أخبارتقارير و تحقيقات

قانون الإيجار القديم يدخل حيز التنفيذ.. والشارع بين مؤيد ومعارض

 

 

في خطوة وُصفت بالمفصلية في ملف الإسكان، بدأ تطبيق قانون الإيجار الجديد رقم 164 لسنة 2025 رسميًا صباح الثلاثاء 5 أغسطس، بعد تصديق رئيس الجمهورية عليه وموافقة مجلس النواب، لينهي سنوات طويلة من الجدل حول ما يُعرف بـ”الإيجار القديم”، ويعيد ضبط العلاقة بين المالك والمستأجر بما يحقق قدراً من التوازن في الحقوق والواجبات.

القانون الجديد لم يقتصر فقط على تعديل القيم المالية للإيجار، بل منح سلطات تنفيذية موسعة للمحافظين، وألزمهم بحصر جميع الوحدات المؤجرة بنظام الإيجار القديم داخل نطاق كل محافظة خلال فترة لا تتجاوز 90 يومًا. ووفقًا لمواده، سيتم تصنيف الوحدات إلى إسكان متميز، ومتوسط، واقتصادي، وتُفرض أجرة مؤقتة لا تقل عن 250 جنيهًا شهريًا لحين الانتهاء من أعمال الحصر والتقييم النهائي.

وأكد المهندس أحمد عرفة، الخبير في شؤون الإسكان، أن القانون الجديد لن يستثني أحدًا، سواء كانوا فنانين أو مسؤولين أو شخصيات عامة، مشيرًا إلى أن التصنيف سيتم وفقًا لمعايير دقيقة تشمل الموقع، البنية التحتية، عرض الشارع، عدد الطوابق، والقيمة السوقية للعقار، مع تحميل المحافظ المسؤولية المباشرة عن تنفيذ القانون داخل محافظته.

فيما يخص المحال التجارية، نص القانون على مضاعفة الإيجار الحالي خمس مرات بشكل فوري، مع زيادة سنوية بنسبة 15%، وتنتهي العلاقة الإيجارية بعد خمس سنوات دون حاجة لدعوى قضائية، بينما تُنهى عقود الوحدات السكنية بعد سبع سنوات من سريان القانون، ما لم يُجدَّد العقد باتفاق الطرفين.

وردود الفعل على القانون الجديد بدت متباينة. من جهة، عبّر عدد من الملاك عن ارتياحهم، واعتبروا أن القانون أنصفهم بعد عقود من تجميد عوائد الملكية، وقال أحدهم إن القانون أعاد له الحق في التصرف في ممتلكاته التي كانت تدر دخلاً لا يتناسب مع قيمتها الحقيقية. وفي المقابل، أبدى العديد من المستأجرين تخوفهم من الزيادات المفاجئة في القيمة الإيجارية أو احتمالية فقدان مساكنهم، خاصة كبار السن ومحدودي الدخل، حيث عبرت إحدى السيدات عن قلقها من عدم قدرتها على دفع 1000 جنيه شهريًا بعد أن كانت تدفع بضع عشرات من الجنيهات.

كما أثار بند الإخلاء دون دعوى قضائية جدلًا واسعًا، إذ يتيح لقاضي الأمور الوقتية إصدار قرارات إخلاء فورية في حالات ترك الوحدة مغلقة أو امتلاك المستأجر لوحدة أخرى، دون الحاجة إلى الدخول في نزاعات قانونية طويلة، وهو ما رحب به الملاك ورفضه عدد من المستأجرين الذين وصفوه بالقاسي.

القانون منح المستأجرين المتضررين من الإخلاء حق التقدم بطلب للحصول على وحدة بديلة من وزارة الإسكان أو المحافظة، سواء بنظام الإيجار أو التمليك، لكنه استخدم تعبيرًا فضفاضًا “تخصيص وحدة”، ما فتح باب التساؤلات حول ما إذا كانت هذه الوحدات مدعومة أم بسعر السوق، خصوصًا مع عدم وضوح آليات الدعم أو شروط الاستحقاق.

في سياق متصل، تم تعديل قانون الإيجار الجديد الصادر عام 1996 عبر القانون رقم 165 لسنة 2025، الذي أتاح للمالك إنهاء العلاقة الإيجارية بمجرد انتهاء العقد دون الحاجة إلى حكم قضائي، مما يعتبر نقلة قانونية غير مسبوقة في تنظيم العلاقة الإيجارية.

وبينما يرى البعض أن القانون يمثل خطوة نحو تصحيح تشوهات تاريخية في سوق الإيجار، يرى آخرون أنه قد يكون بداية لأزمة جديدة إذا لم تُوفر الدولة حلولًا عادلة وشاملة، خصوصًا للفئات الأكثر هشاشة. وبين المالك الذي انتظر هذه اللحظة لعقود، والمستأجر الذي يخشى التهجير، تظل مسؤولية الدولة قائمة في تحقيق التوازن وضمان العدالة الاجتماعية في تطبيق هذا القانون.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى