اشتباكات واعتقالات تمتد إلى سان فرانسيسكو واعتقال 60 شخصا

تتصاعد حدة التوترات في ولاية كاليفورنيا مع استمرار الاحتجاجات الواسعة ضد السياسات المتشددة التي أعلنها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بشأن ملف الهجرة. وشهدت شوارع كل من سان فرانسيسكو ولوس أنجلوس موجة جديدة من المواجهات، في واحدة من أعنف التحركات الشعبية التي أعادت إلى الواجهة الجدل حول استخدام القوة العسكرية لفرض سياسات داخلية.
ففي سان فرانسيسكو، أعلنت الشرطة المحلية أنها أوقفت نحو 60 شخصًا خلال مواجهات مع محتجين، مشيرة في بيان عبر منصة “إكس” إلى أن التظاهرة خرجت عن السيطرة بعد أن “أصبح العديد من المشاركين عنيفين”، وهاجموا مباني ومركبات تابعة للشرطة. ولم يخلُ المشهد من استخدام مفرط للقوة، حيث انتشرت قوات مكافحة الشغب في مناطق متعددة وسط المدينة، في محاولة لإعادة ضبط الأوضاع.
أما في لوس أنجلوس، التي تشهد منذ يوم الجمعة سلسلة من الاشتباكات اليومية، فقد أعلنت السلطات أن منطقة وسط المدينة باتت “منطقة تجمع غير قانوني”، بعد دخول المواجهات يومها الثالث على التوالي. وفي تحذير مباشر نشرته شرطة المدينة، دُعي المحتجون إلى مغادرة المنطقة على الفور، في حين تواصلت عمليات الاعتقال بوتيرة متسارعة، حيث تم توقيف 56 شخصًا خلال عطلة نهاية الأسبوع فقط.
جذور هذا الغضب الشعبي تعود إلى القرارات الأخيرة الصادرة عن ترامب، والتي شملت أوامر استثنائية بنشر قوات الحرس الوطني وتعبئة وحدات عسكرية نظامية في مدن كبرى بولاية كاليفورنيا، بزعم السيطرة على الاحتجاجات وتأمين الممتلكات العامة. إلا أن هذه الخطوة أثارت موجة انتقادات حادة من قبل مسؤولين محليين ونشطاء حقوقيين، ووصفت بأنها “انتهاك صارخ لسيادة الولاية” و”تصعيد غير مبرر في وجه مطالب مشروعة”.
الاحتجاجات جاءت كرد فعل مباشر على ما اعتبره المتظاهرون حملة قمعية ضد المهاجرين، خاصة بعد أن طالت مداهمات السلطات الفيدرالية أماكن عمل يقطنها ويعمل فيها عدد كبير من أبناء الجالية اللاتينية. الرد الشعبي كان عارمًا، إذ تدفق الآلاف إلى الشوارع، في مشهد أعاد للأذهان الاحتجاجات الكبرى التي شهدتها الولايات المتحدة في فترات سابقة دفاعًا عن الحقوق المدنية.
وفيما لجأت الشرطة إلى استخدام الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي والقنابل الصوتية لتفريق المتظاهرين، تزداد المخاوف من اتساع نطاق هذه التحركات وتحولها إلى صدامات مفتوحة مع الأجهزة الأمنية، خاصة في ظل تعنّت في المواقف السياسية وتصعيد في لغة الخطاب من جانب المسؤولين الفيدراليين.
في ظل هذا المشهد المتأزم، تتجه الأنظار إلى مواقف الحكومات المحلية، التي باتت في وضع صعب بين حماية السلم الأهلي من جهة، والتمسك باستقلالية قرارها السياسي والأمني من جهة أخرى، وسط دعوات حقوقية متزايدة لمحاسبة من يقف وراء هذا التصعيد، والدفع باتجاه حل سياسي يحترم حقوق الإنسان ويجنب المدن الأمريكية مزيدًا من الانفجار الداخلي.