سيول «وادي العريش» تاريخ حفرته المياه الجارية في أعماق الزمن (صور)
تاريخ من المواجهات بين الطبيعة والبشر على أرض الفيروز
تقرير يكتبه: محمود حسن الشوربجي
لا زالت آثار الطين عالقة على جدران منازل مدينة العريش الواقعة على جسر وادي العريش إلى اليوم، وذلك من بقايا السيل الجارف الذي شهدته العاصمة في عام 2010م، ووفقا لما ذكره الأجداد أن هذا السيل كان أقوى سيل شهدته مدينة العريش والمحافظة بأكملها رغم أن سيل الثمانينات كان قاسيا إلا أن هذا السيل كان هو الأشد على الإطلاق.
أما عن وادي العريش فهو أطول وادٍ في شبه جزيرة سيناء كلها، يربط جنوب شبه جزيرة سيناء بشمالها، ينشأ من مرتفعات جبال العجمة ويسير في منتصف أرض التيه مخترقاً جبالها ثم أرض شمال سيناء الذي يتخذ الاتجاه الشمالي الشرقي متتبعاً الانحدار العام لسطح الأرض حتى يصل إلى شاطيء البحر الأبيض المتوسط شمالاً ويصب فيه بمدينة العريش الساحلية، و يشغل حوض وادي العريش نحو ثلث مساحة شبه جزيرة سيناء ويبلغ طوله حوالي 300كم، ومتوسط عرضه حوالي 40 متراً في أضيق مناطق مجراه، وفي مناطق أخرى يصل عرضه إلى كيلومتر أو نحوها، قيل سُمي بذلك نسبة إلى مدينة العريش أكبر حاضرة في سيناء قاطبة، وسيأتي ذكرها تفصيلاً، وصنعت الحكومة له في القرن الماضي سداً منيعاً لحجز مياهه والاستفادة منها ويدعى ” سد الروافعة”، وشرعت الحكومة المصرية بعد سيل عام 2010 كان سيلاً كارثياً شبَّههُ الشيوخ بسيل الثمانينات وأحدث كوارث كثيرة ومن ثم أنشأت الحكومة 4 جسور أعلى الوادي عند مصبه، كما سيجيء.
هذا ومما يذكرهُ الأجداد والشيوخ أن مصب وادي العريش في القرن الثامن عشر وما قبله كان يبدأ من منتصف واحة أبو صقل شرقاً وحتى بداية حي كرم أبو نجيلة غرباً بوسط مدينة العريش وكان ماؤهُ يغور في الأرض ويقتلع أشجارها ويعبث بنخيلها، ومنهم من ذكر أيضاً أنه في القديم كان ينفرد من وادي العريش قرب مصبه فرعاً آخر يصب عند حي آل ذكري بطريق البحر، والظاهر أن هذه الرواية صحيحة لانخفاض هذه المنطقة، قالوا أن الأجداد عثروا على طمياً ورواسب سيل الوادي في هذا المكان مما يدل أن هذا المكان كان مصباً فرعياً لوادي العريش، وسيأتي ذكر هذه المناطق تفصيلاً في فصل المدن وضواحيها، وعلى جانبي الوادي مزارع وحدائق يزرعون فيها أشجار الفاكهة والخضروات وغيرها وأكثرها أشجار الزيتون، ويستخدمون الآبار ومواتير سحب المياه لتسقي زراعاتهم بشبكة من الخطوط البلاستيكية “خراطيم مياه” وأحياناً يحفرون قنوات للمياه، ولوادي العريش رأسان يلتقيا قرب “جبل ظلّيل” وهما: “وادي المغارة” وينشأ من مرتفعات نقب ورصاء، و “وادي جُنَيف” وينشأ من شرق مرتفعات نقب ورصاء عند منطقة تدعى “حصى الـمُرَوكِبة” وهي منطقة كثيرة الحصى، ويلتقيان الرأسان في منطقة تدعى “عُرقوب الراهب”.
