من الهندسة الوراثية إلى بحور الشعر: تعرف على شخصية معرض الكتاب 2025

في إطار احتفائه بالرموز الفكرية والعلمية، اختار معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ56 العالم والشاعر الراحل الدكتور أحمد مستجير شخصية المعرض لهذا العام. تنطلق فعاليات المعرض في 23 يناير الحالي، لتقدم احتفاءً مستحقًا بواحد من أبرز العلماء والأدباء المصريين. ممن تركوا بصمة خالدة في ميادين العلم والأدب على حد سواء.
أكد وزير الثقافة الدكتور أحمد هنو أن اختيار الدكتور مستجير جاء تكريما لإسهاماته الكبيرة في إثراء الحركة الثقافية والعلمية في مصر، وتسليط الضوء على إنجازاته التي جمعت بين عمق الفكر وثراء الإبداع. وأضاف أن الوزارة تهدف من خلال هذا التكريم إلى تعريف الأجيال الجديدة بالدور البارز الذي لعبه رواد مثل مستجير في دفع عجلة التقدم، وإبراز أهمية تكامل العلم والأدب في بناء مجتمع متطور.
رؤية علمية وخيال شعري
جمع الدكتور أحمد مستجير بين شاطئي العلم والأدب بتميز قل نظيره. عرف نفسه ذات مرة قائلا: «أنا في الحق موزع بين شاطئين، كلاهما خصب وثري… أعشق القلق في الفن وأجد الطمأنينة في العلم، فأنا مطمئن أرنو إلى القلق». هذه الثنائية انعكست بوضوح في مسيرته التي تميزت بعبقرية امتزجت فيها رؤى العلم بآفاق الشعر.
دراسته
بدأ شغف مستجير بالعلم خلال دراسته الثانوية عندما أحب مدرس البيولوجيا «خليل أفندي»، مما قاده لاحقا إلى دراسة الزراعة والتميز في علم الوراثة. حيث أبدع في مجال الهندسة الوراثية. برع في تطوير أبحاث زراعية طموحة. منها مشروع استنباط سلالات من القمح والأرز تتحمل الملوحة والجفاف وتروى بماء البحر. وعلى الرغم من تجاهل هذا المشروع في مصر، إلا أن الهند تبنته، مما مكنها من تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح والبدء في تصديره عام 2004.
في مجال الأدب، كان الدكتور أحمد مستجير شاعرا مرهف الحس. بدأ عشقه للأدب منذ طفولته. متأثرا بوالده وصداقة مبكرة مع الأديب كامل كيلاني. في شبابه، تأثر بشعر صلاح عبد الصبور، وهو ما دفعه لكتابة الشعر الحر، ليصدر لاحقًا ديوانين هما “عزف ناي قديم” و”هل ترجع أسراب البط؟”. كما أحدث ثورة في علم العروض من خلال كتابه «مدخل رياضي إلى عروض الشعر العربي»، الذي قدم فيه مقاربة رياضية لدراسة أوزان الشعر العربي وإيقاعاته.
الجوائز والأوسمة
نال مستجير العديد من الجوائز الرفيعة، منها وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى مرتين، وجوائز عن الترجمة والإبداع العلمي، ليظل اسمه مرتبطًا بالابتكار في العلم والأدب على حد سواء. وقد لقّب بـ«أبو الهندسة الوراثية» و«الأديب المتنكر في صورة عالم»، نظرًا لقدرته الفريدة على الجمع بين مجالين ظن البعض أنهما متناقضان.
في تصريح خاص، قال وزير الثقافة الدكتور أحمد هنو: «الدكتور أحمد مستجير نموذج فريد للعالم الشاعر، الذي أضاء بمواهبه المتعددة طريقًا جديدًا للعلم والأدب في آن واحد». وأضاف الدكتور أحمد بهي الدين، رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب: «تكريم مستجير هو تكريم لإرث علمي وأدبي استثنائي أسهم في إثراء الثقافة الإنسانية».
توفي الدكتور أحمد مستجير في 17 أغسطس 2006 عن عمر يناهز 72 عامًا، لكن إرثه لا يزال حيا، شاهدا على عبقرية رجل أدرك أن الخيال هو الرابط بين العلم والشعر، فكان عالما بأحلام شاعر وشاعرًا برؤى عالم.






