الحوكمة وشباب مصر

بقلم: محمد ابراهيم الشقيفي
إن الحديث عن القامات القانونية، خاصة من يتناول الدفاع عن القضايا الوطنية، وبصفة خاصة العنصر النسائي، للملمهمات نائبات الدولة المصرية، لأمر شاق لكنه مستساغ، إلا أنه يحتاج إلى تأني فى إعداد الحوار ، عن طريق فلسفة التواضع ، التي تخلع رداء التعالي ، بعيداً عن سيكولوجية التعقيد بإسم إتباع أساليب المنطق، لكن لا بد أن يظهر الوصف بإحساس شفاف، بوضع ضوابط للود، بلغة يفهمها الفضلاء ، بلهجة يدركها عظماء، أرادوا تطبيق قانون الإنسانية، قبل تعلم كيفية التحول إلى التقنية الرقمية لمواكبة التطور. ولدينا نسوة بالعمل القضائي ،تحدثت بجمال اللفظ، الذي يميز المخارج عن اللغو ، تفوهوا بعظمة الحرف، لكي تمضي برفق شراع الضاد ، مع عوداً حميداً، لشاطئ مصر الحديثة دون اصطدام، لقد علموا حاجة المؤسسات القضائية، للتحول الرقمي والرقمنة الأرشيفية، لبناء قاعدة بيانات تحمي هذه المؤسسات من الاختراق، الناتج عنه إبادة السندات، ومحو هوية المعلومات، ومن هناء جاءت مبادرات الوعي، لعدم الإفراط فى استخدام الموارد.
وأرض الكنانة شجرة أصلها ثابت الجذع، محروسة بعين الرب، أغصانها متفرعة بثمار الحق، تنبت بين الحين والآخر الحلم، وحين تتساقط أوراقها مع الخريف، تدفن بحرص حتى لا يتأذى رفات الشهداء، و الحين مصر شامخة الذات، بسواعد لا تلين ولو اشتد الإعصار المميت، وبعد فترات من الكد والصراع، أصبح للنساء في مصر والوطن العربي ، دور محوري لا يقل أهمية عن نضال الرجال، خاصة في المطالبة بعودة الحقوق المسلوبة، أو فى الدفاع باستماتة عن قيمة الصكوك، وانطلقت شرارة البدء في التاريخ، لكي تحارب المرأة، جنباً إلى جنب ،في مواقع المسؤولية، وتمثل الدول فى القضايا المجتمعية، ليس فقط لتنادي بحقوق المرأة، التي قد أغفلت قهراً، فى بعض الدويلات، بل على صعيد أعلي، ظهر الطيف الاسمي، بعدما مكنت الأنظمة والقيادات السياسية ، من التربع متوجه، على عرش المنظمات الدولية، والوقوف نائبة عن الدول، محاربة بسلاح القانون، فى طليعة صفوف الهيئات القضائية، ثمنت مصر هذا الدور ، بعدما دشنت مبدأ المساواة في الدستور المصري، ومن ثم أظهرت المرأة الحقوقية، قدرتها التنافسية فى مجال فن المرافعة، تتحصن بسمو الفكرة، ومنطقية الحكمة، و طفي مع الموج الأزرق، لون الزمرد الأخضر، واسقطت السماء نجمات على منصات العدالة، و لهيئة قضايا الدولة، إحدى قلاع القضاء الواقف،صرح شامخ يحرص بعينه الساهره حقوق الإنسان، واحدى هذه الرموز التي حفرت إسمها، عازفة عن تسليط الأضواء، السيدة المستشارة (مى مروان عبدالله عرفه عطية) الوكيل بهيئة قضايا الدولة ، رئيس أمانة شئون المرأة والرعاية الإنسانية والتطوير والحوكمة، الذي يتبع مباشرة مكتب معالي الوزير(مستشار الهيئة )، والتي بنت سلم المجد بعناء وجهد، لا بالعزف على وتر المدح والثناء، تلك المرأة الحقوقية التي طبقت بمهارة، دراستها للقانون بكلية الحقوق جامعة بنها، فازت عبر امتهان الدفاع عن حقوق الدولة بروح العدل ، و لم يكن التطرق إليها ، قد جاء عبر محض الصدفة، إنما فرضت الحاصلة على (شهادة التقدير من كلية الإعلام جامعة القاهرة ، للمشاركة في احتفالية الكلية باليوم العالمي للمرأة بعنوان الإعلام وقضايا المرأة في الجمهورية الجديدة) نفسها بالتنوع النضالي، فى مختلف المجالات المتعلقة بالجانب الإجتماعي، والتقنية التكنولوجية، فضلاً عن مناهضتها العنف، بكل أشكاله ضد كرامة المرأة ، والذي قابل ذاك بحفاوة الشكر من المجلس القومي للمرأة، تقديراً لجهودها الباسلة لدفع استمرارية العمل بالمجلس لتحقيق أهدافه خلال العام ٢٠٢٣/٢٠٢٢.
لم تكتمل الصورة عن شخصيتها للقارىء بعد ، ونحن نتريث بمفردات تعبيرية ،و يتحلى القلم بالصبر ، فإن نائبات الدولة الأفاضل، يحفرون الصخر ، ليس بالاصابع المطلية بالذهب، بل عقدوا الاجتماعات المتوالية ، و ناقشوا الخطط المقبلة فى المجالس المتخصصة ، وشاركوا فى عرض التصورات، لإحداث نهضة قبل إكتمال التكوين القانوني، وكان للمستشارة مى مروان ، صدى يسبق مجاز الخيال فى الجانب التشريعي، ومن هنا ظهر الترابط الوثيق بأهداف المجلس القومي للمرأة، والتي تراقصت الأحرف، فوق مضباط مسوداته، امتنانا للقلم الذي وقع بمداده ، على القرار رقم ١٢٨ لسنه ٢٠٢٢ الصادر بين شهيق وزفير الأنفس ، و منحها عضوية اللجنة التشريعية بالمجلس القومي للمرأة .
لم تكن حياة نائبة الدولة، عبارة عن تتويج وتكريم من جامعة القاهرة ، أو من المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة ، بل كفاح لقلب جريح، ذاق يوماً مرارة الفقد ، وتلعثم نبض القلب من شدة الحزن ، إنها أخت الشهيد البطل الذي تخلل صدرها الحزن، في لحظات عصيبة ومرعبة، تلك المتفردة التي لم يخفق فى سماء شهرتها ضوء، فقدت السند فجأة ، بعد وقوع الكارثة التي أفجعت القطر المصري (حادث استقصاء القضاء بالعريش)، والذي راح ضحيتها، أخيها المستشار ، الذي نحتسبه عند الله من الشهداء ، القاضي ( محمد مروان عبدالله )، الذي ودع الدنيا ، وهو فى ريعان العمر، بمنتصف عقده الثالث، والذي استشهد على يد فئة (انصار بيت المقدس)، بتاريخ قد حفر فى ذاكرة، أسر الشهداء ٥/١٦/ ٢٠١٥ ، تاركاً للاقدار، طفلة تتفتح أغصانها الندية، مثل زهرة اللوتس البيضاء.
وعلى غرار خطا الصابري ، انكبت على منضدة العلم تتخطي عقبات التعافي، ومثلت هيئة قضايا الدولة، بصفتها نائبة عنها، فى العديد من الدورات التدريبية، بالمجلس القومي للمرأة، ومن ثم نالت بعد الاجتياز، شهادة من المجلس القومي للمرأة، حصاد نتاج الدورة التدريبية، لعضوات هيئة قضايا الدولة التي أقيمت يومي ٢٣،٢٢ يونيو ٢٠٢١، بمقر وزارة العدل حول ( مهارات التواصل والقيادة ومناهضة العنف ضد المرأة)، تلك هى المعادلة التي اختارت أن تكون إحدى أطرافها، المستشارة صاحبة الخلق الرائع (مى مروان)، مرحلة تطوير الذات، من أجل حلم الوصول نحو تحقيق الهدف، فدرست التفكير الإستراتيجي، وتخطت حدود الفكر العادي لتنتهج نحول آليات التحول الرقمي، لتواكب تلك المؤسسة العريقة، متطلبات العصر الذي يحمل أجنحة السرعة، بين ظلال خطاه، ولا سيما فطنت إلى بعض نقاط الضعف ، ربما فى مجال الأمن السحابي، والتشفير المعلوماتي، مما حدا بها إلى الإنفتاح نحو هندسة البرمجيات، دعتها الضرورة إلى التوغل ،بباطن التحول الرقمي، وشاركت فى دورة (التحول الرقمي للقادة الحكوميين بتاريخ ٢٠٢١/٩/٢١)، لتكن تحت مظلة الساعين لتفعيل العمل بآليات التحول من عادية النمطية ، إلى التقنية الرقمية.
