحيم الكردي، ود. يوسف نوفل ود. منصور عبدالرحمن ، ثم نشرت أول قصيدة عام 1985م في جريدة الجمهورية وبدأت أنشر وأنا في الجامعة ثم أسست نادى الأدب بالعريش ووضعت سيناء وأدباءها على خارطة الشعر المصريوالعربيات الجنبية بعد ذلك ، كما عملت في الصحافة في مجلة المصور ومراسلا للجهورية والمساء والعديد من الصحف المصرية، والعربية ، وترجمت أشعاري للعديد من اللغات.
– بدأت شاعرا ثم اتجهت للرواية وصدرت لك عدة روايات وصلت إحداها إلى القائمة الطويلة للبوكر ، كيف جاءت تلك الانعطافة ؟ وهل ترى بالفعل أن هذا زمن الرواية ؟.
بل بدأت كتابة القصة أولاً ثم صدرت لي عدة دواوين : أرض القمر ، عبير الوردة المقدسة، اشتعال الجسد – والذى تمت مصادرته أثناء مصادرة رواية وليمة لأعشاب البحر لحيدر حيدر، ثم اتجهت لكتابة الرواية وأصدرت أولاً رواية كونشيرتو الحب، ثم رواية دماء على جسر التايمز- والتي رشحت لجائزة البوكر- وكانت انطلاقتى من سيناء، حيث رصدت في الرواية ما يحيط بالأمة العربية – الآن- من صراعات وما يحاك بها من خفافيش الظلام ، أعداء الحرية والحب والسلام، ثم أصدرت رواية ثعلب الصحراء وهى تحكى بطولات أبناء سيناء أثناء معارك حرب الاستنزاف وفى حرب 1973م لتزيل الغمة عن أهالي سيناء ووصفهم بأنهم خونة وإرهابيون ، يأوون الإرهاب ويتسترون عليه، وتلك تهم باطلة روجها الإعلام للأسف لكن القيادة السياسية المصرية تعرف من هم أبناء سيناء وملفات منظمة سيناء العربية في سجلات المخابرات تشهد بوطنيتهم الكبيرة الشاهقة، واذا كان الشعر ديوان العرب، فان الرواية هي تاريخ العرب الحقيقي بعيداً عن كتاب التاريخ الذين لا أثق كثيراً في كتاباتهم التي تميل مع السلطة ، حيث يصاغ التاريخ في مطابخ السياسة والوزراء وهذه آفة هيكل وغيره كما أرى حديثاً ، نحن في زمن الرواية التي تعبر عن آلام وأوجاع الشعب ، لا من خلال برج عاجي ، ولكنني مع القصيدة العامية – التيلا أكتبها الا قليلاً جداً لأنها تحدث احتكاكًا مباشرًا مع الجمهور علاوة على أنها تخاطبه بلهجته الشعبية القريبة الى ذوقه العام، ونحن في عصر غاب عنه الذوق العام ونحن دوماً الى الزمن الجميل زمن القصيدة العربية الرائعة .
– صدرت لك عدة أعمال تنوعت بين الشعر والنقد والأنثروبولوجيا والرواية والتراث السيناوى ، ما سر هذا التنوع ؟
في سيناء تم تعمية المكان وجثم الاحتلال الصهيوني الغاشم على كل شيء فكانت أمامي رسالة التنوير عن المجتمع السيناوى واعادة وضعه في بؤرة الضوء فأخذت على عاتقي تلك المهمة النبيلة التي استغرقت ثلاثين عاماً ، استطعت من خلالها وضع سيناء على خارطة الإبداع المصريوالعربي في كافة المجالات لذا لا غرو أن يقول الجميع / إذا ذكرت سيناء ذكر حاتم عبدالهادى السيد، لذا أحمد الله أننى استطعت أن أجمع الكثير من التراث الشعبي السيناوي في البادية والحضر، بل أننى أول من جمع الشعر البدوي في عدة كتب منها : ثقافة البادية، الشعر البدوي في سيناء، الشعر النبطي، التراث القصصي عند بدو سيناء، كما جمعت الكثير عن تاريخ القبائل وصدرت لى عدة كتب منها : قبيلة المساعيد، الأشراف، بنى سليم، قبيلة العقايلة، قبائل سيناء ، إلى جانب موسوعة أعلام سيناء والتي صدرت في مجلدين تحوى بداخلها أسماء كبيرة قدمت لمصر وللعالم فعلى سبيل المثال منهم : الفريق أول بحرى فؤاد أبو ذكري قائد القوات البحرية في حرب أكتوبر وصاحب خطة تدمير المدمرة الإسرائيلية إيلات، وعثمان أحمد عثمان، ود. درويش الفار مكتشف منجم المغارة والحائز جائزة الدولة عام 1964م وغيرهم حوالى 500 شخصية كبيرة، ومنها – ولا تندهش- في مجال الشعر : الشاعر أحمد فؤاد نجم ابن قبيلة السواركة، والشاعر سيد حجاب ابن عائلة حجاب بالعريش، وعلى المستوى السياسي السيد / عمرو موسى، ود. أحمد فتحي سرور من قبيلة السماعنة ، ود. عبدالوهاب عزام أول أمين عام لجامعة الدول العربية من قبيلة العزازمة بوسط سيناء .
– انت أحد المهتمين بالتراث السيناوي ، وأحد حفظة هذا التراث من الاندثار ، حدثنا عما يتمتع به هذا التراث من خصوصية ؟.
التراث يصوغ هوية المكان ويعبرعن السكان والشعب، وأهالي سيناء يكتبون التاريخ للمكان وسيرته من خلال طبائع العادات والتقاليد وشكل الملبس ، وأزياء المرأة وحليها تعبر عن الصبغة البدوية الصحراوية الفريدة، ولتعلم – ولا تندهش أيضاً – أن البدويات ماهرات في العزف على الشبابة والأرغول والربابة والمقرون وقد ذكر ذو النون المصري المؤرخ في رحلته الى فلسطين أنه مر على فتاة رائعة الحسن والجمال فخلبت لبه وأراد أن يخطبها ، فأخبرها وسألها عن أهلها ليخطبها فقالت الأبيات الشهيرة – والتي نسبت كذباً – إلى رابعة العدوية، والحكاية موجودة في كتابه رحلات ذي النون المصري ، وهى :
أحبك حبين حب الهوى وحب لأنك أهل لذاكا
فأما الذى هو حب الهوى فشغلي بذكرك عمن سواكا
– تسير تجربتك الإبداعية جنبا إلى جنب بموازاة تجربتك النقدية ، أيهما قد استفاد من الأخرى ؟ وكيف تستطيع الموازنة بين التحربتين ؟
حقيقة أنا ناقد رغم أنف الشعر الذى تلبسني، وذلك لأنني أجد في النقد رائحة المكان ، الصحراء ببراحها الوسيع، وجمالياتها المتعددة، وذاتيالتي أحلق عبرها ، وعلى الرغم من كونى أحد المتخصصين في اللغة العربية، إلا أننى عشقت النقد واستفدت من الشعر لصالح النقد لأقدم الجديد، والمغاير، وربما المحايث المتشاكل كذلك، وكلما تلبستني القصيدة هربت إلى البحر وخاتلتها لأنني وجدت كونية أكثر اتساعاً ، ومذاقاً جميلاً ، لكنه ليس بمذاق كتابة قصيدة، او رواية أيضاً
– انت أحد أهم النقاد الذين رصدوا حالة الشعر العربي خلال السنوات الأخيرة ، ما هي أهم الظواهر التي رصدتها دراساتك النقدية وقراءاتك في المشهد الشعري ؟ وهل بالفعل أن شعرنا العربي يمر بمأزق ؟.