سيول وادي العريش .. تاريخ حفرته المياه الجارية في أعماق الزمن
أما عن سيل وادي العريش فمن المعروف أنه يسيل كل عام في زمن الشتاء في الأيام التي يتساقط فيها الأمطار بشكل غزير ولكن قد يكون السيل بسيط حيث ينتهي في وسط مجرى الوادي قبل وصوله إلى نهاية مصبه في مدينة العريش عند البحر المتوسط. ولكن هناك سيول غزيرة جداً والتي وصل فيها السيل إلى البحر وفي غالب الأحيان كانت سيول كارثية دمَّرت أمامها من حدائق وبنايات وغيرها.
“سدّ الروافعة” وهو سد عال ضخم على شكل قوس مبني من الحجارة الغشيمة الصلبة فى منطقة الروافعة على مجرى حوض وادي العريش التى تبعد بمسافة 8 كم شمال مضيق صغير يدعى “ضيقة جبل الحلال” والتابعة إدارياً مدينة الحسنة بوسط سيناء ويبعد عن مدينة العريش بنحو 50 كم، قامت بإنشائه وكالة ري الصحاري بوزارة الأشغال العامة والموراد المائية في عام 1946 م ، قيل سُمي بهذا الاسم على أشهر عدّ مياه قديم في هذه المنطقة كان يُعرف بـ “عدّ الروافعة”.
ويصل إجمالي ارتفاع السد إلى 20 متراً منقسمة إلى ارتفاعه فوق قاع الوادي إلى 12 متراً وارتفاع أساسه ثمانية أمتار، ويصل منسوب قاع حوض التخزين في الجهة التي أمام السد إلى 18 متر فوق سطح الأرض، ويبلغ منسوب عتب السد إلى 130 متراً وعرض الوادي عند منسوب عتب السد 70 متراً.
هذا وبلغت تكلفة “سد الروافعة” نحو 30.0000 جنيه مصري، وأما عن سعة التخزين فقد بلغت 3 مليون متر مكعب من المياه الجارية على السطح وبه فتحات مقاس (1×1) متر أسفلها منسوب 30 متر فوق سطح البحر، قاموا بتركيب عليها بوابات بأوناش متينة جداً و يمكن التحكم فى غلقها أو فتحها عند اللزوم، ولما سألت أحد العاملين هناك عن الغرض من هذه البوابات والفتحات قال أنهم يستخدمونها لكسح الطمي و الرواسب التي تتجمع أمام السد في وقت سيل الوادي وكذلك تستعمل للتهوية للمياه المحجوزة أمام السد.
هذا ولعل حوض وادي العريش هو أكبر وأوسع أودية شبه جزيرة سيناء كلها وهو يمثل أكبر كمية لسقوط الأمطار فضلاً عن الأودية الفرعية الرئيسية والمتفرعة منها أيضاً والتي تصب فيه عن يمينه ويساره كما مر، وفي العصور التي قبل القرن التاسع عشر كانت مياه الوادي تذهب هدراً في المناطق المحيطة بحوضه أو في البحر إذا ما كان السيل غزيراً جداً، وجاءت أهمية بناء السد في حجز أكبر قدر من المياه فيه للاستفادة منها للمساحات الزراعية القريبة والمحيطة بجانبي الوادي وكذلك السد.
والجدير بالذكر أيضاً أن أول من فكر في إنشاء سد منيع في حوض وادي العريش هم الأتراك العثمانيين أثناء احتلالهم مصر في الحرب العالمية الأولى وحاول أيضاً الاحتلال البريطاني في بناء جسور حديدية كسد منيع للوادي ولكن باءت محاولاتهم بالفشل، وبحسب المصادر القديمة فإن السدود التي صنعوها القدماء كانت عبارة عن حواجز إما بالرمال أو بالصخور وكلها للتقليل من سرعة تدفق المياه الناتجة عن السيل وكثيراً ما تنهار في أول سيل يجتاح البلاد.
وجاءت أهمية بناء السد في رصد كميات الأمطار والسيول والاستفادة منها، حيث يتم رصد السيل القادم لسد الروافعة في الدقائق الأولى من بدء وصوله وبعد علو منسوب المياه في المنحنى المعروف بالسعة ومناسيب المياه ومنها تتمكن إدارة الموارد المائية من تقدير كمية أي سيل يصل إلى سد الروافعة تقديراً دقيقاً، وفي العصور التي قبل بناء السد لم يكن هناك أساليب متاحة لتقدير كميات السيول التي اجتاحت حوض وادي العريش.
وقام معهد تنمية الموارد المائية التابع لوزارة الري في عام 1986م بعمل تصميم ودراسة فعلية لتعلية السد ورفع منسوب عتب السد إلى 132 متر فوق سطح البحر بارتفاع مترين عن منسوبه الذي تم انشاؤه في عام 1946 م، وجاء ذلك لزيادة سعة حوض الخزان بمقدار 3.8 مليون متر مكعب، وقال أحد الموظفين المسؤولين أن الزيادة في سعة قاع الخزان عند منسوب 118 متر وبعد التعلية تجعل الإجمالي يصل إلى 6.8 مليون متر مكعب وهذه السعة تكفي لري نحو 400 فدان خلف السد لمسافة تقدر بـ 3 كم شمال السد عن طريق مواسير لتغذية المناطق المقترحة للزراعة، وفي زيارة سريعة لي في عام 2010م بعد السيل الجارف الذي اجتاح المنطقة في شهر يناير 2010 والذي خلف من ورائه أضرار بالغة في المناطق المجاورة لوادي العريش لاحظت امتلاء لمنسوب المياه خلف سد الروافعة وأوضح لي بعض المزارعين في هذه المنطقة أن تراكم الطمي والرواسب أمام السد يؤدي إلى انخفاض في السعة التخزينية المائية للسد مطالباً الأجهزة المختصة بضرورة إزالة الطمي والرواسب حتى يتم توفير سعة تخزينية مائية كبيرة.
هذا ويحجز سد الروافعة من ورائه كميات كبيرة جداً من المياه والتي تتعد الـ 8 مليون متر مكعب، ولعل بعضهم يستغلها في الزراعة عن طريق استخدام مواتير سحب المياه في جلب المياه إلى أراضيهم. ومنهم من يصنع هرابات المياه عند السد للاحتفاظ بالمياه حتى زمن الصيف، ومنهم من يقوم بتوصيل مواسير لنقل المياه والطمي أيضاً لمزارعهم القريبة مما يزيد من خصوبة الأرض أيضاً.
و طُرحت دراسة علمية في وقت سابق أعدها المهندس الزراعي: محمود محمد علي الحجاوي، توضح الاستفادة والاستغلال الأمثل للمياه الموجودة خلف السد والتي حفزت الأهالي بضرورة استخدام هذه المياه في الأعمال الزراعية مثل مزارع الزيتون والفاكهة وغيرها وكذلك الزراعات الموسمية، وقدَّم مقترحات لعمل شبكات للري وذلك لتوزيع المياه على الأراضي الغير صالحة للزراعة أو الفقيرة من المياه أو الأراضي التي تحتاج إلى مياه، وكذلك عمل سدود على أبعاد مختلفة من سد الروافعة بحيث يكون كل سد أقل من الذي قبله في الارتفاع وذلك لعدم إهدار أي نقطة مياه.
الجدير بالذكر أنه فى عام 2010 شهد سيلاً كارثياً شبَّههُ الشيوخ بسيل الثمانينات وأحدث كوارث كثيرة ومن ثم أنشأت الحكومة 4 جسور أعلى الوادي عند مصبه.
الأودية الفرعية التي تصب في وادي العريش وعددها 20 وادياً:
“وادي أبو مُتَيّقِنَة” ينشأ من مرتفعات نقب الراكنة ويصب فيه من ناحية اليسار بعد مروره بمنطقة “عُرقوب الراهب” ، فيه عين مياه تُنسب إليه في طريق المسافرين من مدينة نِخِل تبعد نحو 6 كم تقريباً من رأس النقب و نحو 7 كم من مصب الوادي .
“منطقة عُرقوب الراهب” وهي منطقة على جانبي الوادي يلتقيا فيها رأسان وادي العريش ، قيل سُميت بذلك لأن في طريقها إلى الطور جبل على شكل عُرقوب وأما عن الراهب قيل في القديم كان في المنطقة راهب يتعبد في هذه المنطقة فسميت المنطقة بـ “عرقوب الراهب” .
“جبانة العيايدة القديمة” على نحو 300 متر تقريباً من مصب وادي أبو متيقنة جبانة قديمة تُنسب إلى قبيلة العيايدة عُرفت باسم “بارود العيايدة” قيل سُميت بذلك لأنها نُصبت عليها أخشاباً على شكل البنادق . هذا ويسكن المنطقة وما حولها بعضاً من قبيلة العيايدة وسيأتي ذكرهم تفصيلاً .
“وادي البربري” ويصب في وادي العريش من ناحية اليمين على بعد 8 كم من مصب وادي أبو مُتَيّقِنَةُ .
“وادي البيَّاض” ويصب في الوادي من ناحية اليمين على بعد 6 كم من مصب البربري.
“وادي مَجْمَر” وينشأ من مرتفعات “نقب وطاه” ويصب في الوادي من ناحية اليسار على نحو 30كم من مصب البياض ، قيل مرتفعات هذا النقب ينشأ منها ثلاث أودية شهيرة منها “وادي غرندل” و “وادي الحمر ووادي الطيبة” المار ذكرهما وهذا الوادي ، وقرب مصب هذا الوادي مزارع كثيرة يزرعون فيها أشجار الفاكهة والخضروات ، عُرفت قديماً بمزارع “الصفايحة”.
“وادي لُقَيْن” وعُرف أيضاً بوادي “أبو لُقَين” ويصب في وادي العريش من ناحية اليمين ، ويبعد عن مصب مجمر بنحو 400 متر تقريباً ، وله فرعان وهما “وادي السِّقي” ، قيل فيه قبر لشيخ يدعى “محمود” قالوا أنه ليس من سيناء ولا أحد يعرف له أصلاً أو تاريخاً ، كان من القبور التي تُزار في القرنين الماضيين ومنهم من يقول أنه “الشيخ محمود السِّقي” وسُمي فرع الوادي نسبة إليه ، أما الفرع الثاني “وادي الرُجَيم” قيل كان فيه بئر يعرف بهذا الاسم وهي مطمورة الآن .
“تلّ الملح” وعُرفت قديماً بـ “عُجْرة الملح” وهي تلة صغيرة في الجانب الأيمن لوادي العريش بعد مصب وادي لُقين بنحو 3 كم تقريباً ، قيل كانوا يستخرجون منها الملح في القديم .
هذا و يرى المار في بطن هذا الوادي عدة مناطق قديمة وتاريخية بعد مروره بتَلّ الملح ، منها : “درب الشِّعْوي” ذلك الطريق القديم والشهير في القرون الماضية والذي خُصِّصَ كطريق لحجاج بيت الله الحرام قديماً كان يبدأ من مدينة السويس غرباً إلى أن يصل إلى نقب العقبة شرقاً مخترقاً وادي العريش ، ويبعد عن تلّة الملح بنحو 8 كم تقريباً منحدراً مع الوادي .
هذا وفي مجرى الوادي مناطق شهيرة منها “أم سعيد” ” وتبعد عن تقاطع درب الشعوي بنحو 1.5 كم تقريباً كان فيها قديماً ثميلة مياه تعرف بهذا الاسم ، وكذلك منطقة “لهمان” وتعرف بالخُفْجة ، وعُرفت قديماً بـ “خُفْجة ابن لهمان” ، وهي تابعة لقبيلة التياها وتبعد نحو 5 كم تقريباً عن منطقة أم سعيد ، ومنحدراً مع الوادي مناطق منخفضة رأيت فيها غدراناً في وقت السيل تستمر فيها المياه لوقت طويل بعد انقطاع السيل قد تدوم أياماً أو بضع أسابيع، فيها منطقة واسعة مملوءة بالمياه يصل ارتفاع المياه فيها من 30 سنتيمتراً إلى المتر تقريباً تعرف لديهم بالغدير ، وعُرفت قديماً بـ ” غدير الحمارة” وتبعد عن منطقة لهمان بنحو 8 كم تقريباً .
“وادي أبو عُلَيْجانة” وينشأ من نقب يعرف بـ الهَيَّالة ويصب في وادي العريش من ناحية اليمين على نحو 1 كم تقريباً من منطقة “الغدير” ، قيل فيه أعشاباً طبية وبرية يستخدمونها للاستشفاء من الأمراض .
“وادي أبو طُرَيفية” وينشأ من مرتفعات جبال العُجْمة ويصب في وادي العريش عن يمينه على نحو 12كم من مصب أبو عُلَيْجانة . وعلى مسافة 2 كم تقريباً من يمين وادي أبو طريفية وقبل مصبه في وادي العريش “مدينة نِخِل” المعروفة عاصمة وسط سيناء وسيأتي ذكرها تفصيلاً . وفي هذا الوادي يزرع أهل المنطقة أشجار الفاكهة والخضروات ويستخدمون مياه السيل في زمن الشتاء ويحفرون آباراً بمواتير سحب للمياه في زمن الصيف ، كما سيجيء ، وعلى نحو 3 كم تقريباً من مصب هذا الوادي منطقة تدعى “عُجَيْرة الشَّي” فيها تلَّة مرتفعة تعرف بهذا الاسم .
“وادي غُرَيْقِدات” ويصب في وادي العريش عندة التلَّة المعروفة بـ “عُجَيْرة الشَّي” ، وهو وادي صغير نادر السيل ويبعد نحو 3 كم تقريباً من مصب وادي أبو طُريفية، وهو حداً طبيعياً لمدينة نِخل الشهيرة كما سيجيء ، قيل سُمي بذلك لأن فيه شُجَيرات صغيرة من الغرقد .
“وادي الرُّواق” وينشأ من مرتفعات جبال العُجمة ويصب في وادي العريش على نحو 5كم من مصب أبو غُرَيْقِدات ، عُرف أيضاً بوادي العُجمة وله فروع كثيرة تصب فيه من اليمين والشمال أشهرها : “وادي الرُّويق” وله فرعان “وادي مُسَيك العبد” ويُعرف أيضاً بوادي العبد ، فيه أطلال بنايات قديمة العهد يرجع تاريخها لعصر ما قبل بناء دير سانت كاترين ، قيل كانت نووايس قديمة سكن فيها الرهبان في ذلك العهد . و “وادي الغَبِيَّة” وهو الفرع الثاني لوادي الرُّويق ينشأ من مرتفعات شويشة العجمة إحدى فروع جبال العُجمة الممتدة في وسط سيناء فيها خرائب كثيرة قديمة العهد ويصب في وادي الرُّواق عند جبل مرتفع يعرف بـ “جبل أبو هَشمي” ويبعد نحو 6 كم تقريباً شرقي مدينة نِخِل الشهيرة ، قيل في القديم كان فيه مكراع مياه يكفي لسُقي الإبل لأهل المنطقة وما يجاورها طيلة الشهر أو أكثر ولا زالت آثاره باقية إلى اليوم .
هذا وفي رأس وادي الرُّواق عند نشأته آثار صُنع مياه قديم قيل كان مخصصاً لسُقي الإبل في القرون ما قبل الـ 16 ميلادية ، كان يكفي الإبل في المنطقة وما يجاورها طيلة العام ويفيض ! وعُرف قديماً بصُنع الزرقاء وما زالت آثاره من سد الرمال باقي إلى اليوم ، وعند مصب وادي الرُّواق مزارع للفاكهة والخضروات يمتلكها بعض من قبيلة التياها كانت تعرف قديماً بالـخُفْجة .
“وادي البُروك” وهو من أهم روافد وادي العريش وأغزرها ماءً ، ينشأ من مرتفعات جبال الراحة وجبل بضيع ويصب من ناحية اليسار في وادي العريش عند غدير القف على نحو 20كم تقريباً من مصب وادي الرواق .
هذا ووضعت إدارة الري بمحافظة شمال سيناء في عام 2012 م مقترحاً أعلنت عنه بتنفيذ وإقامة سدود للمياه في مجرى الأودية الهامة التي تصب في وادي العريش من ضمنها وادي البروك بسعة تخزينية 30 مليون متر مكعب لاستغلالها في الزراعة .
وفي بطن وادي البروك آثار لآبار مياه قديمة العهد كانت تعرف بـ “ثمادة البروك” تبعد نحو 14 كم تقريباً من مصبه في وادي العريش ونحو 30 كم تقريباً غرب مدينة نخل، ولوادي البروك فروع كثيرة أشهرها : “وادي صدر الحيطان” و “وادي الأُغَيدرة” و “وادي السُّحَيمي” و “وادي النُّتَيلة” و “وادي أبو كاندو” و “وادي أبو جِذل” ، والفروع السالفة كلها تسير مع طريق الحج القديم ومنها من يقطعها .
“وادي العقابة” وينشأ من جبال العجمة ويصب في وادي العريش من ناحية اليمين عند مضيق صغير يُدعى “إخرِم” على نحو 4 كم من مصب البروك ، وهذا الوادي كثير السيل في وقت شدة سقوط الأمطار ، ويبعد وادي العقابة عن مدينة نخل بنحو 15 كم تقريباً ، قيل هذا الوادي من أمهات الأودية التي تصب في وادي العريش ، ومن أهم فروعه “وادي القُرَيْص” على نحو 60 كم من نخل ، قيل فيه بئر مياه تُنسب إليه تدعى “بئر القُرَيْص” ، كان يمر من هذا الوادي طريق الحج القديم وعُرف أيضاً بطريق “المحمل” وكان يمتد من غربي مدينة السويس إلى مدينة العقبة في رأس خليج العقبة.
أما عن “بئر القُرَّيص” كانت بئر مياه عذبة خُصصت للعابرين في طريق الحج القديم واستخدموها أيضاً كاستراحة يبيتون فيها بعد خروجهم من مدينة نخل ، وعُرفت مؤخراً ببئر “أم عباس” نسبة إلى أم عباس الخديوي التي أعادت بناءها وترميمها بالحجر المنحوت ، وعُرفت أيضاً ببئر “أبو محمد” نسبة إلى الشيخ محمد الجوهري المدفون بالقرب منها والقبر أطلال الآن عُثر من بين خرائبه على حجر منحوت منقوش عليه الآتي ” بسم الله الرحمن الرحيم الحي الذي لا يموت . قبر المرحوم .. العينتبلي الشهير بالجوهري … في ثاني عشر شوال سنة تسعين وتسعمائة تغمده الله تعالى برحمته والمسلمين آمين” وهذا التاريخ هجرياً ويوافق ميلادياً 9 نوفمبر 1582م .
ومن فروع وادي القُريص :
“وادي المشَيِّش” ويقع في الطريق إلى نويبع من نخل وفيه عدّ مياه منسوب إليه .
“وادي الطيبة” وله فرع يسمى “وادي أم رجام” عُثر فيه على آثار قديمة العهد منها صخرة تعود إلى عهد دولة الأنباط ، قيل في وادي الطيبة عدّ مياه ينسب إليه يدعى “عدّ الطيبة” يبعد بنحو 20 كم جنوب بئر القريص .
“وادي الثمد” وينشأ من جبل الطباقة ، ومن فروع وادي الثمد (وادي الشيخ نبعة) .
“وادي قُرَيَّة” ويصب في وادي العريش من جهة اليمين عند منطقة ضيقة تدعى “الحماضة” عُرفت من قبل بـ “ضيقة الحماضة” والتي تبعد عن مصب “وادي العقابة” بنحو 15 كم تقريباً وتبعد عن مدينة نخل بنحو 42 كم تقريباً وهو من أكبر فروع وادي العريش ، ورأس وادي “قُريّة” في فلسطين المحتلة ويحتوي على عدة آبار مياه منها “بئر المالحة” و “عد عجرود” و “بئر قُريّة” .
