رغم رد حماس الإيجابي.. ماذا ينتظر غزة بعد سحب الوفدين الأمريكي والإسرائيلي من مفاوضات الدوحة؟

في تحول لافت على مسار مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة، أعلنت الولايات المتحدة وإسرائيل سحب وفديهما من الدوحة، في خطوة أثارت تساؤلات حول مستقبل المحادثات وفرص التهدئة في القطاع المحاصر منذ أكثر من تسعة أشهر من الحرب.
فقد صرّح المبعوث الأمريكي الخاص إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، بأن الفريق التفاوضي الأمريكي غادر الدوحة للتشاور، على خلفية رد حركة حماس الأخير على المقترح الأمريكي-الوسيط بشأن وقف إطلاق النار. وأوضح ويتكوف، عبر حسابه في منصة “إكس”، أن الرد أظهر “عدم جدية الحركة في التوصل لاتفاق”، على حد قوله، مضيفًا أن واشنطن ستبدأ دراسة “خيارات بديلة لإعادة الرهائن إلى ديارهم”، منتقدًا ما وصفه بـ”السلوك الأناني” من جانب حماس.
الرد الإسرائيلي: لا انهيار ولكن مشاورات ضرورية
من الجانب الإسرائيلي، أشار مصدر سياسي إلى أن مغادرة الوفد من الدوحة لا تعني فشل المفاوضات أو انهيارها، بل تأتي نتيجة لوصول المحادثات إلى “مرحلة تتطلب العودة إلى التشاور”. ولفت المصدر الذي شارك في الاجتماعات إلى أن الفجوات لا تزال قائمة في القضايا الأساسية، رغم ما تحقق من تقدم جزئي في الأيام الأولى.
ووفق صحيفة يديعوت أحرونوت، ناقش الوفد الإسرائيلي رد حماس بعد استلامه من الوسطاء القطريين والمصريين، وخلص إلى أن الرد “لا يتيح تحقيق اختراق حقيقي ما لم تجرِ تغييرات على موقف الحركة”. وأكد المصدر أن القضايا الأكثر تعقيدًا تمثلت في “مفاتيح إطلاق سراح الأسرى”، حيث جاء رد حماس متأخرًا، ما تسبب بتأجيلات كبيرة.
أربع قضايا محورية ما تزال عالقة
بحسب المصادر الإسرائيلية، تتمثل أبرز النقاط الخلافية في المفاوضات الجارية في:
- آلية إدخال وتوزيع المساعدات الإنسانية.
- إعادة انتشار الجيش الإسرائيلي داخل قطاع غزة.
- شروط ومعايير تبادل الأسرى.
- الضمانات الدولية وآليات تنفيذ الاتفاق.
وفيما تصر إسرائيل على اتفاق يؤدي إلى إعادة جميع الرهائن، “أحياء أو أمواتا”، فإن حماس، بحسب المسؤولين الإسرائيليين، تسعى إلى تعظيم مكاسبها التفاوضية، مع التمسك بمطالبها بشأن وقف دائم لإطلاق النار، ورفع الحصار، وإعادة الإعمار.
تفاؤل حذر وتقييم للوضع
ورغم هذا الجمود، أشار مسؤول إسرائيلي مطّلع إلى وجود “تفاؤل متزايد” بشأن إمكانية تضييق الفجوات، مؤكدًا أن رد حماس الأخير احتوى عناصر “إيجابية”، من ضمنها القبول بتجميد القتال لمدة 60 يومًا، وتقديم خرائط محدثة بشأن الوجود العسكري الإسرائيلي في غزة.
كما أشار مصدر دبلوماسي إلى أن الوزير الإسرائيلي للشؤون الاستراتيجية، رون ديرمر، توجه إلى باريس لتنسيق المواقف مع مسؤولين أوروبيين، في مؤشر على استمرار المساعي الدبلوماسية خلف الكواليس، رغم سحب الوفود التفاوضية من قطر.
وكانت حركة “حماس” قد أكدت في بيان مقتضب عبر “تلغرام” تسليم ردها إلى الوسطاء، إلى جانب ردود بقية الفصائل الفلسطينية، دون كشف تفاصيل إضافية.
السيناريوهات القادمة: تعقيد لا قطيعة
المشهد التفاوضي بعد انسحاب الوفدين لا يشير إلى انهيار تام، بل إلى جمود مؤقت بانتظار جولات جديدة من المشاورات وتقديم تنازلات محتملة. وقد تؤدي عودة الوفود إلى عواصمها، وخصوصًا إسرائيل والولايات المتحدة، إلى إعادة تقييم استراتيجيات التفاوض في ظل ضغوط داخلية وخارجية متزايدة لإنهاء الحرب.
وفي حين لا تزال غزة تنتظر لحظة تنفس في ظل الدمار المتفاقم والكارثة الإنسانية، فإن مستقبل التهدئة مرهون بإرادة سياسية متبادلة، وخطوات عملية لتجسير الفجوات، قبل أن تعود لغة السلاح لتتصدر المشهد من جديد.