المزيد

تاريخ الشعر المغربي المعاصر… د. أحمد مفدي والمقولة المسجورة

تاريخ الشعر المغربي المعاصر.. .د. أحمد مفدي والمقولة المسجورة

 

حاتم عبدالهادي السيد

 

إذا كان الشاعر المغربي الكبير د. أحمد مفدي يغلق، أو يخفي كل المفاتح للبحث عن مفاتيح لفك المُستغلقات، إلا أن المعنى الكاشف هنا –عبر الاستيحاءات – والتضمينات تأتي كشذرات لتحيلنا إلي نيرون وحرقه لرومان، أو عنت فرعون وحديثه لهامان لأن يبني له صرحاً ليصعد ليرى ‘إله موسي عليه السلام، وهو دليل التكبر والجبروت، أو يأتي بقصة من عقروا ناقة صالح لظلمهم وتجبرهم، أو النمرود الذي قال : ” أنا ربكم الأعلي”، فسلط المولي عز وجل بعوضة تطن له في أذنه، ولا يريحه إلا الضرب علي رأسه بالنعال وكلها مرمزوات تكشف عن قصدية المعني الذي تغياه عبر رفضه للسلطة ونظام الحكم – آنذاك – ولكن بصورة رامزة، ولقد حاولنا –هنا – فك مستغلقات المعني عبر التأويل، وازاحة المعاني السطحية، والكشف عن البني العميقة التي تحتفي وراء ظلال المعنى ومرموزاته البعيدة ، لذا رأيناه يكمل ما بدأه – وما تأولناه – في قصيدته : ” المقولة الـمَـسْـجُـورَةُ”، فهو-هنا – عبر العنوان الرامز، والدوال التي يخفيها، ويرمز لها بشيفرات تكشف عن كنهها عبر غلالة المعني، والصور التي تشبه السوريالية، أو شجرة جميلة عراها الخريف، فنراها شامخة جميلة رغم تعريها، فهو يكشف لنا عورات النظام والأنظمة العربية، ويهرف في مرمزواته ليُسجّر مقولاته بأقفال، وشيفرات، يقول :

يا ليلَ الْحَاضِرِ، طُلْ إِنْ شِئْتَ زَمَانَا

فَأَنَا أَنْـتَظـرُ….

مَـنْ يَـأْتِـي…..

لَا بُـدَّ مِـنَ الـصَّـحْـوَةِ كَـيْـمَـا

أَرْقُم حَـرْفًـا مِـنْ

ثَـوْرَةِ أَسْـرارِ ( الـنُّـونِ) وَقَـدْ كُـتِـبَـتْ…

وَهَـجـًا فِـي سِـجِّـيــلٍ

مِـنْ صَـمْـتِـي الـصَّـيْـفِــيِّ الـمَـكْـبُـولْ….

وَاُسَـجِّلْ ….

ثُـمَّ أُسَـائـلُ عَـنْ آزِفَـةِ الـغُـمَّـةِ

تَـارِيـخَ الأُمَّـةِ مَـنْ سَـلّـمَ أَوْطـانـاً…..

( وَمَـفَـاتِـيــحَـهُ ) للـقُـرْصَـانْ….

مَـنْ بَـاعَ الـخُـلْـجَـانَ…..

وحَـيَّـا قَـوْمَـهُ شَـزْراً

حِـيـنَ رَمَـى

وِجْدَانَ الـصَّـحْـرَاءِ

بِـأَحْـضَـانِ الـشَّـيْـطَـانِ وَنَـامَ مُـهَـانَـا…..

إن المقولة المسجورة هنا تكشف عن مؤامرة، لتسليم الصحراء المغربية للقرصان في إسبانيا، كما يكشف دال الصحراء والقرصان واستتباعاتهما عن التراخي من قبل القصر الملكي في شأن قضية الصحراء رغم مؤامرات ومخططات إسبانيا ومحاولاتها سلخ الصحراء الغربية في منطقتي : ” الساقية الحمراء”، “ووادي الذهب” وفصلهما عن التراب المغربي بإنشاء دولة صورية هناك تكون تحت نفوذها ووصايتها . ولقد دار الحوار آنذاك بين جلالة الملك الحسن الثاني ملك الاردن والمناضل المغربي عبدالرحيم بوعبيد في يونيو 1974م في هذا الشأن للتحذير من خطر الإسبان، وضرورة وجود اجماع وطني، لرفض المخططات الإسبانية . وتم اطلاق مبادرة ” الحملة الوطنية لإنقاذ الصحراء ” بمشاركة كل القوي السياسية – دون استثناء، كما تم اطلاق سراح كل المسجونين والمعتقلين وتحقيق انفراج سياسي في البلاد .

ونحن عبر التأويل الذي أوردته الرموز، وعبر المثاقفة للدوال ندخل عبر المخيال الاحالي إلي تلك المشكلة، فقد عانت الصحراء الكبرى الكثير من الاهمال والتفريط ، التأجيل الذي أصبح يهدد كيان الدولة المغربية كلها ؛ بعد فترة الاستقلال وطرد الاستعمار الفرنسي من البلاد. ولقد أعلن الاتحاد المغاربي آنذاك بأنه لابد من استعادة الديمقراطية لإعادة الصحراء الكبرى للتراب الوطني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى