السيد هاني يكشف أصل القصة في المساعدات الأمريكية لمصر

في لحظة تاريخية فارقة في الشرق الأوسط، كانت المساعدات الأمريكية لمصر بمثابة نقطة تحول حاسمة في مسار العلاقات الدولية والإقليمية. ومع توقيع الرئيس الراحل أنور السادات على اتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل في عام 1978، واجهت مصر تحديات هائلة على الصعيدين السياسي والاقتصادي. وفي هذا السياق، تحدث السيد هاني، نائب رئيس تحرير جريدة “الجمهورية” والكاتب المتخصص في الشئون الدولية وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية، عن الظروف التي أحاطت بتقديم تلك المساعدات، مؤكداً أن “التوقيت” كان له دور محوري في اتخاذ هذا القرار الأمريكي. في هذا التقرير، نعرض تفاصيل هذه المساعدات، التي جاءت في وقت حساس، في محاولة لفهم دوافع الولايات المتحدة الأمريكية وتأثيراتها على مصر في تلك الفترة.
الحرب السياسية والاقتصادية ضد مصر بعد السلام مع إسرائيل
وبشأن التصعيد السياسي ضد مصر بعد توقيع الرئيس الراحل أنور السادات اتفاقية السلام مع إسرائيل، قال السيد هاني: “كانت الحرب على مصر متعددة الأوجه. على الصعيد السياسي، تعرضت مصر لمحاولات لتجميد عضويتها في عدة منظمات إقليمية ودولية. وكان ذلك يهدف إلى فرض عزلة على مصر، وذهب الصراع إلى حد إلغاء مقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية من القاهرة إلى تونس.” وأضاف السيد هاني: “هذه الحرب لم تكن مجرد مؤتمرات دبلوماسية، بل شملت أيضا حملات هجومية وصلت إلى حدود التلاسنات غير المألوفة في الأوساط الدبلوماسية.”
الضغط الاقتصادي والعمالة المصرية في الخليج
وفيما يتعلق بالجانب الاقتصادي، أوضح السيد هاني أن دول الرفض حاولت خنق مصر اقتصاديًا عبر منع تقديم أي مساعدات مالية. وقال: “دول الخليج كانت تحت ضغط دول الرفض، مما دفع بعضها إلى إنهاء عقود العمالة المصرية في الخليج، واستبدالها بالعمالة الآسيوية. كانت هذه خطوة تهدف إلى الضغط على مصر سياسيًا واقتصاديًا.” وأشار السيد هاني إلى أن “العمالة المصرية، خاصة في قطاع التعليم والإعلام، كانت محط اهتمام تلك الدول. ورغم محاولات التضييق، ظلت هناك مجالات لا تستطيع دول الخليج الاستغناء عنها، مثل المدرسين والصحفيين المصريين.”
دور الصحفيين في الهجوم على مصر
فيما يتعلق بالصحافة، أكد السيد هاني أن هناك محاولات لتشويه صورة مصر في الصحافة الخليجية من قبل بعض الصحفيين السوريين واللبنانيين الذين هاجموا مصر بعد توقيع اتفاقية السلام. وأضاف: “في هذا الوقت، استبدلت العديد من الصحف الخليجية الصحفيين المصريين بأقرانهم من سوريا ولبنان، مما أدى إلى حملات تطاول على مصر على صفحات الصحف.” وأشار إلى الحادثة الشهيرة التي حدثت بعد اغتيال الرئيس السادات، حيث كتب أحد الصحفيين السوريين في صحيفة إماراتية “مانشيت” بعنوان “اغتيال الخائن”، وهو ما دفع الشيخ زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة آنذاك، إلى اتخاذ قرار فوري بإنهاء عمل هذا الصحفي.
دعم أمريكي لمصر في ظل الظروف الإقليمية والدولية
حول سبب تقديم المساعدات الأمريكية لمصر، أوضح السيد هاني أن الولايات المتحدة كانت تهدف إلى مساعدة مصر على التعافي من الأضرار التي لحقت بها اقتصاديًا نتيجة المقاطعة العربية. وقال: “كانت المساعدات المالية الأمريكية تهدف إلى تعويض مصر عن الأضرار التي لحقت باقتصادها بعد المقاطعة العربية. بينما كانت المساعدات العسكرية تهدف إلى تحويل اعتماد الجيش المصري من السلاح السوفييتي إلى السلاح الأمريكي، وهو ما كان يخدم المصالح الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة.”
وفي ختام تصريحاته، أكد السيد هاني أن المساعدات الأمريكية لمصر جاءت في سياق دقيق ومعقد من التوترات الإقليمية والدولية. وأضاف: “لا شك أن توقيع مصر على اتفاقية السلام مع إسرائيل كان له تداعيات كبيرة على كافة الأصعدة. ولكن، كانت تلك المساعدات بمثابة دعم استراتيجي لمصر في مواجهة الضغوط السياسية والاقتصادية التي تعرضت لها من دول الرفض.”