مقالات

تعدد لهجات اللسان الشعبي في مصر

تعدد لهجات اللسان الشعبي في مصر

 

كتب :حاتم عبدالهادي السيد

 

تتعدد اللهجات في مصر المحروسة بتعدد الأقاليم ؛ بل تتعدد على مستوى المحافظة الواحدة؛ فمصر بلد كوزمبولتينى؛ انصهرت فيه قوميات؛ وتمصرت فيه لهجات؛ وتكونت عبر التاريج مزيجاً للهجة العامية المصرية؛ التى تقترب من ” اللغة الرسمية ” – الفصيحة –فهى تتميز بالإبدال والإدغام والقلب للحروف حيث تنطق الجيم مرققة وليست معطشة كالفصحى؛ وتٌقلب القاف ألف / وهكذا لكنها اللهجة الأقرب إلى كل العرب؛ إذ تتميز ببساطة النطق؛ واستخدام السهل غير الحوشى؛ كما تبتعد عن الأسماء والمعانى الغريبة .

لكن مصر – على مدى عصورها – تعرضت لحروب كثيرة؛ وغزو واستعمار متكرر لكن اللهجة المصرية استطاعت أن تحوى لغات ولهجات كل من غزاها منذ عهد الهكسوس في العصر الفرعونى وانتهاء بالإستعمارينالتركىالعثمانى؛ والبريطانىوالفرنسى كذلك .

كما لو علمنا ان مصر تعرضت لهجرات عربية متعددة منذ القرن الأول الهجرى؛ وما قبل ذلك؛ ونزوح كثير من القبائل العربية من اليمن وشبه الجزيرة العربية إليها لإستطعنا أن نبرر كم اللهجات المتباينة في الأقاليم المصرية فبادية سيناء تستخدم اللهجات المحلية إلى جانب اللهجات العربية التى استوردتها من اللسان البدوى عبر الهجرات التى مرت بها؛ فسيناء معبر الطريق البرى إلى مصر؛ ومنها وفد الغزاة/ والتجار؛ كما وفد المهاجرون كذلك؛ ولقد تعددت لهجات شبه جزيرة سيناء بتعدد القبائل التى استقرت به؛ والتى جاءت من بادية الشام؛ ومن اليمن؛ ومن شبه الجزيرة العربية؛ فتلون اللسان بتلك اللهجات على مستوى القبيلة الواحدة؛ بل وعلى مستوى الثقافة التى نزحت منها؛ فهاك قبائل اختلطت باللهجات الموجودة في المكان فغدت لهجتها ” لهجة ثالثة ” بين اللهجتين : الأصلية والمكتسبة وتغير اللسان؛ ودخله ” اللحن ” حتى على مستوى اللهجة؛ لا اللسان الفصيح كذلك .

كما انتقلت بعض القبائل لتعيش في الدلتا فتأثرت بلهجات ” الفلاحين وأهل القرى ” الريفية؛ وغدت لهجات تنصهر في المصهور اللهجى العامى للهجة المصرية التى رأيناها تستوعب كل اللهجات وتصبغ عليها محلية خاصة؛ وكأنها تأممها لصالحها – في كل الأوقات والعصور- فغدت لهجتها تختلف عن لهجات أهل الصعيد كما في مركز ومدينة جرجا مثل الذين يبدلون الجيم دالاً ؛ أو يبدلون القاف دالاً ؛ وتختلق لهجات الصعيد باختلاف القبائل التىاستقؤت بها؛ واختلاطهم باللهجات القبطية هناك ؛ إذ ” طيبة ” هى عاصمة مصر القديمة التى كانت تتحدث باللغة العامية؛ وباللحن العامىالقبطى؛ والذى كانت تغذيه الهجة الكنسية الخاصة؛ فلما جاء الفتح الإسلامى لمصر نزحت مع عمرو بن العاص (73 قبيلة عربية) شكلت مقومات اللسان اللهجىالمصرى ؛ لكنها أيضاً ترققت بظراً لرقة اللهجة المصرية كذلك .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى