إيران تصعد لهجتها: موسوي يحذر إسرائيل من “رد مدمر” ويؤكد فشل واشنطن في إنقاذ تل أبيب

في تصعيد جديد على مستوى الخطاب العسكري والسياسي الإيراني، وجّه اللواء عبد الرحيم موسوي، رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، تحذيرًا غير مسبوق إلى إسرائيل، مؤكدًا أن أي عدوان جديد سيُقابل بردّ “رادع ومدمر”، وأن الولايات المتحدة – مهما قدّمت من دعم لحليفتها – لن تتمكن من حمايتها في حال اندلاع مواجهة جديدة.
وفي خطاب ألقاه خلال فعالية تأبينية للقائد السابق في الحرس الثوري، حسين سلامي، بدا موسوي أكثر وضوحًا في إظهار ملامح ما وصفه بـ”الرد الإيراني المحسوب”، كاشفًا أن بلاده كانت على استعداد لتفعيل خطة عسكرية ثالثة، أشد وقعًا وتأثيرًا، لكنها لم تُفعّل بعد.
بين الرسائل الموجهة والتهديد المباشر
لم يكتفِ موسوي بالتلميح، بل صرّح بشكل مباشر أن “ترامب لن يستطيع إنقاذ نتنياهو المرة القادمة”، في إشارة إلى التحالف الإستراتيجي طويل الأمد بين واشنطن وتل أبيب، والدعم الأمريكي المتواصل لإسرائيل في كل جولات التصعيد مع طهران.
وأضاف أن إيران، رغم كل محاولات الاحتواء والضغوط الغربية، ما زالت تمسك بزمام المبادرة، مستشهدًا بما أسماه بـ”صمود الداخل الإيراني”، وتكاتف الشعب، وقدرة الجيش والحرس الثوري على الرد بضربات متزنة لكنها مؤثرة.
وتابع موسوي بالقول: “في حال شن العدو أي هجوم جديد، سنجعله ذليلًا”، لافتًا إلى أن الرد الإيراني الأخير تم على مرحلتين: الأولى كانت لردع العدوان، والثانية عملية عقابية محكومة بسقف سياسي. أما الثالثة – والتي لم تُفعل – فهي مخصصة لحالة “الحرب الشاملة”، وتحمل في طياتها رسائل مبطنة حول قدرات طهران على قلب المعادلة الإقليمية.
اتهامات بتورط أمريكي في محاولة “إنقاذ تل أبيب”
المثير في خطاب موسوي أنه تجاوز التهديد العسكري، ليضع واشنطن في دائرة الاتهام المباشر بمحاولة الضغط على الوسطاء الدوليين لإيقاف التصعيد، وقال: “الولايات المتحدة سارعت إلى طلب وقف إطلاق النار لإنقاذ نتنياهو”، مشيرًا إلى أن التضامن الشعبي في إيران أفشل رهان واشنطن وتل أبيب على شق الصف الداخلي.
كما أشار إلى أن المخططات الغربية ضد إيران “لم تكن تقتصر على البرنامج النووي فقط، بل استهدفت النظام السياسي الإيراني برمّته، وكانت تهدف إلى إسقاطه خلال فترة لا تتجاوز أسبوعًا”، وهو ما وصفه بأنه وهم أمريكي بُني على “معلومات استخباراتية مضللة وشبكات من المتسللين والجواسيس”.
التصعيد في ظل توازنات إقليمية معقّدة
تأتي هذه التصريحات في وقت ما زالت فيه المنطقة تشهد توترًا متصاعدًا، بعد الضربات التي وُجهت لمواقع إيرانية يُعتقد أنها مرتبطة ببرامج نووية وصاروخية حساسة، وأقرت وزارة الدفاع الأمريكية أنها “أعادت البرنامج النووي الإيراني إلى الوراء عامين”، بحسب المتحدث باسم البنتاغون شون بارنيل.
لكن طهران قلّلت من تأثير تلك الضربات، وأكدت أنها لم تُوقف عمليات تخصيب اليورانيوم، ولم تغيّر من طموحاتها النووية التي وصفتها بـ”السلمية”، مشددة في الوقت نفسه على أنها تملك قدرات تكنولوجية وبشرية تعوض الخسائر في وقت قصير.
مخاطر التصعيد المفتوح
في السياق ذاته، كرر موسوي التأكيد على جاهزية القوات المسلحة لتنفيذ الرد الكامل إذا تطلب الأمر، وأوضح أن الخطة الثالثة التي لم يتم تنفيذها بعد، تهدف إلى شلّ قدرات “العدو” وتحقيق انهيار نفسي وعسكري في صفوفه.
وقال: “ما جرى هو جزء صغير مما يمكن أن نفعله، لقد أعددنا ما يجعلهم يندمون على لحظة التفكير في العدوان”، وهو ما اعتبره مراقبون رسالة مزدوجة، تتوجه إلى كل من إسرائيل والولايات المتحدة، وتعيد تأكيد نظرية الردع الإيرانية.
رغم أن الخطاب اتسم بالتصعيد، إلا أن لهجة موسوي لم تخلُ من العقلانية المحسوبة، إذ أشار إلى أن طهران لا تسعى للحرب لكنها لن تتردد في الرد، وهي رسالة كثيرًا ما كررها كبار قادة الحرس الثوري في الأشهر الأخيرة.
وتُظهر تصريحات موسوي محاولة واضحة لتثبيت قواعد اشتباك جديدة، تقوم على الردع المتبادل، مع التشديد على أن أية مغامرة عسكرية جديدة ضد إيران قد تفجر الإقليم، وقد تؤدي إلى تغيير قواعد اللعبة بشكل دائم.