وحرصت على تبادل الخبرات للجانب الإداري، والتواصل مع الوزارات المعنية بالشأن التكنولوجيا، ومن ثم فإن مجال البحث والتعلم، مكنها من التقدم، و الشروع ثم البدء عمليا، فى تنظيم الدورات التدريبية للعاملين بهيئة قضايا الدولة ، للوقوف على حقيقة الأمر، و لمعرفة البرمجيات الضارة، والتعرف على أساليب الحماية، من خلال البروتوكولات المتصلة مع وزارة الإتصالات، ولا سيما حصولها على شهادة الاجتياز (من مركز التقييم واعتماد هندسة البرمجيات التابع لهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات)، الأمل فى التزود بسلاح العلم ، جعلها تتطلع إلى المزيد، تعمقت فى دراسة الأمن السيبراني، ونظمت ندوات على اعلي مستوي ، أبرزها فى قطاع حدائق اكتوبر ، لكلا العاملين فنياً وإداريا تحت عنوان ( الوعي التكنولوجي والأمن السيبراني ) بالتعاون مع المجلس الوطني للتدريب والتعليم، بتاريخ ٢٠٢٥/٩/٢٢، حاضر فيها أهل التخصص ، لا ستقبال عام قضائي بفكر جديد ، بغية الحماية أولا من اختراق العقل البشري، قبل حماية أجهزة الحاسوب، من الأضرار الناتجة عن سوء الاستخدامات الضارة، اهتمت بالجانب التوعي، قبل تقديم الدعم المعرفي، لتكن بذلك صاحبة رؤية، فى مجال التقنية الرقمية.
ولا مجال هنا للمفاضلة، أو الدخول فى جو مشحون قبل المناظرة، لكن الأمر متعلق بحسن سير مرفق، أقدم الهيئات القضائية فى مصر، والتي تخطت حاجز القرن ونصف، فهذه الهيبة التي وضع لها حجر الأساس عام ١٨٧٤، وترأسها (عبدالحميد بدوي باشا) والتي تمثل النيابية المدنية للدولة، تحتاج إلى وجود ضابط، لإنقاذ أمن الشبكات والتطبيقات، والمحافظة على البنية التحتية لسد الثغرات ، لحماية خصوصيات أوجه الدفاع، وسرية المعلومات، وخصوصية الأوراق القضائية والإدارية، وربما سيرها قدماً فى درب الحوكمة، و التدرج فى عدة مواطن حيوية، بقسم الهيئة بالجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، والتفتيش الفني بهيئة قضايا الدولة، قد ميز خطاها بالثبات، مما دفع (عضو الجهاز التنفيذي بالهيئة الوطنية للانتخابات)، للاستزاد من بحر العلم، وتطبيق التكنولوجيا على أرض الواقع، دأبت على حضور ورش العمل، حول مبادئ ومفاهيم وتطبيقات الحوكمة فى القطاع الحكومي، ضمن إطار مبادرة سفراء الحوكمة، ونالت نائبة الدولة على أثر ذلك الجهد، العديد من الشهادات المعتمدة، من المعهد القومي للحوكمة والتنمية المستدامة، وبصفة خاصة كان ذلك أبلغ تقدير على مشاركتها في البرنامج التدريبي (هي لمستقبل رقمي عام ٢٠٢٢).
المستشارة التي عملت بالقسم القضائى، بتنوع ملحوظ ، مابين قسم الجزيئات والقضاء الإداري، استفادت جليا من تلك التجارب، ومن خلال الإحتكاك المباشر بالسادة الإداريين، وضعت المستشارة، يدها على المشاكل المرتبطة بالعمل، وعند تكليفها بمهام أمين عام مساعد لشؤون الموظفين، لم تتوانى ولو بقدر قنملة، فى مد حبال العون وعدم قطع سبل المساعدة.
