مخاوف من مخطط لتقسيم السودان بعد تصاعد احداث الفاشر

حسام حفني
تشهد الساحة السودانية تطورات متسارعة اعادت الى الواجهة مخاوف قديمة بشأن سيناريوهات تقسيم البلاد خاصة بعد الاحداث الدامية التي شهدتها مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور والتي باتت تحت سيطرة شبه كاملة لقوات الدعم السريع وسط اتهامات بتدخلات خارجية واجندات اقليمية تسعى لاعادة رسم خريطة السودان من جديد
خلفية تاريخية
تعود جذور الازمة السودانية الى عقود من النزاعات الداخلية التي غذتها عوامل عرقية ودينية وسياسية ففي تسعينات القرن الماضي بدأت بوادر الانقسام بين شمال السودان وجنوبه في ظل حكم الرئيس الاسبق عمر البشير ونظامه الاسلامي الذي رفع شعارات دينية مثل التمكين والشريعة لكنه واجه انتقادات واسعة بسبب ممارسات الاقصاء السياسي واتهامات بانتهاكات ضد الاقليات
انتهى ذلك المسار بانفصال جنوب السودان رسميا في عام الفين واحد عشر في خطوة وصفت بانها سابقة خطيرة فتحت الباب امام مزيد من الانقسامات داخل الدولة السودانية بعد ان فقدت الخرطوم نحو ثلثي مواردها النفطية وعمقها الجغرافي والاستراتيجي
الدعم السريع القوة التي تحولت الى لاعب اقليمي
قوات الدعم السريع التي انشئت في البداية لمساندة الجيش خلال النزاعات في دارفور تحولت خلال السنوات الاخيرة الى قوة موازية للدولة ومع اندلاع الصراع المسلح بينها وبين الجيش السوداني في عام الفين وثلاثة وعشرين باتت تمسك بمفاصل مناطق واسعة من غرب البلاد وتفرض واقعا ميدانيا جديدا يثير تساؤلات حول نوايا اقامة كيان ذاتي في الاقليم
مصادر دبلوماسية واقليمية اكدت ان اتصالات غير معلنة جرت خلال السنوات الماضية بين قادة الدعم السريع ومسؤولين اسرائيليين وامريكيين في اطار ما سمي بخطوات التطبيع وهو ما فتح باب التكهنات بشأن دعم خارجي غير مباشر لتفتيت السودان الى كيانات متعددة على اسس عرقية وجغرافية
البعد الاقليمي والدولي
تشير تحليلات مراكز ابحاث عربية وغربية الى ان السودان يمثل محورا استراتيجيا في معادلة الامن الاقليمي للبحر الاحمر ومنطقة القرن الافريقي لذلك فان اي تفكك داخلي في السودان ستكون له تداعيات مباشرة على مصر واثيوبيا وتشاد وجنوب السودان ويرى محللون ان قوى دولية على راسها الولايات المتحدة واسرائيل تسعى منذ سقوط نظام البشير الى اعادة هيكلة التوازنات في السودان بما يخدم مصالحها الامنية والاقتصادية من خلال اضعاف الجيش السوداني وابقاء البلاد في حالة عدم استقرار مزمن
مشروع برنارد لويس يعود الى الواجهة
يستحضر بعض الخبراء ما يعرف بمشروع برنارد لويس المفكر الامريكي من اصل بريطاني الذي اقترح في ثمانينات القرن الماضي تقسيم العالم العربي والاسلامي الى دويلات طائفية وعرقية لضمان تفوق اسرائيل الاقليمي ويعتبر هؤلاء ان ما يحدث اليوم في السودان قد يكون تطبيقا متأخرا لتلك الرؤية من خلال محاولات تفكيك الدولة المركزية وتحويلها الى اقاليم متصارعة
تداعيات محتملة
وفقا لمصادر سياسية في الخرطوم فان استمرار الوضع الراهن في دارفور قد يؤدي الى تكريس واقع جديد يتمثل في تقسيم فعلي للسودان الى ثلاثة كيانات رئيسية
اقليم دارفور تحت نفوذ الدعم السريع
الشرق السوداني الذي يشهد تحركات قبلية مدعومة من اطراف اقليمية خصوصا اثيوبيا
الشمال والخرطوم بمركز هش يخضع لتجاذبات داخلية وخارجية