أولاً لقد اتخذت طريقاً مغايرة عن النقاد الذين وصفتهم بالجمود، فكثير منهم على غرار الشعراء يقول : نويت أنقد رواية او ديواناً على مذهب التفكيكية او البنيوية ، وهنا مكمن الخطأ الكبير الذى وقع فيه النقاد الأكاديميون- أساتذة الجامعة في الغالب- فهم يلوون عنق النص لصالح النظرية، أما أنا فقد جعلت النظرية في الذهنية المرجعية لى ، وناديت بسقوط النظرية الأدبية لصالح النص، فالنص يطرح نظرياته ومناهجه، وطرقه الغير معبّدة كثيراً ، والتي لا تتلاقى والنظريات المعولبة والمأدلجة والتي تؤدى الى تنميط الفن والإبداع وجموده، فالنص يجب التعامل معه في سياقه النصيّ بعيداً عن الحتميات التاريخية والسياسية ، وبعيداً عن التأويل الذى يستدعى تعالقات هي في مخيلة الناقد لا المبدع، لذا فالنص هو العجينة الفطرية الجميلة التي يجب ان اتعامل مع كينونتها الآنية، والتي قد تتماس بالواقع ، أو لا تتماس مطلقاً ، فالشاعر على سبيل المثال : ( يكتب ذاته، لذاته، واذا قرأ الآخرون فهذا ترف كبير ) أي لا يجب عليه وضع الجمهور في المرجعية وهو يكتب نصه الكوني، بعكس الروائي الذى يجب عليه أن يراعى تشاركية الجمهور الأدبي ، لأن الرواية تكتب التاريخ: تاريخ الذات ، والمجتمع والكون والعالم، أي ان لها وظيفة تعليمية ، انتقادية، إسقاطية، غير القصيدة التي ليس من وظائفها علاج المجتمع، فان جاء العلاج في ثنايا النص الإبداعي، فنعم بها، وان لم يأت فليس عليه حرج، لذا أخرج أفلاطون الشعراء من جمهوريته ، ومدينته الفاضلة.
– صدرت لك عدة كتب عن القبائل العربية منها كتاب عن قبيلة المساعيد وآخر عن قبيلة بنى سليم وثالث عن قبيلة العقايلة ورابع عن قبيلة بنى عقبة وخامس عن الأشراف ، لماذا هذا الاهتمام الواضح بالأنساب والبطون العربية ؟
أغلب سكان مصر قبائل عربية 70% منهم نزحوا إلى مصر أثناء الهجرات العربية ومن خلال مجيئهم مع عمرو بن العاص لفتح مصر، ولقد حثنا النبي(ص) على تعلم الأنساب، وعدم التعالي على الآخرين بان هذا حسيني ينتسب إلى الشرف النبويأو غير ذلك كما نجد الآن، فسير القبائل لا تقل عن سيرة أبي زيد الهلالي وعنترة وغيرهم لأنها تحوي التاريخ والسياسة والثقافة لمجتمع ما في زمكانية محددة بما يجعلنا نستقى من السير التاريخ كما استقينا من الشعر تاريخنا فهو ديوان العرب الكبير .
– حصلت على عدد من الجوائز والتكريمات .. فما تأثير الجائزة على المبدع ؟ وكيف ترى سياسة الجوائز العربية الكبرى ؟
لم أسع لجائزة الا مرة واحدة عندما تقدمت لجائزة الدولة التشجيعية عن ديواني”عبير الوردة المقدسة” وكان ضمن الدواوين الثلاثة التي ستفوز بالجائزة لكن لأنني من سيناء – أوربما ظننت- ذهبت إلى آخر، وأصدقائي يرشحونني في جميع المحافظات وحزت الكثير لكننيأطمح إلى تقدير الدولة الذى يمثل لى معنوياً ، نهاية المشوار والكفاح لمشروعي الكبير من أجل سيناء .
– سيناء أرض ذات خصوصية ثقافية ، ما تأثير الوضع الأمني الآن في سيناء على أدبائها ومثقفيها ؟
لا شك تأثرنا بالإرهاب وعانينا ودفعنا فاتورة الوطن عن كل الشعب المصري مكرهين لكننا تحملنا ولازلنا وسنتحمل من أجل مصر الخالدة ، ولكونيأحد السياسيين ، وأمين عام لحزب سياسي معروف ،لا أود الحديث في هذا الموضوع أكثر من ذلك .
– ما الجديد لديك خلال الفترة القادمة ؟
لى عدة كتب نقدية أجهزها للنشر عن مسيرة الابداع العربي في الدول العربية الآن، والى أي مدى استفاد من التقنيات الحديثة والمنجز الرقميالحداثي، الى جانب كتاب عن ما بعد الحداثة ، وانا للعلم منفتح على كل ما هو جديد وأشجع كل الكتابات الجديدة والأشكال الحداثية مثل : القصة الشاعرة، القصة الومضة، الأبيجراما ، الإبداع الرقمي والقصيدة التفاعلية والتشاركية وغيرها.