المستشارة مي مروان وكيل الهيئة بالقرار الجمهوري رقم ٤٢٩لسنه ٢٠٢٥، تعد خبيرة للحوكمة القضائية، ونموذج مشرفا قد مثل الهيئة (رئيسا بإحدى اللجان، المنوط بها إجراء مقابلات قبول المتقدمين، للالتحاق بالبرنامج، بالأكاديمية الوطنية للتدريب).
ولكل حديث نهاية، لكن العبرة فى تخطي الصعاب ليس بدايات الثورة على الأدوات التقلدية، بل بالاستمراية بغرس ثمار التقدم نحو الأفضل، لم تتوقف المستشارة مى مروان، الحاصلة على شهادة التقدير من كلية الإعلام جامعة القاهرة نظير مجهود المشارك الممتاز، فى احتفالية الكلية باليوم العالمي للمرأة بعنوان (الإعلام وقضايا المرأة في الجمهورية الجديدة) ، عن الإندماج عشقاً وأنصهارا فى الجانب الإنساني، منذ أن كانت تشغل، منصبي الأمين العام المساعد لشؤون الأعضاء والموظفات وشؤن المقر الرئيسي، ثم لشؤون المرأة والشؤون الإنسانية، أدخلت بكل عقلانية، فن إعادة صياغة المفاهيم الخاطئة، بين عنصري جناحي العدالة بالهيئة، أعادت تشكيل بنيان الود، وبنت جسور من الاحترام بين العضو الفني، والإداري المعاون، ليكتمل الشكل العام، دون ثمة شروخ فى الجانب الوظيفي، هي ملكة فن الحكومة، بلغة أقوي من تكنولوجيا المعلومات ، إنها الفلسفة التي تعتنق شعار ، (لا تقام العدالة لو غاب عنها وئام الاحترام) . وقضايا الدولة، كما عهدنا رائدة سباقة، فى الإحتفال بالمرأة المصرية، ولها مبادرات متنوعة ، وورش عمل حاضرة على الدوم ، تناصر قضايا المرأة، وتقديم الندوات التي لا تقل فى أهميتها، عما يدار من قبل الإتحاد الافرواسيوي، بشأن دبلومات إعداد قيادات المرأة، فضلاً عن تفرد الهيئة بتهيئة المناخ الملائم للارتقاء، بمستوى تقديم الخدمات، المتعلقة بالجانب الوظيفي. و لو فاض جهد المداد بموضوعية وحيادية، لاستطاع بأدوات بسيطة، أن يعرض الجانب المشرق، فى حياة المستشارة الطموحة، التي لم يكتمل بعد عقدها الرابع وهي تتصدر خبرتها المشهد، ليس فقط من خلال طبيعة عملها الفضائي ،الذي حدده دستورنا المصري فى إحدى مواده، مثل صياغة مشروعات العقود، التي تكون الدولة طرفاً فيها، بل إبراز ها فكرة التقدم بسفينة هيئة قضايا الدولة، نحو شاطئ التنمية المستدامة، جعلها تشعل مشكاة الولع، لتنير التقنية الرقمية، ومفاهيم الحوكمة ، منبر الهيئة الموقرة، عبر آليات التحول الرقمي ، وتجنب من يملك المهارات، التي تتعلق بالعمل ، مخاطر اختراق العقل.
إلا أن هذا التوصيف العميق، الذي يضخ الرقي إلى شريان الكلمة، ليس بمثابة النهاية، بل ما يقدم من مبادرات ، بداية لإعداد جيل متميز، من أبناء المستشارين، أو الكادر الإدارى، دون تمييز عرقي، طفرة من نبل الأخلاق ، ومن ثم جاء استكمال العهد، بتقديم منحة مجانية جديدة بتاريخ ٢٠٢٠/٩/٢٣ تحت عنوان (أشبال مصر الرقمية)، بالتعاون مع وزارة الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات، لتعليم أولادنا مواكبة كل جديد.
و تعد رئيس شؤون أمانة المرأة، انموذجا متزن لاستمرارية العطاء، ومازال اللون الفضي، لإنارة الجانب الإنساني، و لإعداد جيل متميز ،فى مختلف التطبيقات، لتواكب أولادنا، التعامل مع مستجدات الحداثة، دون الالتفات إلى صغر سن هذا النشء، إيمانا منها أنهم أبطال الغد .






