أخبارتقارير و تحقيقات

عباس شراقي: محطة بحر البقر إنجاز عالمي يعزز التنمية في شمال سيناء

بعد آلاف السنين من الانقطاع، شهدت سيناء إنجازا غير مسبوق بعودة مياه النيل إليها، وهو ما وصفه الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة. بأنه خطوة كبرى في إعادة الحياة إلى هذه المنطقة التي كانت يوما جزءا من شبكة نهر النيل القديمة. فقد كانت سيناء تاريخيا تتصل بأحد الفروع السبعة القديمة للنيل، المعروف باسم “البيلوزي”. والذي اختفى عبر العصور. واليوم، أعيد تدفق المياه عبر أنفاق تمر تحت قناة السويس شرق بورسعيد، لتصل إلى ترعة السلام (الشيخ جابر) وتمتد حتى بئر العبد. مع دراسة إمكانية استمرارها شرقا نحو العريش أو جنوبا وفقا لخصائص التضاريس.

هذا المشروع العملاق يرتبط مباشرة بمحطة بحر البقر. التي افتتحت في 27 سبتمبر 2021، وتعد واحدة من أكبر محطات معالجة مياه الصرف الزراعي في العالم، حيث تعالج 5.6 مليون متر مكعب يوميا. بتكلفة استثمارية بلغت 1.2 مليار دولار. المحطة تستقبل المياه من مصرف بحر البقر، أحد أطول المصارف في العالم. إذ يمتد لمسافة 207 كيلومترات. مرورا بمحافظات القليوبية، الشرقية، الدقهلية، الإسماعيلية، بورسعيد، وشمال سيناء، قبل أن تصل إلى بحيرة المنزلة.

المصرف، الذي كان في الأصل مخصصا للصرف الزراعي. تحول مع الوقت إلى مصدر تلوث كبير نتيجة التوسع السكاني والصناعي، ما أثر سلبًا على جودة المياه في بحيرة المنزلة وأدى إلى تدهور الثروة السمكية فيها. ومع تنفيذ مشاريع التطهير والتكريك وإزالة التعديات، استعادت البحيرة عافيتها. في الوقت الذي تم فيه تحويل 5.6 مليون متر مكعب من مياه المصرف إلى سيناء عبر سحارات ترعة السلام.حيث تخضع للمعالجة في محطة بحر البقر، ليصل إجمالي المياه المعالجة سنويا إلى نحو 2 مليار متر مكعب. تستخدم في استصلاح 500 ألف فدان من الأراضي الزراعية. بعد خلطها بـ2 مليار متر مكعب أخرى من مياه النيل العذبة.

الدكتور عباس شراقي أشار، عبر تدوينة على حسابه بموقع فيسبوك، إلى أن محطة بحر البقر تمثل إنجازا بيئيا وزراعيا وريا هائلًا.حيث تم إنشاؤها في غضون عامين فقط (2019-2021)، وشملت أعمالها تنفيذ 7 كباري، و6 سحارات تحت قناة السويس، إضافة إلى حفر قنوات ومحطات رفع وشبكة طرق وكباري ومحطات كهرباء واستصلاح أراض وشبكات ري حديثة. إجمالي الاستثمارات المرتبطة بهذه المشاريع بلغ نحو 150 مليار جنيه (بأسعار 2021). ما يجعلها واحدة من أضخم المشروعات القومية في تاريخ مصر الحديث.

خطة الزراعة

وبإتمام هذه المرحلة، تكون البنية التحتية لمشروع ترعة السلام قد اكتملت، ولم يتبق سوى تنفيذ خطة الزراعة. حيث تم حتى الآن زراعة نحو 75 ألف فدان فقط. أي ما يعادل 17% من المستهدف الكلي البالغ 450 ألف فدان. لكن رغم الإنجاز، لا تزال هناك تحديات. أبرزها كيفية توزيع الأراضي وإدارتها. إضافة إلى المشكلات الفنية المتعلقة بزيادة ملوحة التربة، خاصة وأن المنطقة المعنية جزء من سهل الطينة.

ورغم أن الهدف الرئيسي للمشروع كان استصلاح 450-500 ألف فدان زراعي.إلا أن هناك توجها لتبني نهج تنموي أكثر شمولية، بحيث لا يقتصر المشروع على الزراعة وحدها، بل يشمل قطاعات أخرى مثل الصناعة (تصنيع السيارات، الأسمنت، الإلكترونيات، الأجهزة الكهربائية). إلى جانب مشروعات سياحية وصحية تشمل بناء مستشفيات متخصصة وجامعات. وهو ما يفتح المجال أمام زيادة معدلات التوطين في سيناء واستيعاب مليون مواطن جديد على الأقل. ليكون هذا المشروع نقطة تحول كبرى في مسار التنمية الشاملة للمنطقة.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى