ستيف ويتكوف صانع الصفقات.. اليد الخفية وراء تحركات ترامب في الشرق الأوسط

في أجندة صاخبة ومثيرة للجدل، يعتمد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على صديقه المقرب ستيف ويتكوف، الذي تحول إلى أحد أبرز صناع القرار في إدارته، متجاوزًا أدوار المسؤولين التقليديين في الدبلوماسية الأمريكية. ومع عودته إلى البيت الأبيض، منح ترامب لويتكوف حقيبة ملفات شائكة، على رأسها إنهاء الحرب في أوكرانيا وإعادة رسم ملامح السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط، ما جعله شخصية محورية في دوائر صنع القرار.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية تامي بروس إن ويتكوف سينضم يوم الثلاثاء إلى وزير الخارجية ماركو روبيو ومستشار الأمن القومي مايكل والتز للقاء كبار المسؤولين الروس في المملكة العربية السعودية لمناقشة الحرب في أوكرانيا.
يُعرف ويتكوف، وهو ملياردير ومستثمر عقاري، بقدرته الفائقة على التفاوض وعقد الصفقات. حيث أصبح العنصر الأساسي في تنفيذ أجندة ترامب الدولية. ويؤكد مقربون منه أنه يتمتع بأسلوب تفاوضي سلس ومباشر، وهو ما أثبته في عدد من الملفات الحساسة، مثل التوصل إلى صفقة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للإفراج عن الأمريكي مارك فوجل، فضلًا عن دوره في إقناع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بقبول اتفاق تبادل الأسرى مع حماس.
عرّاب الصفقات في الشرق الأوسط
رغم أن وزير الخارجية ماركو روبيو هو الوجه الرسمي للدبلوماسية الأمريكية، فإن المطلعين على كواليس البيت الأبيض يدركون أن ويتكوف هو المهندس الفعلي لكثير من التحركات، خاصة في ملفات الشرق الأوسط. ووفقًا لمسؤول عربي بارز، فإن من يريد التفاوض مع إدارة ترامب، عليه التعامل مباشرة مع ويتكوف، الذي أصبح رمزًا لصنع الصفقات.
تكتيكاته التفاوضية مستمدة من خبرته الطويلة في قطاع العقارات. حيث كان أحد أبرز رجال الأعمال في نيويورك، ويقال إن ترامب يصفه بأنه “أحد أعظم صناع الصفقات في العالم”. وبحسب مسؤول أمريكي رفيع، فإن ويتكوف يفضل الاجتماعات السريعة والمباشرة، ويبحث عن محاورين مخوّلين بإبرام اتفاقات فعلية، بعيدًا عن البيروقراطية والمفاوضات المطولة.
خلال المحادثات حول وقف إطلاق النار في غزة، ظهر ويتكوف بأسلوب غير تقليدي، حيث حضر بعض الجلسات في الدوحة بملابس غير رسمية، ما عكس أسلوبه العملي وسرعته في اتخاذ القرارات. وبحسب مسؤول إسرائيلي، فإن طاقة ويتكوف ورغبته في الحسم كانت من العوامل الرئيسية التي أدت إلى إنجاح الاتفاق.
رجل ترامب المخلص في عالم السياسة
بعيدًا عن الأضواء، لعب ويتكوف أدوارًا محورية في ترتيب العلاقات داخل الحزب الجمهوري، خاصة خلال حملة ترامب الانتخابية عام 2024. كان العقل المدبر وراء المصالحة بين ترامب وحاكم فلوريدا رون دي سانتيس. كما توسط في تهدئة التوتر بين ترامب وحاكم جورجيا برايان كيمب. حتى أن علاقته الوثيقة مع نيكي هيلي، التي كانت منافسة لترامب في الانتخابات التمهيدية، دفعته لعقد لقاء سري معها في ساوث كارولينا، في محاولة لتوحيد صفوف الحزب.
وعلى المستوى الدولي، يواجه ويتكوف تحديات كبرى، أبرزها المفاوضات السرية مع موسكو حول أوكرانيا، حيث تسعى إدارة ترامب إلى التوصل لاتفاق يسمح لروسيا بالاحتفاظ ببعض الأراضي التي سيطرت عليها. وهو ما أثار استياء الحلفاء الأوروبيين. كما يحاول فتح قنوات اتصال مع إيران، في خطوة تهدف إلى التفاوض على اتفاق نووي جديد، وسط حالة من الترقب الإقليمي والدولي.
من ملاعب الغولف إلى كواليس السلطة
تعود صداقة ترامب وويتكوف إلى الثمانينيات، عندما كان الأول مقاولا ناشئا في نيويورك، بينما كان الثاني محاميا عقاريا بارزا. لكن علاقتهما لم تكن مجرد صداقة عابرة، إذ أصبح ويتكوف أحد أقرب مستشاري ترامب. حتى في أصعب الأوقات. فعلى عكس كثير من أصدقاء ترامب الذين تخلوا عنه بعد اقتحام الكابيتول في 2021، ظل ويتكوف وفيًا ولم يبتعد عن دائرته.
ورغم نفوذه الواسع، يفضل ويتكوف البقاء في الظل، بعيدا عن الأضواء الإعلامية، لكنه يظل حاضرا بقوة في كواليس السياسة الأمريكية. وبينما تستخدم إدارة ترامب خبرته التفاوضية لإعادة رسم العلاقات الدولية. يترقب الجميع ما إذا كان هذا الرجل الذي بدأ حياته في عالم العقارات، سيتمكن من إعادة تشكيل المشهد السياسي العالمي بنفس البراعة التي صنع بها صفقاته العقارية.