حوض وادي قُرَيَّة أحد فروع وادي العريش
ومن أهم فروع “قُرَيَّة” : “وادي خُرَيزة” وينشأ من مرتفعات جبل “عُرَيّف الناقة” سالف الذكر والذي يرتفع نحو كيلومتر عن سطح الأرض، و “وادي الأحيقبة” وينشأ من رأس مرتفعات جبل الأحيقبة الواقعة على طريق “القصيمة – طابا” ، و “وادي مايين” وهو من أهم وأكبر فروع وادي قُريّة، قيل سُمي بـ “مايين” لأنه يأتي “قُرية” من غرب جبل سماوي ومن جنوب المقراة ، وكلمة “مايين” يذكرونها بالعامية أو بلهجتهم المحلية والتي تعني اثنان من الماء!، ويمر بجبل “عُريف الناقة” من جهته الشمالية أيضاً ويحتوي هذا الوادي على آبار مياه شهيرة وغزيرة عُرفت بـ “آبار مايين” مازال آثارها باقية إلى اليوم في رأس الوادي ، ويحتوي أيضاً على عين مياه شهيرة تدعى “عين المغارة” التي تقع في حد بدو الصُّبحِيين من فروع قبيلة العزازمة التي تقطن على الحدود المصرية الشرقية مع فلسطين المحتلة .
هذا وبالقرب من آبار مايين ضيقة صغيرة تدعى “عُقلة” وتعرف بضيقة عُقلة وهو مضيق صغير في محيط منطقة الآبار سالفة الذكر فيها آثار خرائب بنايات قديمة وآثار لسدود للمياه والتي توحي بأن هذه المنطقة كانت عامرة بالسكان في القديم ، ومن فروع وادي “مايين” أيضاً “وادي الأحمر” قيل فيه مقام “الشيخ صبَّاح” وهو من أجداد قبيلة التياها بسيناء ويقع المقام على جوار جبل “عُريف الناقة” . ومن فروع وادي قُرية “وادي الفَهْدي” ويصب في وادي العريش من جهة اليسار قبل مصبه ببضع كيلومترات .
“وادي الشُرَيف” وينشأ من مرتفعات جبل الشُرَيف ويصب في وادي العريش من ناحية اليمين عند منطقة تدعى “الشتيَّات” بها مزارع كبيرة تابعة لقبيلة التياها ويبعد مصب وادي الشُرَيف عن مصب وادي قُرية بنحو 12 كم تقريباً .
“وسيل الحضيرة” وينشأ من مرتفعات جبل الحلال ويصب في وادي العريش من ناحية اليسار على بعد كيلومتر تقريباً من مصب وادي الشُرَيف ، قيل في هذا السيل هرابة ماء أثرية قديمة جداً تدعى “هرابة ابن نافع” وهي مشهورة جداً منحوتة في صخرة وما زالت آثارها باقية إلى اليوم .
هذا وعلى بعد 7 كم من منطقة المُوَيلح هرابة مياه شهيرة قيل عنها : “نُقرة في صخر يُخزن فيها ماء المطر ، يجري إليها في قناة متصلة بأكمة في جوارها طولها 60 قدماً وعرضها 40 قدماً وعلوها 20 قدماً يُنزل إليها بِسُلَّم من أصل الصخر وقد تُرك في وسطها عمود من أصل الصخر لعمد سقفها”. () وما زالت آثارها باقية إلى اليوم .
“وادي الجُرور” وينشأ من فروع كثيرة له أشهرها “وادي لصَّان” الذي ينشأ من مرتفعات “جبل خراشة” و “جبل العُنَيفة” ، وهناك فروع أخرى ضعيفة تصب فيه لم أجد لها إسماً ، ويصب “وادي الجرور” في “وادي العريش” على نحو 12 كم من مصب سيل الحضيرة .
“وادي المُنْبَطِح” وبعضهم يذكره “المِنْبِطِح” ، وينشأ من فروع كثيرة تصب فيه عن يمينه وشماله سأذكرها الآن، ويصب “وادي المُنْبَطِح” في وادي العريش على بعد 7 كم تقريباً من مصب الجرور عند مضيق بين جبلي “الحلال وضلفع” يُعرف بـ “ضيقة الحلال”.
