أخبار

قافلة الصمود لدعم غزة تصل شرق ليبيا وسط تمسك مصر بضوابط دخول المنطقة الحدودية

 

في مشهد يحمل دلالات سياسية وإنسانية بالغة، انطلقت صباح اليوم الخميس قافلة “الصمود” من مدينة مصراتة الليبية باتجاه مناطق الشرق، ضمن جهود متواصلة لكسر الحصار المفروض على قطاع غزة منذ سنوات. وتأتي هذه الخطوة في وقت تشهد فيه الأراضي الفلسطينية واحدة من أكثر فصولها دموية، مع استمرار العدوان الإسرائيلي المدعوم أميركياً على سكان القطاع، وسط صمت دولي وتواطؤ إقليمي.

القافلة، التي تُعد واحدة من أكبر التحركات الشعبية البرية في المنطقة دعماً للقضية الفلسطينية، كانت قد وصلت الليلة الماضية إلى مدينة زليتن في غرب ليبيا، حيث حظيت باستقبال شعبي حاشد. وتنظم هذه المبادرة تنسيقية العمل المشترك من أجل فلسطين، بالتعاون مع المجلس البلدي لمصراتة واللجنة العليا لحملة المساعدات الليبية، التي دعت المواطنين إلى المشاركة الواسعة في استقبال القافلة وتوديعها في طريقها نحو الشرق.

وتتكون القافلة من أكثر من 20 حافلة وقرابة 350 مركبة، تقل ما لا يقل عن 1500 مشارك من دول شمال إفريقيا، أبرزهم من تونس والجزائر، إلى جانب متضامنين ليبيين، مع توقعات بانضمام المزيد من المشاركين خلال محطات التوقف. الهدف الأساسي هو إيصال رسالة تضامن حقيقية مع أكثر من 2.4 مليون فلسطيني محاصر في غزة، وتأكيد الدعم الشعبي العربي المستمر رغم الحواجز السياسية والأمنية.

لكن المسار الذي تسلكه القافلة ليس مضموناً بالكامل. حتى اللحظة، لم تُصدر حكومة شرق ليبيا، التابعة للواء المتقاعد خليفة حفتر، موقفاً رسمياً من السماح بمرور القافلة في الأراضي الخاضعة لسيطرتها، والتي تبدأ من مدينة سرت وتمتد حتى الحدود مع مصر. حالة الغموض هذه تُضاف إلى موقف السلطات المصرية، التي أعلنت مساء الأربعاء عبر وزارة خارجيتها عن ضوابط صارمة لدخول المنطقة الحدودية المحاذية لغزة.

ووفق البيان المصري، فإن أي وفود أو أفراد يرغبون في دخول المنطقة عليهم التقدم بطلب رسمي عبر السفارات المصرية في الخارج أو من خلال القنوات الدبلوماسية المعتمدة، مؤكدة أن “أي تحركات خارج هذا الإطار لن يُنظر فيها أو يتم التعامل معها”. وتبرر القاهرة هذه الإجراءات باعتبارات أمنية دقيقة في ظل التطورات الميدانية المستمرة في غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

من جهتها، أكدت إدارة قافلة الصمود أنها بدأت منذ أسابيع التواصل مع السلطات المصرية عبر السفارة المصرية في تونس، كما أرسلت طلباً رسمياً إلى وزارة الخارجية، موضحة أنها لا تنوي خرق السيادة المصرية أو الدخول دون تفاهم واضح. وأشارت القافلة إلى رغبتها في تنسيق كافة الإجراءات لضمان وصولها الآمن إلى محيط غزة ضمن آلية قانونية.

في المقابل، أبدت إسرائيل موقفاً متشنجاً تجاه القافلة. حيث أصدر وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس تعليمات مباشرة للجيش الإسرائيلي بعدم السماح لما أسماه “المتظاهرين الجهاديين” بالدخول إلى غزة من جهة مصر، معتبراً أن تحركات كهذه تُشكل تهديداً مباشراً لجنود الاحتلال. ودعا كاتس السلطات المصرية إلى منع وصول المتضامنين إلى ما وصفه بـ”الحدود المصرية-الإسرائيلية”، محذراً من استفزازات قد تؤدي إلى تصعيد ميداني.

التحركات التضامنية مع الشعب الفلسطيني لا تقتصر على الساحة الليبية والعربية فقط، بل تتسع رقعتها في أوروبا أيضاً. ففي لاهاي، تجمّع ناشطون أمام محكمة العدل الدولية في وقفة رمزية للتضامن مع الأسرى الفلسطينيين، إيذاناً بانطلاق المسيرة الأوروبية للعدالة من أجل فلسطين، التي تنظمها منظمات حقوقية وتضم مشاركين من جنسيات متعددة. من المقرر أن تمر المسيرة بعدة مدن أوروبية كبرى منها بروكسل، باريس، وستراسبورغ، قبل أن تختتم رحلتها في جنيف في 17 يونيو الجاري.

وفي بلجيكا، تظاهر نشطاء من منظمة “فريدساكتي” أمام مقر شركة “BMT Aerospace”، احتجاجاً على مساهمتها في تزويد سلاح الجو الإسرائيلي بقطع غيار للطائرات المستخدمة في قصف غزة، مطالبين بوقف صادرات السلاح إلى إسرائيل.

وفي إيطاليا، صوت مجلس إقليم توسكاني على قرار بقطع العلاقات مع إسرائيل، لينضم إلى سلسلة مبادرات أوروبية تتزايد يوماً بعد يوم، احتجاجاً على استمرار الحرب وما توصف بجرائم الإبادة الجماعية في القطاع. خطوة رمزية، لكنها تحمل وزناً سياسياً في خضم الحراك الدولي المناهض للعدوان الإسرائيلي.

تتزامن كل هذه التحركات مع تفاقم كارثي للأوضاع الإنسانية في غزة، حيث تمنع إسرائيل إدخال المواد الغذائية والدواء والمساعدات منذ إغلاق المعابر في مارس الماضي، وتواصل تنفيذ عمليات إبادة جماعية أسفرت حتى الآن عن أكثر من 182 ألف شهيد وجريح، غالبيتهم من النساء والأطفال، إلى جانب آلاف المفقودين ومئات آلاف النازحين.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى