مفاوضات واشنطن وطهران تشير لإمكانية إحراز تقدم في المحادثات النووية

على الرغم من اتخاذ كل من واشنطن وطهران موقفا متشددا علنا قبل المحادثات بشأن تخصيب إيران لليورانيوم، قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إن هناك إمكانية لإحراز تقدم بعد أن قدمت عُمان عدة مقترحات خلال المفاوضات.
اختتم المفاوضون الإيرانيون والأمريكيون جولة خامسة من المحادثات في روما يوم الجمعة وسط مؤشرات على إحراز بعض التقدم المحدود في المفاوضات الرامية إلى حل النزاع المستمر منذ عقود بخصوص طموحات طهران النووية.
وقال عراقجي للتلفزيون الرسمي “اختتمنا للتو واحدة من أكثر جولات المحادثات احترافية… أكدنا بحزم على موقف إيران… نحن الآن على مسار معقول، وفي رأيي، هذا بحد ذاته مؤشر على التقدم”.
أضاف “ستُراجع المقترحات والحلول في عاصمتي الدولتين… وسيتم تحديد موعد الجولة القادمة من المحادثات بناء على ذلك”.
وقال مسؤول أمريكي كبير إن المحادثات استمرت لأكثر من ساعتين وشهدت مناقشات مباشرة وغير مباشرة مع وسطاء عُمانيين.
وأضاف المسؤول “لا تزال المحادثات بناءة، وأحرزنا مزيدا من التقدم، لكن لا يزال هناك عمل يتعين القيام به. اتفق الجانبان على الاجتماع مجددا في وقت قريب.
ونحن ممتنون لشركائنا العمانيين على جهودهم المستمرة في تسهيل المحادثات”.
والرهان كبير لكلا الجانبين، إذ يريد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الحد من قدرة طهران على إنتاج سلاح نووي قد يشعل سباق تسلح نووي في المنطقة وربما يهدد إسرائيل. ومن ناحية أخرى، تريد إيران التخلص من العقوبات المدمرة المفروضة على اقتصادها المعتمد على النفط.
وقال وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي على منصة إكس إن المحادثات بين عراقجي ومبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف انتهت بإحراز “بعض التقدم لكنه ليس حاسما”.
وكتب عراقجي على منصة إكس قبل المحادثات “صفر أسلحة نووية = إبرام اتفاق. صفر تخصيب (لليورانيوم) = لا اتفاق. حان وقت اتخاذ القرار”.
ومن العقبات التي لا تزال قائمة رفض طهران نقل جميع مخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب إلى دولة أخرى أو الدخول في مناقشات حول برنامجها للصواريخ الباليستية.
ويقول دبلوماسيون إن التوصل إلى اتفاق ملموس قبل الصيف سيكون مستحيلا من الناحية الفنية نظرا لوجود تعقيدات. في غضون ذلك، قال مسؤول إيراني كبير مشارك في المحادثات النووية مع الولايات المتحدة “إذا تخلت واشنطن عن مطلبها ‘بعدم التخصيب’ فسيكون التوصل إلى اتفاق سياسي ممكنا”.
كما قال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو يوم الثلاثاء إن واشنطن تعمل على التوصل إلى اتفاق يسمح لإيران ببرنامج نووي مدني دون تخصيب اليورانيوم، مع اعترافه بأن تحقيق مثل هذا الاتفاق “لن يكون سهلا”.
ورفض الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، صاحب القول الفصل في شؤون الدولة، مطالب واشنطن بوقف طهران تخصيب اليورانيوم ووصفها بأنها “مبالغ فيها وفظيعة”، منوها إلى أنه يستبعد أن تسفر المحادثات عن نتائج.
وتقول إيران إنها مستعدة لقبول بعض القيود على تخصيب اليورانيوم، لكنها تحتاج إلى ضمانات لا لبس فيها بعدم تراجع واشنطن عن أي اتفاق نووي مستقبلي.
وخلال ولايته الرئاسية الأولى، تخلى ترامب في 2018 عن الاتفاق النووي المبرم في 2015 بين إيران وست قوى عالمية. وأعاد ترامب فرض سياسة “أقصى الضغوط” على طهران منذ عودته لمنصبه في بداية هذا العام، كما أعاد فرض عقوبات أمريكية شاملة لا تزال تعوق الاقتصاد الإيراني.
وردت إيران بزيادة وتيرة تخصيب اليورانيوم بما يتجاوز حدود الاتفاق المبرم في 2015.
وقالت ويندي شيرمان، التي عملت في السابق وكيلة لوزارة الخارجية الأمريكية وقادت فريق التفاوض الأمريكي الذي توصل إلى اتفاق عام 2015، إن إيران تعد تخصيب اليورانيوم مسألة سيادية.
وذكرت لرويترز “أعتقد أنه من المستحيل التوصل إلى اتفاق مع إيران يفككون بموجبه حرفيا برنامجهم ويتخلون عن التخصيب، على الرغم من أن ذلك سيكون مثاليا”.
وقد تكون تكلفة فشل المحادثات باهظة، إذ تقول إسرائيل العدو اللدود لإيران إنها لن تسمح أبدا للنظام الإيراني بامتلاك أسلحة نووية. وتنفي طهران مثل هذه الطموحات وتقول إن أهدافها مدنية بحتة.
وقال مصدر مطلع لرويترز إنه كان من المفترض أيضا أن يكون وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي ورئيس جهاز المخابرات (الموساد) في روما أيضا لإجراء محادثات مع الفريق الأمريكي الذي يتفاوض مع إيران.
وحذر عراقجي أمس الخميس من أن واشنطن ستتحمل المسؤولية القانونية في حالة شن إسرائيل هجوما على المنشآت النووية الإيرانية، وذلك في أعقاب تقرير لشبكة سي.إن.إن عن احتمال تجهيز إسرائيل لشن هجمات على إيران.