أخبارشئون عالمية

نتنياهو يلوح بضرب إيران مجددا.. وخامنئي يرد بتحذير من العيار الثقيل

 

كتبت: رانيا سمير

بينما لا تزال نيران الحرب في غزة مشتعلة، تتجه أنظار العالم مرة أخرى إلى جبهة أخرى أكثر خطورة، وأكثر قابلية للاشتعال في أي لحظة: الجبهة الإيرانية الإسرائيلية.

فقد كشفت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أبلغ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤخرًا بنيته استهداف إيران مجددًا، حال توافرت شروط معينة، في رسالة تعكس التصعيد المتزايد والتوتر المتراكم بين الجانبين.

العودة إلى مربع المواجهة

بحسب الصحيفة، فإن نتنياهو أوضح لترامب أن إسرائيل مستعدة لتوجيه ضربات عسكرية ضد إيران إذا ما استأنفت طهران برنامجها لتطوير السلاح النووي. لم يكن رد ترامب رفضًا قاطعًا، بل عبّر عن تفضيله لحل دبلوماسي، مع تأكيده أنه لا يعارض خطط إسرائيل، ما يعني ضوءًا أخضر ضمنيًا لأي تحرك عسكري منفرد أو مشترك، في حال وُجدت “مبررات واقعية”.

ونقلت وول ستريت جورنال عن مسؤول إسرائيلي رفيع أن تل أبيب باتت مستعدة للتحرك حتى دون التنسيق مع الولايات المتحدة، إذا ما شعرت بأن خطر امتلاك إيران لسلاح نووي بات وشيكًا. وأضاف المصدر: “هذه المرة لن ننتظر، حتى وإن لم توافق واشنطن”.

القلق يتجدد في تل أبيب

وفق التقرير، فإن الاستخبارات الإسرائيلية حصلت على معلومات تفيد بأن جزءًا من مخزون اليورانيوم الإيراني في منشأة أصفهان لم يتضرر في الهجوم الأخير، الأمر الذي أعاد إلى تل أبيب مخاوفها القديمة بشأن قدرة طهران على استعادة زخمها النووي بسرعة. واعتبرت هذه المعلومات سببًا رئيسيًا في تصاعد لهجة التصريحات الإسرائيلية الأخيرة.

خامنئي يرد برسالة صاروخية

الرد الإيراني لم يتأخر. فقد خرج المرشد الأعلى للثورة الإسلامية، علي خامنئي، بتصريحات شديدة اللهجة، حذّر فيها من أن القواعد الأمريكية في الشرق الأوسط “لن تبقى آمنة” إذا ما قررت واشنطن أو تل أبيب المغامرة بمهاجمة إيران.

وأشار خامنئي إلى الهجوم الصاروخي الباليستي الذي استهدف مؤخرًا قاعدة “العديد” الجوية في قطر، معتبرًا أنه “ليس حادثًا صغيرًا بل رسالة واضحة”، وقابل للتكرار في حال استمرت الاستفزازات. القاعدة، التي تُعدّ المقر الرئيسي للقيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM) في المنطقة، تعرضت لأضرار في قبة الرادار، وفق صور أقمار صناعية تم الكشف عنها هذا الأسبوع، ما أحرج منظومات الدفاع الأمريكية متعددة الطبقات.

البنتاجون يعترف بالاختراق

تصريحات خامنئي تزامنت مع بيان رسمي من البنتاجون أكد فيه أن أحد الصواريخ أصاب القاعدة بالفعل، مشيرًا إلى أن الهجوم الأخير كان “أكبر عملية استهداف منفردة لنظام باتريوت في تاريخ الجيش الأمريكي”، رغم نجاح القوات في احتواء الضرر الأكبر، بحسب وصف الجنرال دان كين، رئيس هيئة الأركان المشتركة.

رسائل ومفاوضات معلّقة

ورغم التصعيد، تشير بعض المؤشرات إلى محاولات خلف الكواليس لاحتواء الموقف. فقد صرّح **علي لاريجاني**، مستشار المرشد الإيراني، بأن طهران تلقت رسائل من الولايات المتحدة بشأن استئناف المحادثات النووية، لكنها لم تعد تثق بواشنطن بعد “العدوان الأمريكي الإسرائيلي المشترك”.

وأضاف لاريجاني أن ما حدث في 13 يونيو، من اغتيال قادة عسكريين وعلماء نوويين ومدنيين إيرانيين، وما تلاه من **هجمات أمريكية في 22 يونيو على ثلاث منشآت نووية، “جعل خيار الحرب هو السائد”، بعد انهيار المسار التفاوضي الذي رعته سلطنة عمان لخمسة جولات متتالية، قبل أن يتم إلغاء الجولة السادسة التي كانت مقررة في 15 يونيو.

سيناريوهات خطرة

في خضم هذه الأجواء، تبدو المنطقة وكأنها على أعتاب مواجهة جديدة، تتجاوز التهديدات الكلامية إلى احتمالات الفعل، في ظل تراشق لغوي غير مسبوق بين قادة المحورين. فقد وصف لاريجاني العقيدة السياسية للرئيس الأمريكي ورئيس الوزراء الإسرائيلي بأنها “سلام بالقوة”، مشيرًا إلى أنها “نظرية رجعية تعود إلى عصور الدماء لا الدبلوماسية”، في إشارة إلى أن طهران ترى أن مفاوضات القوة لم تعد قابلة للحياة.

 

في ظل هذا التصعيد، وبين لهجة نتنياهو الصدامية، وتحذيرات خامنئي المتكررة، وتذبذب الموقف الأمريكي، يبقى المشهد مفتوحًا على كل الاحتمالات. فشرق أوسط اليوم ليس شرق أوسط الأمس، وإيران التي اختبرت الردّ لم تعد في موقع المهادنة، وإسرائيل التي تقرع طبول الحرب تتصرف بثقة مفرطة بغطاء سياسي دولي هش، أما واشنطن فتبدو عالقة بين رهانها على “الدبلوماسية بالقوة” ومخاوفها من انفجار لا يمكن احتواؤه.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى