الفساد يلتهم المعاهد القومية.. ترقيات بالخفاء والوزارة تلتزم الصمت

حسام حفني
لم يعد ما يحدث داخل المعاهد القومية مجرد تجاوزات إدارية عابرة، بل تحول إلى منظومة فساد مكتملة الأركان تهدد إحدى أهم مؤسسات التعليم في مصر. فبدلًا من أن تُمنح الترقيات عبر مسابقات شفافة وفقًا للقانون، أصبحت حكرًا على قلة تُختار خلف الأبواب المغلقة، بعيدًا عن أي معايير مهنية أو ضوابط معلنة.
رغم اعتراض عشرات المدرسين ولجوئهم إلى مجلس الدولة بعد حركة الترقيات الأخيرة في عهد الوزير السابق رضا حجازي ورئيس مجلس إدارة المعاهد القومية السابق محمد عيد الهادي، إلا أن النهج ذاته لا يزال مستمرًا، وكأن القوانين لا وجود لها.
الأمر لم يعد يخضع للكفاءة، بل صار رهينة “الواسطة” والشللية. مقابلات سرية، ضغوط على المعترضين، ورسالة صريحة للملتزمين بالقانون: “إما الصمت أو التهميش”. المحسوبية والرشوة باتتا الطريق الوحيد للوصول إلى منصب، فيما تتحكم مجموعات مصالح في كل قرار إداري، تحت أعين الوزارة التي تكتفي بالصمت.
الأخطر أن هذه التجاوزات تتم بشكل علني، بينما ترتفع أصوات العاملين بالمعاهد مناشدين رئاسة الجمهورية التدخل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. فاستمرار هذا الوضع يعني تحويل المعاهد القومية إلى بؤر للفساد والمحسوبية، بينما تُقصى الكفاءات الحقيقية وتُدفن قدراتها.
نحن اليوم أمام أزمة خطيرة لا تحتمل الانتظار، تستوجب تدخلًا مباشرًا من القيادة السياسية لوقف هذا العبث، ومحاسبة المتورطين، واستعادة هيبة مؤسسات التعليم القومي. لقد حان الوقت لتطهير المعاهد القومية من هذه العصابات قبل أن يسقط ما تبقى من منظومة التعليم الوطني.