هل ينصف قانون العمل الجديد العامل المصري؟ تعرف على التفاصيل

في خطوة تشريعية بارزة، أقر مجلس النواب المصري، الثلاثاء، نهائيًا مشروع قانون العمل الجديد، بعد إعادة مداولات محدودة حول عدد من مواده، دون إدخال تعديلات جوهرية على النصوص المقدمة من الحكومة. القانون الجديد، الذي يُنتظر أن ينظم أوضاع نحو 30 مليون عامل في القطاع الخاص، أُعدّ من قبل الحكومة منفردة، دون عقد جلسات استماع مع ممثلي العمال أو أصحاب الأعمال، ما أثار موجة من الانتقادات في الأوساط النقابية والعمالية.
من أبرز التعديلات التي تم الاتفاق عليها حذف عبارة “بعقد عمل” من تعريف العامل، ليصبح التعريف الجديد: “كل شخص طبيعي يعمل لقاء أجر لدى صاحب عمل تحت إدارته أو إشرافه”، ما يعني أنه لم يعد من حق العامل المطالبة بتحرير عقد عمل رسمي، وهو ما أثار تساؤلات حول مدى حماية حقوق العمال في غياب وثيقة تعاقدية مكتوبة.
وشهدت الجلسة موافقة المجلس على عدد من التعديلات الشكلية، أبرزها تمديد دورية اجتماع المجلس القومي للأجور من ثلاثة أشهر إلى ستة، مع تأكيد صحة الاجتماعات بحضور الأغلبية، وصدور القرارات بأغلبية الحاضرين، ومرجّحية صوت رئيس المجلس عند التساوي. كما أُقرّ تعديل يتيح لصاحب العمل تغيير جدول الراحة الأسبوعية وساعات وفترات العمل بإخطار مسبق لا يقل عن سبعة أيام، مع ضرورة إخطار الجهة الإدارية المختصة بهذه التغييرات.
القانون الجديد أثار جدلاً واسعاً، لا سيما ما يتعلق بشروط الإضراب التي وصفها نقابيون بـ”التعجيزية”، إذ اشترط المشروع استنفاد كافة وسائل التسوية الودية أولاً، ثم إخطار صاحب العمل والجهات الرسمية قبل موعد الإضراب بعشرة أيام. كما حظر الإضراب في “المنشآت الحيوية” التي تمس الأمن القومي أو تقدم خدمات أساسية، دون تحديد واضح لهذه المنشآت، ما يمنح أصحاب العمل سلطة واسعة في فصل العمال المضربين ووقف رواتبهم، بل وإحالتهم إلى المحاكمة.
وفي خطوة أخرى أثارت استياء بعض العاملين، خفّض القانون العلاوة الدورية السنوية إلى 3% من أجر الاشتراك التأميني، مقارنة بـ7% من الأجر الأساسي كما كان معمولاً به في قانون العمل رقم 12 لسنة 2003. ويُستحق صرف هذه العلاوة بعد انقضاء عام من تاريخ التعيين أو من تاريخ صرف العلاوة السابقة، وفقاً لضوابط يحددها المجلس القومي للأجور.
كما ألزم القانون جميع المنشآت بإجراء فحوصات طبية شاملة للعمال قبل التوظيف، بما في ذلك فحوصات الصحة النفسية والعقلية، مع توعية العامل بمخاطر المهنة، وإلزامه باستخدام وسائل الوقاية المناسبة. ويُستثنى من تطبيق القانون العاملون بالجهاز الإداري للدولة، والهيئات العامة، والإدارة المحلية، وعمال الخدمة المنزلية.
رئيس لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، النائب عادل عبدالفضيل، وصف القانون بأنه “هدية العمال في عيدهم”، مؤكداً أن الرئيس عبدالفتاح السيسي وجّه بسرعة تنظيم حوار مجتمعي بشأن القانون لضمان توازن حقيقي بين حقوق العمال ومصالح أصحاب الأعمال. وأضاف في تصريحات إعلامية أن القانون يمثل نقلة تشريعية مهمة لجذب الاستثمار المحلي والأجنبي، كونه يعالج ثغرات قانون 2003، ويضبط العلاقة بين طرفي الإنتاج.
وأشار عبد الفضيل إلى أن القانون الجديد يعرّف الأجر بشكل واضح ويربطه بالإنتاج، كما يتوافق مع الدستور المصري لسنة 2014، ويتناغم مع الاتفاقيات الدولية الموقعة من مصر، بما في ذلك تلك الصادرة عن منظمة العمل الدولية. كما يتماشى مع حزمة من التشريعات الحديثة مثل قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات، وقانون الحريات النقابية.
وبين الترحيب الرسمي والتحفظات العمالية، يقف قانون العمل الجديد على أعتاب اختبار حقيقي في الشارع العمالي، في ظل تساؤلات مشروعة حول مدى قدرته على إرساء توازن عادل، لا يميل لطرف على حساب آخر، في معادلة لا تزال بحاجة إلى حوار مجتمعي حقيقي يعيد صياغة العلاقة بين العمل ورأس المال في مصر.