انقلب السحر على الساحر.. نتنياهو يتحدى أمريكا إذا اعترفت بالدولة الفلسطينية.

بقلم حسام حفني
لم يعد أمام بنيامين نتنياهو سوى الصراخ والتهديد، بعد أن شعر لأول مرة أن الحبل الذي طالما تشبث به قد يفلت من يديه. الرجل الذي عاش حياته السياسية كلها متكئًا على الدعم الأمريكي الأعمى، وجد نفسه فجأة يلوّح بقبضته في وجه واشنطن، مهددًا إياها إن اعترفت بالدولة الفلسطينية. يا للمفارقة!
أيُّ وقاحة هذه؟ إسرائيل التي وُلدت من رحم الدعم الأمريكي والغربي، والتي ظلت لعقود تعيش على دماء الفلسطينيين وضرائب دافعي الأموال في أمريكا، تتجرأ اليوم على التلويح بالعقاب ضد سيدتها الأولى!
لكن الحقيقة أن ما يحدث ليس شجاعة من نتنياهو، بل هو رعب حقيقي من أن تتبدل قواعد اللعبة، وأن يجد نفسه مكشوف الظهر أمام العالم.
اعتراف أمريكا بفلسطين – حتى لو كان متأخرًا عقودًا – كفيل بهدم الأساس السياسي الذي بناه الصهاينة منذ 1948. نتنياهو يعرف ذلك، ويدرك أن لحظة كهذه تعني سقوط ورقة التوت التي تغطي جرائم الاحتلال، وتحوله من “محميّ” إلى “مطلوب”.
حين يهدد نتنياهو واشنطن، فإنه يعلن بوضوح: لقد انتهت مرحلة الاستقواء، وبدأت مرحلة الارتباك. لقد أدمن الرجل أن يتلقى الأوامر من البيت الأبيض ليحولها إلى رصاص على صدور الفلسطينيين، فإذا به الآن يتوسل ألا يخرج القرار من هناك ضده.
لكن ما لا يريد أن يعترف به نتنياهو أن العالم تغيّر، وأن إسرائيل لم تعد قادرة على بيع أساطيرها القديمة. الرأي العام الدولي رأى الدم الفلسطيني الطاهر يُسفك يوميًا، ورأى وجوه الأطفال تحت الأنقاض، فلم يعد أحد يصدق أكاذيب “الضحية الأبدية”.
الرسالة التي يجب أن يفهمها نتنياهو ومن على شاكلته بسيطة.. فلسطين قادمة شاء من شاء وأبى من أبى. وأمريكا إن تأخرت في الاعتراف اليوم، ستضطر غدًا للاعتراف مرغمة.
أما نتنياهو، فليستعد لمصير كل الطغاة: العزلة، السقوط، وربما المحاكمة على جرائمه.
فقد آن أوان أن يقال له: كفى.. لقد انتهى زمنكم.