هذا ومن فروع “المُنْبَطِح” : “وادي السيسب” و”وادي الجايفي” وبعضهم يذكرونه الآن بـ “وادي الجايفة” ، ومنه فرع يدعى وادي “قُدَيس” الذي ينشأ من مرتفعات جبل “خراشة” وسُمي الوادي بذلك على اسم عين مياه غزيرة واقعة في رأسه تدعى “عين قُدَيس” وهي في أراضي “البريكات” من قبيلة التياها ، وهي برأي أكثر المحققين من علماء التوراة أنها “عين قادش” التوراة. تتألف من أربعة ينابيع غزيرة في بطن الوادي : نبعان يجري ماؤهما فوق الأرض نحو نصف ميل ثم يغور في الأرض وعدّان ينحبس ماؤهما تحت الأرض . وليس بقرب هذه الينابيع أرض صالحة للزراعة ولكن على ثلاثة أميال منها وادي الجايفي الغني بمزارعه . ()
هذا وتقع “عين قُدَيّس” في منطقة منخفضة بين جبلين مرتفعيين يميناً ويساراً حولها أشجاراً برية وأعشاباً خضراء ، وما زال ماؤها يغور في الأرض إلى اليوم ، قيل يأتي هذه العين ويباشرها بدو البريكات من قبيلة التياها وقبيلة العزازمة ، والشاهد لهذه العين وما حولها من أعلى الجبلين يري بقعة خضراء وسط أرض فضاء واسعة قاحلة، وتتبع منطقة “عين قُدَيس” قرية المُنْبَطِح بمدينة الحسنة بشمال سيناء .
هذا ومن فروع المُنْبَطِح أيضاً “وادي المُوَيلِح” قيل فيه عين مياه حية تدعى “عين المُوَيلح” مازال ماؤها يجري فوق الأرض ، وفي بطن الوادي آثار لآبار مياه قديمة العهد ، وفي هذا الوادي قبر “الشيخ عودة بن عمرو” من البُنيَّات قبيلة التياها ، قيل أن بعضاً من الرهبان نحتوا لأنفسهم في الصخر مغاور كثيرة للسكن فيها على جانبي هذا الوادي قبل بناء دير سانت كاترين في القديم وما زالت آثار المغاور باقية إلى اليوم ، وهناك أعلى قمم الجبال الواقعة حول آبار هذا الوادي آثار لبنايات قديمة جداً يرجع تاريخها للسكان الأصليين لسيناء بحسب المصادر القديمة ، ومن فروع “وادي المُوَيلِح” : “وادي القُصَيّمة” وبعضهم يكتبها “القُسَيمة” فيه عين مياه غزيرة تدعى “عين القصيمة” واقعة في رأس هذا الوادي و كانت استراحة للمسافرين إلى بلاد الشام في القديم ، وتبعد عن آبار المُوَيّلِح شرقاً بنحو 5كم تقريباً . و”وادي الصَّبْحة” وهو من فروع المويلح وفيه مزارع كبيرة موسمية لقبيلة التياها ويزرعونها على ماء المطر ، وهو وادي قليل السيل ، وشمال هذا الوادي مزارع أخرى يباشرها بعضاً من قبيلة الترابين والتياها كانت تُعرف قديماً بمزارع العَمْر ، وهي في بطن وادي شهير يُعرف الآن بوادي “العَمْر” يسكنه بعضاً من قبيلة الترابين ، ومن فروع “الصَّبْحة” : “وادي القَديرات” وينشأ من مرتفعات جبل خراشة .
(وادي الأبيض) ويصب في وادي العريش على نحو 12كم شمالي المقضبة و30كم جنوبي العريش، وهو من أمهات وادي العريش ، ومن أشهر فروعه:
“وادي العوجاء” قيل سُمي كذلك لكثرة تعرجه ، ويعرف لدى البعض بوادي “الأعوج” ، ومن فروع العوجاء وادي الحفير ووادي بيرين.