مقالات

سيد حسن الأسيوطي يكتب … بعد استقرار سوريا ودول أخرى.. هل حان وقت عودة اللاجئين؟

بقلم الكاتب والسياسي سيد حسن الأسيوطي
منسق ائتلاف إحنا الشعب

منذ اندلاع الأزمة في حرب الخليج الأولى مرورًا بالأحداث المتلاحقة في المنطقة، وصولًا إلى الأزمة السورية، احتضنت مصر الأشقاء العرب بلا قيد ولا شرط، ففتحت لهم أبوابها، واستقبلتهم كأبناء لها، يعيشون بين المصريين في المدارس والجامعات، في الأسواق والمصانع، وفي مختلف مناحي الحياة. ولم تتوانَ الدولة المصرية، ولا الشعب المصري، عن مد يد العون لهم، حتى أصبحت مصر بحق دولة داخلها دولة من اللاجئين، تتحمل على أرضها أعباء ما يزيد عن *عشرة ملايين لاجئ* بحسب التقارير المحلية الرسمية، إلى جانب مئات الآلاف من الإخوة والأصدقاء الضيوف والدارسين المقيمين إقامة كاملة منذ أعوام طويلة. وكل ذلك في وقت لم تستطع فيه دول غنية في المنطقة أن تستقبل سوى بعض الآلاف، بينما أغلقت أخرى أبوابها تمامًا في وجه طلبات اللجوء.

لقد كان ذلك الموقف نابعًا من إيمان راسخ بالعروبة، وبواجب التضامن الإنساني والأخوي. لكن الواقع يقول إن الشعب المصري دفع – ولا يزال يدفع – ثمنًا باهظًا. فالأزمات الاقتصادية المتلاحقة، وضغط الموارد، وارتفاع معدلات البطالة، كلها عوامل جعلت من ملف اللاجئين عبئًا إضافيًا أثقل كاهل المصريين. وتشير التقديرات الرسمية إلى أن مصر تنفق سنويًا أكثر من *10 مليارات دولار* على رعاية اللاجئين، وهو مبلغ ضخم يرهق ميزانية الدولة المصرية ويستهلك جزءًا كبيرًا من مواردها المحدودة، في ظل أزمات اقتصادية ومعيشية متلاحقة.

واليوم، وقد بدأت الأوضاع في سوريا تشهد استقرارًا ملحوظًا، ومع القرارات الدولية الأخيرة برفع العقوبات عن دمشق وفتح الأفق أمام إعادة الإعمار، يصبح من الطبيعي أن تُطرح التساؤلات الجادة: أليس الوقت قد حان ليعود الإخوة إلى وطنهم؟ أليس الأجدى أن يشاركوا بأيديهم وعقولهم في بناء سوريا من جديد، بدلًا من البقاء بعيدًا عنها؟

إن عودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم لا تعني تخلّي مصر عن أشقائها، بل هي خطوة منطقية تحفظ كرامة السوريين أنفسهم، وتمنحهم دورًا محوريًا في صناعة مستقبل بلدهم. وفي الوقت نفسه، تخفف عن الشعب المصري الذي تحمّل سنوات طويلة فوق طاقته، واضعًا إنسانيته وعروبته قبل مصالحه الذاتية.

من هنا، يدعو ائتلاف إحنا الشعب إلى إطلاق خطة منظمة لعودة آمنة وكريمة للأشقاء السوريين، تضمن لهم حقوقهم، وتراعي مصالحهم، وتساهم في إعادة إعمار دولتهم. فالمستقبل الحقيقي لأي شعب هو على أرض وطنه، بين أهله، لا في المنافي المؤقتة مهما طالت.

إن مصر التي احتضنت وضحّت، لا تطلب اليوم إلا ما هو عادل ومنطقي: أن يتحمّل كل شعب مسؤوليته في بناء وطنه، وأن ينال الشعب المصري حقه في تخفيف الأعباء التي أنهكته عقودًا طويلة.

ورغم هذا العبء الهائل الذي فاق قدرات دولة نامية، فإن مصر لم تغلق أبوابها يومًا واحدًا في وجه طالب لجوء، ولم تضع حواجز أو أسوارًا تمنع دخول الهاربين من ويلات الحروب، لتظل مثالًا حيًا على العروبة الحقيقية والإنسانية الصادقة، مقارنة بدول أخرى أغلقت حدودها أو قصرت استقبالها على أعداد محدودة.

فلنكن جميعًا أوفياء لرسالة العروبة الحقيقية: التضامن في الشدائد، والعودة إلى الأوطان لبناء حاضر ومستقبل يليق بالشعوب الحرة.
حفظ الله الوطن وتحيا مصر وتحيا لأمة العربية بوحدتها دائما وابدا رغم أنف المفسدين والحاقدين والمتربصين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى